عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Sep-2020

يُريدون المواطن متعاونًا*محمود الخطاطبة

 الغد

المتتبع لأحاديث رئيس الوزراء، عمر الرزاز وتصريحاته، عبر وسائل الإعلام المختلفة، على مدى الأيام الماضية، يخرج بنتيجتين: الأولى: يستشف منها رائحة تهديد بفرض حظر تجول شامل، فالرئيس يقول حرفيًا، لإذاعتي “حياة أف أم” و”الأمن العام”، يوم الخميس الماضي، إن “الحكومة ستفعل كل ما تستطيعه من أجل عدم العودة إلى فرض حظر التجول الشامل على مستوى المملكة”.
والنتيجة الاخرى: تتمثل بأن المواطن هو سبب زيادة الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد، جراء عدم تعاونه، حيث يضع الرئيس الرزاز كل اللوم عليه وعلى عدم التزامه، ما أدى إلى زيادة الحالات المصابة بوباء فيروس كورونا المستجد، حيث قال “إن الأرقام المرتفعة في حالات الإصابة بكورونا جاءت نتيجة التجمعات التي حدثت خلال الأسبوعين الماضيين”.
ولا نعلم كيف استطاع رئيس الوزراء الخروج بهذه النتيجة، فكما هو معلوم أن الحكومة قامت بإغلاق المطاعم والمقاهي و”كوفي شوب” والأسواق الشعبية، وكذلك المساجد الكنائس، ناهيك عن تقليص أعداد موظفي القطاع العام إلى النصف، طيلة الفترة الماضية، فكيف وصل الرزاز إلى مرحلة التأكيد بأن عدم التزام المواطن كان سببًا في زيادة الحالات المصابة بالفيروس.
يبدو أن الحكومة، تُريد من المواطن تعاونًا يفوق طاقته، وتناست قول رب العالمين: “لا يكلف الله نفسها إلا وسعها”، وتناست أيضًا بأن لكل إنسان طاقة، لا يستطيع تجاوزها.
صحيح أن الحمل الثقيل إذا تم تقسيمه، سيكون حتمًا خفيفًا.. لكن ما يحصل في الأردن، هو أن الحمل يتحمله المواطن فقط، وإن كان هناك مساهمة من الحكومة، فإنها تتحمل جزءا يسيرًا من ذلك الحمل، وتميل ميلًا كبيرًا على المواطن، تاركة إياه يتحمل الجزء الأكبر من الحمل الثقيل.
ماذا تُريد الحكومة بعد من مواطن، لم يبق له أي حيلة.. تُريده متعاونًا وقد قامت حكومة النهضة، ولم يرمش لها جفن، بتأجيل ما يقرب من الـ30 % من علاوات رواتب موظفي القطاع الجهاز المدني، حتى نهاية العام الحالي.
الحكومة تُريد المواطن متعاونًا، وقد أغلقت على مدار نحو 75 يومًا المملكة، ما أدى إلى شل أركان الحياة كاملة في هذا البلد، الأمر الذي تسبب بالكثير من الخسائر المالية للمنشآت، وخصوصًا الصغيرة والمتوسطة منها، فضلًا عن الكثير من موظفيها وعامليها الذين فقدوا وظائفهم، ونسبة كبيرة على الطريق.
كيف تُريد الحكومة أن يكون المواطن متعاونًا؟ وقد أسرفت بالتعامل معه بازدراء واستهزاء، وتضييق على حرياته، المسموح بها ضمن إطار القانون والدستور… تُريده متعاونًا! وفي الوقت الذي تحجب عنه الكثير من المعلومات، وعندما تقوم بتسريب معلومات فإما أن تكون خاطئة أو ناقصة أو متخبطة، لا تنم عن أنها أُخذت بعد دراسة وتمحيص وإنما على “عجل”.
الحكومة تُريد المواطن متعاونًا، وقد قامت بتسليم رقبته لبعض أصحاب رؤوس الأموال، الذين أصبحوا لا يرقبون إلًا ولا ذمة في المواطن وقوت يومه وأسرته. تُريده متعاونًا! وقد سلمت عشرات الآلاف من أولياء الأمور، لقمة سائغة، لأصحاب مدارس خاصة، عندما أعلنت عن أنه لا بديل عن الدراسة الوجاهية، لتتراجع عن ذلك بعد مضي أقل من 15 يومًا.
كيف تريد الحكومة من المواطن أن يكون متعاونًا! وهناك ما يقرب من الـ555 ألف شخص عاطلين عن العمل، من بينهم 112 ألف عاطل عن العمل بسبب جائحة كورونا، أي خلال خمسة أشهر فقط، ناهيك عن ارتفاع نسبة البطالة والفقر، إلى حدود غير مسبوقة من قبل!