عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-May-2022

توتر العلاقات الأميركية الإسرائيلية*راكان نواف الشوبكي

 الراي 

بدا فعلياً أن عام 2022 مليء بالأحداث الساخنة على الساحة الدولية، ويبدو أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية قد تنال نصيبها من هذه الأحداث على غير المعتاد، فعلى الرغم من الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والرعاية الكبيرة التي تحظى بها الأخيرة من قبل الولايات المتحدة، وأيضاً وجود الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن الذي اتسم تاريخه السياسي بالدعم القوي لإسرائيل، برزت مؤشرات تدل على وجود توتر في العلاقات الأميركية الإسرائيلية في الفترة الحالية.
 
إذ تمر العلاقات بين البلدين في تحولات عديدة قائمة على أسباب في الداخل الأميركي وأسباب متعلقة بسياسات الحكومة الإسرائيلية الداخلية والخارجية، الى جانب الاختلافات بينهم في عدد من القضايا في الشرق الأوسط.
 
فقد تراجع التأييد الداخلي لتل أبيب وبحسب نتائج استطلاع لمركز الأبحاث والدراسات الأميركي «جالوب» ظهرت في ١٧ مارس الماضي، أن ٥٥٪ من الأميركيين يتعاطفون أكثر مع الإسرائيليين، و٢٦٪ يتعاطفون مع الفلسطينيين، بينما كانت تلك النسبة في عام ٢٠٢٠ حوالي ٥٩٪ مقابل ٢١٪ على الترتيب. وقد أظهرت النتائج أيضاً أن هناك انقساماً حاداً داخل الحزب الديمقراطي حول دعم إسرائيل، حيث يؤيد ٤٠٪ الإسرائيليين و٣٨٪ الفلسطينيين، بينما كان دعم الديمقراطيين للحليف الإسرائيلي يتفوق على دعم الفلسطينيين بحوالي ٣٥ نقطة مئوية في عام ٢٠١٣، في حين تستمر معدلات التأييد لإسرائيل مرتفعة داخل الحزب الجمهوري.
 
واتساقاً مع تراجع التأييد الديمقراطي لإسرائيل وسياساتها في الأراضي الفلسطينية، وصعود التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، الذي برز بقوة على الساحة السياسية الأميركية خلال الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٠، وخاصة بعد الدور الكبير الذي لعبه في فوز جو بايدن على منافسه الجمهوري دونالد ترامب؛ واجه الرئيس بايدن ضغوطاً لإحداث تحول في السياسات الأميركية التقليدية الداعمة لإسرائيل، في ظل تغير الأولويات لدى الديمقراطيين. فقد أشار الباحث في جامعة ماريلاند الأميركية شبلي تلحمي في دراسة استقصائية ظهرت نتائجها في ١٧ أبريل الفائت، إلى أن الديمقراطيين وضعوا إسرائيل في أسفل قائمة حلفاء الولايات المتحدة المهمين، حيث يعتبر أقل من ١٪ من الديمقراطيين إسرائيل كخيار أول أو ثانٍ بين أهم الحلفاء للولايات المتحدة، وقد جاءت خلف ثماني دول أخرى. وتكشف نتائج هذا الاستطلاع عن فجوة متزايدة بين الناخبين والديمقراطيين المنتخبين الذين يعتمدون على اللوبي الإسرائيلي ليتم انتخابهم.
 
لكن اللافت في هذا السياق، هو أن تغير الأولويات ربما لا يقتصر على الديمقراطيين، فقد امتد أيضاً إلى الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. إذ أظهرت نتائج الاستطلاع الأخير الذي أجراه معهد الناخبين اليهودي خلال الفترة من ٣ مارس إلى ٤ أبريل في هذا العام، أن قضية تغير المناخ تتصدر قائمة أولويات الناخبين اليهود الأميركيين بنسبة ٢٩٪، تليها قضية حقوق التصويت بنسبة ٢٨٪، وكذلك القضايا الاقتصادية بنسبة ٢٥٪، بينما تأتي قضايا إسرائيل والتهديد الإيراني في ذيل قائمة الاهتمامات بنسبة ٤٪ و٣٪ على الترتيب.
 
ولعل ظهور مسؤولين أميركيين لا يتوقفوا عن انتقاد إسرائيل وسياساتها، بعكس المتعارف عليه بأن المسؤولين التنفيذيين في الإدارات الأميركية مؤيدين لإسرائيل بشكل مطلق، يعد مؤشراً على توتر العلاقات بين الطرفين. الى جانب اتساع نطاق الخلافات حول بعض القضايا في الشرق الأوسط، وأهمها المحادثات النووية غير المباشرة مع الإيرانيين في فيينا من أجل إعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والذي ترفض تل أبيب العودة إليه لأنه ــ من وجهة نظر إسرائيلية ــ سيسمح للإيرانيين بتوفير المال والوقت لتمويل الإرهاب وتنامي دورهم الإقليمي، الى جانب قلق الأميركيين بشأن الاستثمارات الصينية في إسرائيل ولا سيما في قطاع التكنولوجيا والمشاركة في مشاريع البنية التحتية الكبرى. وأيضاً ملف الوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس التي تدعمها الولايات المتحدة ولا تحترمها إسرائيل بانتهاكاتها المستمرة واقتحامات المسجد الأقصى المتكررة من قبل الشرطة والمستوطنين. حيث بينت الزيارة الرسمية لجلالة الملك عبدالله الثاني الى الولايات المتحدة في شهر مايو الحالي الدعم الأميركي الواضح والصريح لجلالة الملك عبدالله الثاني والوصاية الهاشمية على المقدسات عقب الاحداث الدامية والاقتحامات التي قامت بها إسرائيل خلال الفترة الماضية والتصريحات الإسرائيلية أحادية الجانب بعدم الاكتراث للوضع القانوني القائم في القدس.
 
واخيراً ردة فعل المسؤولين الأميركيين على حادثة استشهاد مراسلة قناة الجزيرة شيرين ابوعاقلة في الضفة الغربية، منهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والمتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس والمتحدثة باسم البيت الأبيض السابقة جين ساكي والجديدة كارين جان بيير وغيرهم من الشيوخ والنواب من الحزبين لم يتوانوا عن الاستنكار منتقدين ما قام به الإسرائيليون، والسؤال كيف يمكن استغلال تلك الخلافات اردنياً في ظل هذا التحول غير الاستراتيجي في طبيعة العلاقات الاميركية الاسرائيلية.