عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Apr-2019

حمایة الطفل.. العالم الخارجي لیس مدینة فاضلة
دیمة محبوبة
عمان–الغد-  تصرخ وتبكي، تركض بلا وعي، تبدأ بتقلیب الملابس في المحل الذي تجلس فیھ بلا فائدة.. تنادي بأعلى صوتھا ”محمود وینك ماما“، لكن من دون إجابة. تسأل عنھ، تصفھ لكل من تقابلھ، تمسك ھاتفھا مرتجفة، تتحدث كلمات غیر مفھومة، تذھب لموظف الأمن تسأل عن ابنھا الذي كان بجانبھا قبل قلیل.
ھبة حسین والدة محمود، كان یلازمھا طوال الوقت، ثم انشغلت عنھ بملابس إخوتھ التي تشتریھا من أجل العید، ولم تنتبھ لغیاب الطفل ذي الأعوام الثلاثة، لتبدأ رحلة البحث عنھ، وتجده بعد نحو ساعتین في مكتب الأمن التابع للمجمع التجاري الذي كانت فیھ.
ما عاشتھ أم محمود، جعلھا تسترجع كل ذكریات الأفلام السینمائیة الدرامیة، التي تجسد خطف
أحد الأطفال، ومنھا فیلم صدر باسم Changeling أو ”استبدال“، العام 2008 ،وھو مستوحى من قصة حقیقیة حدثت العام 1928 في لوس أنجلوس، قدمتھ النجمة الأمیركیة أنجلینا جولي، بالتعبیر عن مكنونات أي أم قد تفقد طفلھا ومشاعرھا وأوجاع قلبھا من مصیر غیر معلوم.
اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، یؤكد أھمیة دور الأھالي في حمایة أطفالھم، وإدراك
أن الحیاة خارج المنزل لیست آمنة كما ھي في المنزل أو تحت رعایتھم. كذلك الحرص على تعلیم الأطفال كیفیة التعامل والسیطرة على ذاتھم خارج المنزل قدر المستطاع، وعدم تركھم بلا
مراقبة أو من غیر رفیق أمین كبیر السن.
ویؤكد أھمیة مراقبة الأطفال وتحذیرھم، وخصوصا في الحدائق العامة أو المولات أو أي مكان للعب، فأي طفل یتعرف على رفیق خلال اللعب علیھ أن یأتي بھ لذویھ وبعد ذلك یلعبان بالقرب منھما، كما على الأھل الحزم في موضوع عدم الابتعاد، فالأطفال یخافون من التھدید الحازم بترك اللعب والعودة إلى المنزل على سبیل المثال.
مستشار أول الطب الشرعي الخبیر في حقوق الطفل ومواجھة العنف والإصابات الدكتور ھاني جھشان، یؤكد أن المراجع البحثیة في حمایة الطفل تشیر إلى أنھ من غیر المتوقع مطلقا أن یسمح لطفل عمره أقل من خمسة أعوام أن یلعب وحده خارج المنزل بأي حال من الأحوال إن كان فناء المنزل بسیاج أو بدون سیاج.
ویكمل أنھ یسمح للأطفال بعمر 5 إلى 6 أعوام باللعب وحدھم لبضع دقائق فقط، في المرة الواحدة، في فناء منزل لھ سیاج.
ومن ناحیتھ، یشیر التربوي د. محمد أبو السعود، إلى أن التعامل مع الأطفال یحتاج إلى حذر كبیر، فالطفل ذكي ومھما كان عمره صغیرا یمكن إیصال الفكرة الصحیحة لھ بطرق مختلفة.
وینصح بأن تدرب الأمھات أطفالھن على الصراخ، وخصوصا عندما یحدث أمر غریب لا یعجبھن، حتى عند إعطاء الغریب الحلویات علیھم أن لا یقبلوھا وأن یكونوا حریصین في تعاملھم معھم حتى وإن كانوا ظریفین.
المطارنة یتفق مع السعود، مؤكدا أن زرع الحرص الزائد في نفوس الأھالي والأطفال یعود بالنفع لجمیع الأطراف، خیرا من أن تتم الندامة في حال حدوث السوء مھما كان نوعھ، لافتا إلى أن الكثیر من الأھالي یلتھون بأجھزة الھاتف والسوشال میدیا تقطیعا للوقت أثناء لعب أطفالھم، والأصل أن یكون التركیز بكل الحواس.
ویقول جھشان ”بعمر 8 أعوام یمكن السماح للأطفال اللعب وحدھم خارج المنزل بفناء بدون سیاج لبضع دقائق بشرط التحقق من البیئة حول المنزل والمخاطر المحتملة في المجتمع المحلي، وأیضا یجب ضمان بعد الفناء عن الطرق وأماكن اصطفاف سیارات الغرباء“.
