عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Apr-2019

مبادرة "تونس تقرأ".. انطلقت بفيسبوك وأزهرت بالمركز والدواخل

 

تونس - منيرة حجلاوي-  في مدارج قاعة هشام جعيط (مؤرخ ومفكر تونسي) في كلية 9 أفريل بتونس العاصمة، اجتمعوا عشية يوم اثنين حاملين معهم كتبهم ورواياتهم وآلاتهم الموسيقية، جمعهم الولع بالقراءة لحضور تظاهرة "تونس تقرأ" لصاحبها فؤاد بالضياف.
 
ساد الصمت القاعة وأعلن فؤاد انطلاق الأمسية التي افتتحتها شابة بالعزف على قيثارها وبأداء أغنية "اليوم قالت لي زين الزين" للفنان التونسي الراحل الهادي الجويني فأطربت الحاضرين.
 
تداول عدد من المشاركين من طلبة الكلية ومن خارجها على صعود مسرح القاعة وإلقاء بعض النصوص التي كتبوها سواء في الشعر أو القصة أو الرواية، وكان حسن الإصغاء سيد الموقف.
 
الحب والغزل والعلاقات العاطفية والخيانة والسياسة والتشغيل، مواضيع طغت على ما ألقاه عشاق القراءة الشباب على مسامع الحاضرين فعبّروا عن مكنوناتهم وما يشغلهم ويقلقهم عبر الكتابة.
 
فخر ومسؤولية
أطلق الشاب الثلاثيني مشروعه الثقافي "تونس تقرأ" بإنشاء صفحة خاصة به على فيسبوك ينشر فيها تفاصيل اللقاءات التي ينظمها، وكان أول موعد قراءة بتاريخ 12 يناير/كانون الثاني 2017 في أحد مقاهي المدينة العربية بتونس العاصمة وشهد حضورا ناهز الـ200.
 
نجاح اللقاء الأول أشعر فؤاد بكثير من الفخر والمسؤولية للاستمرار بالمستوى نفسه، فكان اللقاء الثاني في فبراير/شباط من العام ذاته في فضاء ثقافي في أحد فنادق العاصمة بمشاركة قراء وكتّاب من مختلف الفئات والأعمار.
 
و"تونس تقرأ" هو مشروع ثقافي جاء -حسب صاحبه- نتيجة لتدني معدل القراءة لدى الشعب التونسي.
 
ويتراوح مؤشر القراءة في تونس في المكتبات العمومية على المستوى الوطني من 0.58 إلى 1.9 كتاب لكل فرد في السنة، وفق تصريح مدير إدارة المطالعة العمومية بوزارة الثقافة إلياس الرابحي للجزيرة نت.
 
ويبلغ عدد زيارات المكتبات العمومية أكثر من 3.7 ملايين زيارة، إضافة إلى تسجيل أكثر من 200 ألف مشترك في هذه المكتبات، وفق المصدر نفسه.
 
ينظم فؤاد لقائي قراءة منتظمين كل شهر، ويختار كل مرة بصفة دورية تنظيم لقاء في جهة داخلية محرومة من الثقافة، على غرار لقاء يوم 7 يوليو/تموز 2017 بمحافظة الكاف (شمال غربي) في المكتبة العمومية بالمنطقة بحضور الكاتب والسجين السياسي مراد العبيدي الذي تحدث عن أدب السجون وتجربته فيه. 
 
إعلاء شأن الكتاب
سافر فؤاد بالكتب وعبرها إلى الجنوب التونسي في لقاء كان له الأثر الكبير في نفسه نظرا لرمزية المكان، حيث اجتمع الشاب بعشاق القراءة يوم 7 يوليو/تموز 2018 في قرية رجيم معتوق بمحافظة قبلي، القرية التي كانت في السبعينيات معتقلا ومنفى للمعارضين.
 
لقاء رجيم معتوق كان مثمرا وتمكن الشاب من تنظيم حملة تبرعات بالكتب لأهالي القرية وأطفالها، وما زاد من عزيمته هو مبادرة وزارة الثقافة بإحداث مكتبة عمومية في المنطقة وتقديم 5 آلاف كتاب لساكنيها.
 
تهدف مبادرة "تونس تقرأ" إلى ترسيخ ثقافة القراءة في البلاد وإعلاء شأن الكتاب والتبرع بالكتب للمدارس المنسية في المناطق الداخلية، وإلى التوغل في الجهات النائية وعدم الاكتفاء بتنظيم ملتقيات في العاصمة فحسب مع محاولة إحداث مكاتب في هذه المناطق.
 
ينحدر عاشق الكتب من منطقة ريفية تسمى "العثامنة" بمحافظة المهدية بالساحل التونسي، حيث انطلقت علاقته بالقراءة مذ كان طفلا يتنقل يوميا مسافة 6 كيلومترات مشيا على الأقدام للوصول إلى المدرسة، ثم تحولت المسافة إلى 7 كيلومترات للدراسة في المعهد.
 
لم يتجاوز تسع سنوات وقد قرأ كتبا لأبي القاسم الشابي وعصمت سيف الدولة والمنفلوطي ونجيب محفوظ وجبران خليل جبران، ثم رافقه عشق القراءة والكتابة ربيعا بعد ربيع، وكانت أول محاولة له في الكتابة في سن العاشرة في شكل خواطر نشرت في إحدى الصحف التونسية.
 
إقبال كبير
رغم حداثة سنها لاقت مبادرة فؤاد إقبالا كبيرا، نائلة الجلجلي (30 سنة) ربة بيت ووالدة لثلاثة أطفال كانت حاضرة في لقاء كلية 9 أفريل، عشقت الكتب منذ كانت في سن الخامسة، وهي تسعى لترسيخ ثقافة القراءة لدى أطفالها، وتؤكد أن مكتبتها هي أهم ركن في منزلها.
 
بدورها شاركت الكاتبة والشاعرة فاطمة عسيلة في هذا اللقاء لشغفها بالمطالعة والكتب ولدفع التلاميذ والطلبة الحاضرين على القراءة، وهي ترى أن المطلوب هو مزيد التعريف بتظاهرة "تونس تقرأ" حتى تصل للعموم.
 
اختار الطالب والشاعر الشاب أمير الوسلاتي (25 سنة) الاحتفال بمرور عام على إصدار كتابه "خلّة"، وهو مجموعة من النصوص الشعرية باللهجة الدارجة التونسية، خلال حضوره تظاهرة "تونس تقرأ" باعتباره من أوفيائها.
 
يصف أمير هذه التظاهرة بالهامة لأنها تجمع الشباب المولع بالقراءة للنقاش حول كتبهم المفضلة وأعمالهم الخاصة ما يساعد على خلق الرغبة في القراءة والمطالعة في صفوفهم. 
 
"تونس تقرأ" يعتبرها فؤاد نتيجة ألم ومعاناة أطفال يمشون مسافات طويلة على الأقدام للالتحاق بمدارسهم لتحصيل العلم، وهو يطمح إلى أن تكون في كل قرية مدرسة، وفي كل مدرسة مكتبة.
 
المصدر : الجزيرة