عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Jun-2019

رسائل إيرانية خشنة تحرج الرئيس الأمريكي - عمر عليمات

 

الدستور - بينما بلغ التوتر العسكري في المنطقة أعلى مستوياته، بإسقاط إيران طائرة أمريكية مسيّرة، نزع الرئيس دونالد ترامب فتيل الحرب، بعد رفضه توجيه ضربة عسكرية إلى طهران، وعاد لمربع الضغط الاقتصادي.
ترامب اعتبر أن إيران تشهد في الوقت الحالي فوضى اقتصادية، وتوعد بفرض مجموعة «عقوبات أشد قوة» على أمل أن ترضخ طهران للضغط الأمريكي، من أجل البدء بمفاوضات مباشرة مع واشنطن تشمل البرنامج النووي والصواريخ ورعاية الإرهاب، ومع ذلك صرح ترامب بأنه منفتح على مفاوضات من دون شروط مسبقة.
الساعات التي فصلت المنطقة عن الحرب أظهرت أن إيران فاجأت الولايات المتحدة بإطلاق شرارة الحرب، باستهدافها الجيش الأمريكي مباشرة - وإن كان ذلك عبر إسقاط طائرة غير مأهولة-، حيث ظهر تماماً التخبط الأمريكي الذي بدأ بالتهديد الواضح من قِبل الرئيس الأمريكي، باعتبار طهران ارتكبت خطأ جسيماً وأن الرد قريب جداً، ومن ثم تضاربت التصريحات وصولاً إلى الإعلان عن عدم توجيه أي ضربة عسكرية والعودة إلى سلاح العقوبات الاقتصادي.
من الواضح أن الولايات المتحدة لا تريد الدخول في نزاع عسكري في المنطقة في ظل تشتت المواقف الدولية تجاه إيران، فواشنطن تعلم تماماً أن موسكو وبكين لن ترحبا أبداً بأي ضربة عسكرية توجه إلى الإيرانيين، في حين أن الموقف الأوروبي وبرغم أنه لا يصل إلى مستوى الموقف الروسي - الصيني، فإنه لا يميل إلى الحل العسكري لتسوية الأزمة، ومتمسك باتفاق البرنامج النووي مع إيران.
واشنطن وإن كانت قادرة عسكرياً على توجيه ضربة قاصمة لإيران، إلا أنها لا تريد أن تمضي في ذلك دون الاستناد إلى موقف دولي صلب يمكنها من استخدام القوة العسكرية، فالحرب مع إيران لها سيناريوهاتها المرعبة، كون طهران لديها القدرة على خلط أوراق المنطقة، وجر أمريكا إلى حرب شاملة.
الرئيس الأمريكي يواجه إشكالية أخرى داخلية، وهي بدء السباق للفوز بولاية ثانية، إذ إن ترامب بنى برنامجه الانتخابي على سياسة «صفر حروب» وأن الجيش الأمريكي لن يدخل في حروب ونزاعات مسلحة، وأن التركيز سيكون على نمو الاقتصاد الأمريكي وخلق الوظائف، وقد تكون طهران قد استغلت هذه الفترة لترى مدى الرد الأمريكي، وقدرة المؤسسات العميقة على توجيه سياسة واشنطن بعيداً عن مدى التأثير في السباق الانتخابي.
إيران أوقعت الرئيس الأمريكي في حرج كبير، فلا هو قادر على إدارة ظهره للناخبين الذين وعدهم بعدم خوض أي حروب، ولا هو قادر على تجاهل مصالح أمريكا في المنطقة، لذا يحاول أن يتكئ على حرب التصريحات والعقوبات للخروج من هذا الموقف الصعب، في الوقت الذي تمكنت فيه إيران من إرسال رسالة قوية أظهرت أن واشنطن لم تدرك تماماً حجم التطور التسليحي الذي وصلت إليه طهران.
إسقاط الطائرة الأمريكية وما سبقها من استهداف لناقلات النفط، رسائل إيرانية واضحة بأن طهران ترزح تحت ضغط اقتصادي خانق قد يهددها داخلياً، لذا لجأت إلى رسائل خشنة قد تكون مفتاحاً لمفاوضات مباشرة مع واشنطن للتوصل إلى اتفاق يضمن مصالح الطرفين.
الأزمة الإيرانية قد تكون من أكثر الأزمات تعقيداً، فلم يكن أحد يتصور أن تجازف إيران بإسقاط طائرة عسكرية أمريكية، كما لم يتصور أحد الرد الأمريكي الذي أظهر واشنطن في موقف لا تحسد عليه، لذا فإن جميع السيناريوهات تبقى مفتوحة، سواء تعلق الأمر بالتوصل إلى اتفاق، أو بالتصعيد العسكري، ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً اليوم، هو أين مصالح دول المنطقة في ظل التراجع الأمريكي والتعنت الإيراني؟ وهل على هذه الدول إعادة حساباتها وعدم الاستناد إلى موقف واشنطن، في ظل رئيس لا يتردد في اتخاذ مواقف صادمة للجميع؟.