الغد
يديعوت أحرونوت
بقلم: بن – درور يميني 19/8/2025
إسرائيل، كما يجدر بالذكر سبق أن وافقت على منحى ويتكوف الذي عاد أمس مساء إلى مركز الخطاب الجماهيري. فقد بعثت حماس برد إيجابي. صفقة جزئية مع خيار لصفقة شاملة. التفاصيل معروفة منذ الآن. والكرة عادت مرة أخرى إلى إسرائيل. قبل لحظة من بلورة إسرائيل لردها يجدر بنا أن نتذكر بأن لحماس توجد إستراتيجية. هي لا تهزم إسرائيل عسكريا. بالعكس. هي تهزم إسرائيل سياسيا. هذا ليس رأيا. هذه حقيقة. وضع إسرائيل السياسي لم يسبق أن كان أسوأ. المشكلة هي أنه يوجد إلى حيث يمكن النزول. لا حاجة للوصول إلى هناك.
وأساسا لا حاجة للأوهام. هذا ليس التهديد الإسرائيلي بالسيطرة على غزة هو الذي أدى إلى التغيير في موقف حماس. بالعكس. هذا التهديد هو بالضبط ما لا يقلق حماس. فما الذي يهدد به بالضبط؟ المباني المدمرة؟ انتقال جماعي للسكان ممن لم ينتقلوا طوعا؟ الجنود الذين يحاولون أن ينقلوا بالقوة نساء عجائز أو أطفال أو نساء حوامل؟ الكثير جدا من القتلى الآخرين؟ هذا بالضبط ما تريده حماس. إذن لا، هذا ليس التهديد بضغط عسكري. تغيير موقف حماس ينبع من ضغط عربي. وليس صدفة أنه منذ مساء أمس كانت معظم العلاقات العامة التي قامت بها حماس في وسائل الإعلام العربية.
ماذا الآن؟ إذا قالت إسرائيل "لا" – فهذا سقوط في فخ أعدته لها حماس. لأنه إذا كانت الأقوال، فقط الأقوال عن السيطرة على مدينة غزة تتسبب منذ الآن بمزيد من الدعوات للعقوبات، فان دخولا عسكريا إلى غزة سيتسبب بانهيار اشد بكثير. دوما، كما يجدر بالذكر يوجد إلى حيث يمكن النزول. وإذا كان الدخول إلى غزة مع كل مشاهد الفظاعة والخراب والدمار والقتلة يمكن أن يتسبب لإسرائيل بذاك الانهيار فان الدخول إلى غزة بعد أن قالت حماس "نعم" لمنحى ويتكوف – وإسرائيل ترفض فإن الانهيار سيكون أكبر بكثير. هكذا بحيث يتبين مرة أخرى بان استراتيجية حماس اكثر ذكاء بكثير من إستراتيجية إسرائيل.
مع حكمة أكبر قليلا فقد كانت إسرائيل هي من كان يتعين عليها أن تعد فخا لحماس، ان تعلن عن وقف نار من طرف واحد، وبالتوازي – ان تطالب بتحرير المخطوفين وتجريد القطاع. هل حماس كانت ستقول نعم؟ عندها إسرائيل ستكون هي الرابحة. وإذا ما قالت حماس لا؟ فان المبادرة الإسرائيلية كانت ستمنع جزءاً، جزءا على الأقل، من الانهيار السياسي. وإضافة إلى ذلك كانت إسرائيل ستحظى بحقنة لا بأس بها من الشرعية التي تحتاجها لمواصلة القتال.
إلى أي حد أدمنت إسرائيل على المفهوم غير الصحيح؟ في نهاية الأسبوع انكشفت في القناة 12 أشرطة تسجيل لرئيس شعبة الاستخبارات "أمان" السابق، اهرون حليوة. هو رجل جدي. كفؤ. متألم. أخذ المسؤولية. لكنه لا يزال يؤمن بكل قلبه بانه يمكن ردع حماس من خلال الثأر. فقد ادعى بان "حقيقة أنه يوجد منذ الآن خمسين ألف قتيل في غزة ضرورية ولازمة للأجيال القادمة. على كل واحد في 7 أكتوبر يجب أن يموت 50 فلسطيني". هو ما يزال يؤمن بان هذا ما سيردع حماس.
لندع جانبا الموضوع الأخلاقي، الذي هو بالتأكيد هام. هذا ليس طريق الصهيونية. ها هو يوجد لنا رئيس استخبارات سابق، الرجل الذي كان يفترض به ان يعرف كل شيء، والذي ما يزال يستصعب فهم المنطق الأساس للجهاد، للإخوان المسلمين، لحماس.
فهل حقا يعتقد حليوة بانه يمكن التهديد بمزيد من الموت على أولئك الذين الموت بالنسبة لهم هو الفريضة الأسمى لديهم؟ وهل عندما خرج قادة حماس إلى حملتهم الإجرامية لم يعرفوا بان النتيجة ستكون دمار وخراب؟ أليست هذه قصة الجهاد في كل مكان يرفع فيه الرأس؟ ما الذي بالضبط يقترحه عليهم حليوة؟ بالضبط ما يريدون. هذا لم يردعهم قبل 7 أكتوبر. هذا لن يردعهم بعد 7 أكتوبر.
حليوة لم يعد في المنصب. هو أخذ المسؤولية. هو اعتزل. المشكلة هي أن المفهوم لا يعتزل. فهو يسيطر اليوم في القيادة السياسية لإسرائيل. إسرائيل تواصل تهديد حماس بمزيد من الهدم والخراب بالسيطرة على مدينة غزة. ماذا ستكون النتيجة؟ نعم، نكبة أخرى. هذا عقاب من قام علينا لإبادتنا. لكن النكبة هي شر ضروري. هي نتيجة. هي ليست هدفا بحد ذاته. هذه أيديولوجيا الجهاد. وليس ايديولوجيا إسرائيل.
وفقط شيء واحد يفترض أن يكون واضحا لأصحاب القرار: المفهوم الذي يقول إن قادة حماس يرتعدون خوفا من تهديد آخر بالهدم والخراب وان هذا هو ما يردعهم – قد انهار. حماس تتوق لان تضغط إسرائيل على دواسة الوقود. مزيد من الموت. مزيد من الخراب. حماس لا تخاف من جواب إسرائيلي سلبي. يحتمل ان تكون حتى تأمل به. إذ ان هذا بالضبط ما سيفاقم الضرر بإسرائيل. مزيد من المقاطعة الأكاديمية. مزيد من المقاطعة الثقافية. مزيد من حظر السلاح. مزيد من النصر لـ BDS. لإسرائيل فرصة لوقف الانهيار. محظور تفويتها.