عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-May-2018

مساجد الاردن .. تاريخ عابق بالايمان - مسجد الكلية العلمية الاسلامية في جبل عمان

 

وليد سليمان
الراي - اول ما أنشئت مدارس الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمان قرب الدوار الاول عام 1947م , وهي مؤسسة غير ربحية تطبق الفلسفة التربوية المنبثقة عن أهداف الجمعية ” جمعية الثقافة الاسلامية ”.
وتتلخص في تخريج الأجيال المسلمة الواعية المتسلحة بالعلم والإيمان، ضمن نظرية تربوية إسلامية معتدلة،وهي مرخصة من قبل وزارة التربية والتعليم الأردنية وتعمل على توفير فرص التعليم للطلبة من مرحلة رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة .
وتوفر لطلبتها دراسة المناهج بما يتوافق مع رؤية المدارس ورسالتها مع التركيز على اللغات الإنجليزية والصينية إلى جانب العربية،وتهتم بإبراز النشاطات وأوجه الإبداع لدى طلبتها وتعمل على زيادة تفاعلهم مع مجتمعهم المحلي يساعدها في ذلك ما يتوفر فيها من إمكانات كبيرة في مجال الأبنية والمرافق المدرسية والتجهيزات الفنية والكوادر البشرية المؤهلة،ويبلغ عدد طلبتها ما يقارب 5400 طالب وطالبة ، علما بأنه قد تخرج ما يقارب 16000 طالب وطالبة من مدارس الكلية منذ تأسيسها وحتى عام2017.
وتضم مدارس الكلية عشر مدارس موزعة بين موقعي جبل عمان والجبيهة ولكل منها مرافقها وملاعبها ومختبراتها العلمية والحاسوبية وقاعاتها، وتجهيزاتها الصفية .
المسجد الجميل في الستينيات
عندما كنت فتىً صغير السن أسكن مع عائلتي في حي المهاجرين الذي يقع تحت منطقة جبل عمان المطل على رأس العين , كنت أذهب مع بعض رفقاء الحارة الى ملاعب الكلية العلمية الاسلامية لمشاهدة المباريات الحامية ما بين نوادي كرة القدم الشهيرة في ستينات القرن الماضي : الفيصلي , والجزيرة , والأهلي , و الجيل , والزمالك المصري .
وكنا نتشعبط عل أسوار الكلية , أو ندخلها من أماكن فرعية بعيدة عن الملعب .. وكنا نلاحظ المسجد الجميل مسجد الكلية العلمية الاسلامية .
وحتى أيامنا الحاضرة ما زال هذا المسجد القديم يطل على حرم الكلية وعلى الشارع العام , ليصلي فيه أبناء المجتمع المحلي المحيطون به , إلى جانب الطلبة والمعلمين والهيئات الإدارية والتدريسية فيها .
وقد خصصت بعض الحصص للمسجد يتم خلالها اصطحاب الطلبة وخاصة الأطفال منهم إلى المسجد حيث يتم تعليمهم أركان الدين الإسلامي الحنيف وكيفية الوضوء والصلاة إضافة لدروس تحفيظ القرآن الكريم وتلاوته .
وقد تم بناء المسجد في جبل عمان على فترتين .. فقد شيد الجزء الأول منه الحاج عمر بن عزو البعلبكي وذلك عام 1370هـ/1950م ، ثم الجزء الثاني على حساب الحاج حمزة ملص وأولاده عام 1374هـ/1954م .
وقائع الصلاة بالإذاعة الاردنية
وكان لهذا المسجد دور كبير وتأثير واضح ليس لمنطقة جبل عمان فقط بل على المملكة كلها .. حيث كانت الإذاعة الأردنية تنقل منه وقائع صلاة الجمعة .. وفترات الغروب في ( شهر رمضان ) , وتسجيل قراءات للقرآن الكريم لعدد من القراء مسجد الكلیة العلمیة الاسلامیة في جبل عمان - صحیفة الرأي 2018/25/5 المعروفين على مستوى الوطن العربي.
ومنهم شيخنا الجليل قارئ القرآن الشهير ” محمد ابو شوشة .. ففي الطريق الى مسجد الكلية العلمية الاسلامية وبداخله يخيم علينا الزهد والخشوع .. حيث الساحة الصغيرة التي يمر منها المصلون ذاهبين الى المتوضأ والى داخل المسجد.
ونتوقف لمشاهدة مئذنة المسجد الحجرية المزخرفة ومن ثم ننظر الى مشهد أقرب: الى واجهة المسجد حيث البوابة الرئيسية التي يعلوها حجر قديم كتبت عليه: الآية القرآنية المحفورة بالحجر )إنما يعمر مساجد االله من آمن باالله واليوم الآخر) ومعلومة على بلاطة التشييد مكتوبة حفراً كما يلي: ( شيده الحاج حمزة ملص وأولاده عام 1954م - 1374هـ).
بُنَيَ على مرحلتين
وفي داخل هذا المسجد الذي لا هو بالصغير ولا بالكبير.. إنه مسجد متوسط الاتساع تبدو عليه الاناقة والنظافة، ومن ثم نفاجأ عند دخولنا الى بوابة اخرى شاسعة بمعلومات أخرى مكتوبة فوقها على حجر التشييد وهي: (شيد هذا المسجد الحاج عمر بن عز البعلبكي عام 1950 (لنكتشف ان هذا المسجد قد تم بناؤه على مرحلتين .
