في البلدات العربية في اسرائيل توجد جملة من الظروف، بما فيها مشكلة اتقان اللغة العبرية، تجعل من الصعب تطبيق تعليمات وزارة الصحة بشأن مواجهة وباء الـ»كورونا».
نتيجة لذلك نشأ انطباع بأن المجتمع العربي لم يستوعب خطورة الحدث، ولا يتعاطى باهتمام مع التعليمات.
ولكن تعليمات وزارة الصحة بدأت تنشر باللغة العربية بتأخير كبير نسبيا. وهكذا نشأت فوارق واضحة في مستوى ومدى المعرفة التي وصلت الى الجمهور العربي.
وبدأ انضمام الجمهور العربي الى مساعي مكافحة الوباء مع تعطيل جهاز التعليم. ومع ذلك، يقلل الجمهور العربي نسبيا من استخدام الخدمات الطبية المختصة. ففي بعض البلدات العربية تنقص العيادات، وهكذا تنتشر ظاهرة الوصول جسديا الى غرف الطوارئ في المستشفيات، ما يزيد العبء والتعرض للامراض. توجد هذه المشاكل بقوة أكبر في البلدات البدوية في الجنوب.
في أعقاب توسيع نشر المعلومات اللازمة بالعربية تقلصت الفوارق وازداد الوعي في أوساط الجمهور العربي لما هو مطلوب منه، بما في ذلك منع التجمهر، تقليص عدد المصلين في المساجد، وإلغاء صلاة يوم الجمعة.
وأدت الزعامة الدينية ومجلس الافتاء الإسلامي دورا مهماً في ذلك. إضافة إلى ذلك، تجند أطباء وممرضون عرب، ومنظمات من المجتمع المدني لرفع الوعي بين الجمهور. كما أن وسائل الاعلام الناطقة بالعربية بدأت تشجع على الالتزام بقواعد النظافة الشخصية والبقاء في البيت. من الجهة الأخرى، فإن معظم السلطات المحلية العربية، بما فيها البلدات البدوية في الجنوب، غير جاهزة لأداء مهامها في ظل حالة الطوارئ طويلة المدى.
تعاني البلدات البدوية في الجنوب، ولا سيما تلك غير المعترف بها من انعدام شبكات المياه والكهرباء.
والوعي لأضرار الـ»كورونا» وأهمية الحفاظ على قواعد النظافة الشخصية متدنية نسبيا. وفي القرى غير البدوية المعترف بها لا توجد شبكة انترنت، ما يجعل من الصعب تلقي معلومات ويمنع إمكانية التعلم عن بعد بالنسبة للأطفال الذين يبقون في البيت.
لذلك فهناك مجموعة توصيات سياسية تتعلق بهم: يجب الاعتراف وإظهار هذا على الملأ بأن الطواقم الطبية اليهودية والعربية هم «جنود في المعركة» المشتركة ضد الوباء.
يجب التعاطي مع عموم السكان العرب كمتساوين وكشركاء كاملين في التصدي للخطر ومنحهم الإحساس بأنهم يعاملون هم وصحتهم بكرامة وجدية تامة.
ويجدر الكف عن خطاب الإقصاء والعنصرية، وعن تعابير فيها نوع من التشكيك بولاء العرب للدولة، وبدلاً من ذلك احترام تطلعهم للاندماج في مراكز الحكم في الدولة والاعتراف بشرعية دمج ممثليهم في سياق اتخاذ القرارات.
هناك حاجة لتخصيص مقدرات اقتصادية خاصة للمجتمع العربي بما في ذلك السكان البدو في الجنوب، الذي يعتمد على السياحة. فنحو 60 في المئة من العاملين العرب هم أجيرون يعملون خارج بلداتهم وقسم كبير منهم بات عاطلاً عن العمل.
أعمال تجارية صغيرة في البلدات العربية ستعاني من الانهيار، وينبغي ضمان الدعم المالي لها؛ هناك حاجة لإقامة آلية سريعة لإنهاء الاجراءات مع التأمين الوطني للعاملين الذين أخرجوا في إجازة غير مدفوعة الأجر.
البطالة العالية والأزمة الاقتصادية من شأنهما أن يعمقا الفقر ويزيدا ظواهر العنف والجريمة.
و يجدر التوقف في هذه المرحلة عن هدم البناء غير القانوني في البلدات العربية.
إن اتخاذ السياسة الموصى بها ليس فقط واجب الدولة تجاه كل مواطنيها في أثناء أزمة محتدمة وطويلة المدى بل قد يعزز جداً الميل المتعاظم في أوساط معظم المواطنين العرب بالنسبة لاندماجهم في الدولة، في كل المجالات. فالتصرف المتساوي في التصريحات وفي الفعل تجاه المواطنين العرب يمكنه أن يساعدهم على مواجهة الوباء، بل يشجعهم على أن يروا في الدولة دولة لهم ومن أجلهم. هذه فرصة تاريخية مهمة.
عن «مباط عال»