ویجیب جھشان أن الكثیر من الأھالي یرسلون الأولاد إلى المدرسة وحدھم مشیا على الأقدام،
مضیفا أن الأوراق البحثیة توضح أنھ من غیر المتوقع لأي طفل عمره أقل من 12-13 عاما أن یذھب للمدرسة مشیا على الأقدام وحده أو برفقة آخرین، ومھما اعتقد الأھل أن موقع المدرسة قریب، وبغض النظر عن عمر الطفل یجب التحقق من سلامتھ بتكرار منتظم أثناء وجوده بالخارج.
ویضیف ”أنھ مھما كانت ثقة الأھل بمھارات الطفل وقدراتھ على حمایة نفسھ، یجب التحقق من
سلامة البیئة ودراسة المخاطر في المجتمع المحلي“. یقول ”یتوقع أن یكون ھناك في جمیع الأحیاء، مساحات مخصصة للعب الأطفال آمنة وذات مواصفات تضمن السلامة“.
ویشیر إلى ضرورة استغلال ذكاء وذاكرة الطفل بحفظھ عنوان المنزل وأرقام ھواتف الكبار، وأن یعلموھم الانتباه یومیا على المشاویر التي یذھبوا كي یحفظوا الطرقات الخاصة بھم.
وبحدیث الجھشان عن مراحل نمو الطفل وقدراتھ، یلفت إلى ضرورة أن یقیم الوالدان مستوى نضج الطفل بالتعامل مع الآخرین، ومستوى حمایة نفسھ من أي مخاطر بالاستغلال أو الخطف بعدم التحدث للغرباء أو الذھاب معھم تحت أي ظرف من الظروف؛ إذ یجب تقییم تصرفاتھ المتوقعة المتعلقة بمغادرة المكان بدون إعلام أھلھ، وھل یفقد السیطرة بأن یركض في الشوارع بدون إدراك مخاطر ذلك.
ویوضح جھشان، أھمیة دراسة جمیع ھذه الأمور قبل السماح لأي طفل من مغادرة المنزل للخارج وحده، بما في ذلك تقییم خاص للأطفال ذوي الإعاقات الحركیة والبصریة والسمعیة والأطفال الذین یعانون من فرط الحركة أو التوحد أو صعوبات التعلم أو صعوبات النطق.
ویشیر أبو السعود، إلى أن الطفل بغریزتھ مقاتل شرس، كل ولي أمر یدرك ذلك، فھو یدافع عما
یرید بروح قتالیة عالیة، وقد تكون تلك الروح الشرسة مصدر إزعاج للأھل، غیر أنھا في الحقیقة مصدر لدفع الأذى عن الطفل، وحمایة لھ من مشاكل كثیرة قد یواجھھا، منھا التحرش والخطف.
لذا یجب ترویض تلك الغزیرة فیھ ولیس قتلھا، ویجب أن یفھم الطفل أنھ قوي، وأنھ في حالة التعدي علیھ یجب أن یستخدم تلك القوة، فیصرخ ویرفس ویستغیث بالمارة ویركل ویعض إن أمكن.
ویبین جھشان ”في جمیع الأحوال یفضل أن یكون مع الطفل أثناء لعبھ خارج المنزل، رفقاء كأشقائھ أو أقاربھ أو أصدقائھ أو زملائھ في المدرسة، وعادة ما یكون الأطفال أقل عرضة للمخاطر وأكثر أمانا عندما یلعبون في مجموعات“.
ویلفت إلى مخاطر عدة یمكن أن یتعرض لھا الطفل خارج المنزل، بحسب مرحلة تطوره ونموه، وقدراتھ الشخصیة والمعرفیة، قد یتوه الطفل في الطرق والأزقة ویضل الطریق إلى منزلھ، وقد یتعرض لحوادث المرور ولمخاطر الإصابات بسبب ضعف مواصفات السلامة في الطرق والمرافق العامة.
وفي مرحلة أكبر من 12 عاما قد یتعرض الطفل لمخاطر من رفقاء السوء كالتعود على التدخین
أو الكحول أو المواد الطیارة، وقد یتعرض للعنف الجسدي والتنمر من أطفال آخرین في الطرقات، كذلك مخاطر العنف الجنسي من المراھقین والبالغین إن كانوا من المجتمع المحلي أو غرباء.
وعلى الرغم من عدم شیوعھا في مجتمعنا، قد یتعرض الطفل لمخاطر الخطف المباشر وبالتالي
الاتجار بالبشر وبالأعضاء البشریة أو الانضمام لعصابات تھریب المخدرات، أو الانخراط في العصابات المسلحة والتكفیریة.
ھذه المخاطر لیست محصورة بوجود الطفل خارج المنزل أثناء اللعب، بل أیضا قد تحدث خلال فترة ذھاب الطفل وحدة للمدرسة وعودتھ منھا، وأیضا قد تحدث بالأماكن الأخرى التي قد یتواجد بھا الطفل وحیدا إن كان برضا والدیھ أو رغما عنھما أو بغفلة منھما، مثل مجمعات التسوق أو المتنزھات العامة أو صالات الألعاب والسینما.