عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Jul-2022

ماذا يعني أن تكره؟* د.نهلا عبدالقادر المومني

 الغد

يحمل شهر حزيران يومًا دوليًا كرسته الأمم المتحدة رمزًا عالميًا لمكافحة خطاب الكراهية، وقد كان ارتفاع وتيرة هذا الخطاب عبر العالم وانتشاره وتناقضه مع المقاصد الأساسية التي قام عليها ميثاق الأمم المتحدة السبب الموجب الرئيسي والدافع الجوهري لإعلان الثامن عشر من شهر حزيران يومًا للتذكير بخطورة هذا الخطاب؛ “فالكلمات يمكن أن تحول إلى سلاح… وهو خطاب يقوض التنوع والتماسك الاجتماعي ويهدد القيم والمبادئ المشتركة التي تربطنا” حسب وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش.
خطورة خطاب الكراهية كانت حاضرة مبكرًا في المعايير الدولية لحقوق الإنسان؛ فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية جاء بنص فريد في منظومة حقوق الإنسان يحظر بالقانون أي دعوة إلى الكراهية الدينية أو القومية أو العنصرية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
ولأن هذا الخطاب موضع جدلٍ على الصعيد الوطنيّ والإقليميّ كانت هناك عدة مبادئ تفصيلية تبنتها الأمم المتحدة لتوضيح ماهيته وتضع خطة عمل لمواجهته تبين المعايير الأساسية لاعتبار خطاب ما قد تجاوز حدود حرية التعبير ليعبر عن مشاعر عدائية من البغض والازدراء والعدوانية تجاه مجموعة ما، وليشكل تحريضا ضدها.
إذًا يُنظر لمؤجج الكراهية وصاحبها وممارسها على أنّه فردٌ يتجاوز القانون الدوليّ والوطنيّ على حدّ سواء؛ فخطاب الكراهية وأفعاله مجرمة وترتب مسؤولية جزائية على من يرتكبها.
ولكن وفي سياق متصل، وقبل أن يكون خطاب الكراهية مخالفًا للقوانين الوضعية، ماذا يعني أن تكره على المستوى الإنساني؟ ماذا يعني أن تكون مؤججًا وحارسًا للكراهية ومشيعًا لها؟
أن تكره يعني أن تخالف قوانين الله على الأرض القائمة على احترام الكرامة الإنسانية، أن تتنصل من إنسانيتك لصالح عصبيات وهويات ضيقة، أن تسير عكس منظومة الحياة قبل ان تسير عكس المنظومة القانونية او تعد مخالفا لها، أن تكره أن تكون ضد الآخر وضد قيم الحق والعدالة والأخوة.
أن تكره هو بالضرورة أن تستهين بحجم ما تخلفه الكلمات وما تتركه في النفوس وما دفعت البشرية ثمنًا له نتيجة البغضاء والتحريض ضد الآخر وما تزال من أرواح أزهقت إعلاءً لمشاعر الضغينة وانتصارًا لصوت الكراهية “فالكلمة نور وبعض الكلمات قبور”.
أن يكره الإنسان وأن يمارس هذه الكراهية بأفعال ملموسة يعني أن يرتضي الخروج من السلام والتعايش الإنساني إلى حالة التنازع والانشقاق، أن يرتضي العيش في حلقة مفرغة من العنف المتجدد والخسائر التي لا تقدر بثمن.