والمسجد يتكون من قسمين وذلك حتى يتسع لأكبر عدد من المصلين هذا ما كان سابقا.. فما بالك الآن؟! اذا ما نظرنا الى تزايد عدد السكان والمصلين في الحاضر!! .
والقسم الثاني من المسجد والمشيد في العام 1954 اكثر تهوية في الصيف.
ذكريات الشيخ ابو شوشة وكنت قديماً قد إلتقيت في هذا المسجد العريق بالمحبة الله والناس مع علم من أعلام التلاوة والتجويد والتربية المقرىء (محمد ابو شوشة) .
انه الصوت الذي طالما سمعناه يقرأ ويتلو القرآن الكريم من الاذاعة والتلفزيون الاردني ومن المسجد الاقصى المبارك قديما.
والمقرىء الشيخ ابو شوشة كان قديماً إماماً لهذا المسجد في العام 1953 حيث أنشىء اولاً لطلاب مدرسة الكلية العلمية الاسلامية , ثم ايضاً لأهل الحي القريبين منه .
ويتذكر ابو شوشة قائلا : لقد كانت صلاة الفجر مع قراءة القرآن والتواشيح الدينية تتم في هذا الجامع بصوتي وتنقل في بث حي ومباشر الى الاذاعة الاردنية وذلك في الخمسينيات من القرن الماضي.
ويتحدث الشيخ مستذكراً أحد المواقف : ففي احد أيام فصل الشتاء هطل الثلج بغزارة فوق عمان .. حيث لم يأت المصلون الى المسجد بسبب تراكم الثلوج في جبل عمان إلا شخص واحد!! جاء وشجعني على فتح المسجد , والصلاة فيه أنا وإياه فقط !! في صلاة الفجر، وتلك حادثة لا تنسى.
ومن خلال التجوال في المسجد لنلاحظ النوافذ الحديدية القديمة والزجاج العادي غير الملون .. ونقترب من المنبر الخشبي المتحرك والذي لا يزيد ارتفاعه عن (5ر1 (متر .
ونقرأ فوق المحراب القديم ما كتب عليه: (ان المساجد الله فلا تدعو مع االله أحداً) صدق االله العظيم.
ونسير حفاة على السجاد الأخضر والمخطط ببعض الالوان السكرية مما يدعو للشعور بعشق وروحانية لهذا المكان لسجاده وأجوائه الدينية والصوفية المريحة للقلب والروح.
أمَّا الطاقات - النوافذ - الصغيرة والعالية القريبة من السقف فانها تعيدنا وتذكرنا بفن البناء الاسلامي العربي العريق، حيث سماكة الطاقة - هي نفسها سماكة جدران المسجد - وجمال الحنايا التي تعلو تلك النوافذ الصغيرة بشكلها القوسي الاسلامي الشرقي المعروف.
وعندما يرتد نظرنا مرة اخرى الى محتويات وعناصر مسجد الكلية العلمية الاسلامية فإننا مثلا نشاهد ورقة مخططة بملاحظة نقرأ فيها ما يلي : (اقطع اتصالك بالخلق عند اتصالك بالخالق) وهذه الاشارة او التنبيه موجهة الى اصحاب الهواتف الخلوية الداخلين للصلاة في هذا المسجد الموجود ضمن حرم الكلية العلمية الاسلامية.
والشيخ والمعلم وقارئ القرآن ابو شوشة عمل قديماً مدرساً للتربية الاسلامية زمنا طويلاً .. عدا عن مناصبه الاخرى، فقد عمل معلماً في مدرسة رغدان الثانوية , وشكري شعشاعة , والكلية العلمية الاسلامية، حيث تخرج من تحت يديه آلاف من الطلبة , و الكثير منهم أصبحوا في مناصب عليا في الاردن.
من القدس الى عمان
وكان قد حدثنا الشيخ ابو شوشة عن الضيف السنوي المبارك ( شهر رمضان ) قديماً
فقال : كنت أعمل في الاذاعة الاردنية كمقرىء للقرآن منذ العام 1950 , لكن وفي كل سنة في شهر رمضان فانني كنت مقرئا متخصصا بتلاوة القرآن في المسجد الاقصى بالقدس الشريف قبل العام 1967.
وعن علاقته ايضاً بهذا المسجد ذكر ما يلي:
بدون ميكرفون
في العام 1953 استدعاني رئيس الكلية العلمية الاسلامية كي أقوم بمهنة الإمام لهذا المسجد للطلاب ولسكان الحي.. وقد كنت يوميا أصعد درج المئذنة لأقوم بالأذان بصوتي الطبيعي وبدون مكبرات صوت في ذلك الزمن القديم !! . ورفعت الآذان لمدة سنة كاملة في هذا المسجد الذي كان جزءاً من روحي وحياتي الممتدة من حب االله الى حب االله عبر إيقاع التلاوة والخشوع .
وفي هذا المسجد المتميز يمكن للمصلي فيه ان يتوضأ بالماء البارد او الساخن .
وفي المحيط الخارجي القريب من المسجد ثمة أماكن هامة وعريقة في قدمها وأصالتها مثل :
منتدى ومكتبة مؤسسة شومان الثقافية , والسفارة العراقية , وفرع دائرة الاحوال المدنية والجوازات , و نادي الملك الحسين , و متحف الحياة السياسية , و أشهر مدرسة حكومية ثانوية للإناث وهي مدرسة زين الشرف التي خرجت المشاهير من النساء الاردنيات في مجالات الحياة المختلفة .
و قديماً في الستينيات وبمسافة لا تبعد عن أسوار الكلية سوى 50 متراً كان مقر مبنى وزارة الزراعة , ومقر النادي الفيصلي الرياضي .