عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jul-2025

حزب ماسك: فجر جديد أم مقبرة الأحلام؟*رمزي الغزوي

 الدستور

في زمن تتناثر فيه الخيانة كالرماد، ويُزرع الخوف في النفوس كحقل شوك، خرج إيلون ماسك عن صمته ليمزق قناع الحليف ويرتدي وجه الخصم. لم يكتفِ بالإيماء، بل أطلق رصاصة معلنة على الحزبين الجمهوري والديمقراطي عبر مشروعه الجريء «حزب أميركا». صورة الثعبان برأسين، التي نشرها على منصته، لم تكن طرفة عابرة كما ظن البعض، بل كانت بيان اتهام صريح بأن الحزبين توأمان في الفساد والإنفاق والخذلان.
 
دونالد ترمب، سيد الغضب ورافع راية الصخب، بدا هذه المرة مترددا أمام رجل يملك ما يكفي من المال والصوت لإقلاق رؤساء جمهوريات نووية. ربما شعر في عمق روحه بأن الصديق حين ينقلب خصما يغدو أشد فتكا من ألف عدو. أليس في ذلك عدالة ساخرة، أن يدفع ماسك ملايينه لدعم ترمب بالأمس، ثم ينفق مثلها اليوم لإفساد أحلامه؟
 
   إيلون ماسك ليس رجل أعمال عابرا، بل مزيج غريب من الفوضى المنظمة والهوس بالبدايات الكبرى والنهايات المدوية. هذه المغامرة السياسية قد تكون آخر فصوله على هذه الأرض. لكنه يواجه هنا تحديات أشد صلابة من قوانين الفيزياء. كيف يقود حزبا في بلد مختنق بالاستقطاب؟ أين يجد مرشحا يتجاوز كارزما ترمب ويعيد لمّ شمل المهمشين والمخذولين؟ وهل يستطيع تحويل ثروته الهائلة إلى قاعدة انتخابية تؤمن حقا برسالته، لا مجرد حملة موسمية عابرة؟
 
التاريخ لا يبتسم لمثله. قبله سقط روس بيرو، وفشل رالف نادر، وتلاشت أحزاب ثالثة حاولت كسر احتكار الحزبين الكبيرين. والأسئلة هنا أقسى من أي إجابة: هل حزب ماسك صوت المظلومين حقا أم مجرد انتقام شخصي من رفاق الأمس؟ هل هو محاولة لإصلاح الديمقراطية أم تمزيق آخر لما تبقى منها؟
 
السياسة في نهاية المطاف لعبة بشرية قاسية، قادرة على أن تخذل حتى الأذكى والأثرى. فهل يكون «حزب أميركا» فجرا جديدا يعيد الثقة إلى الناخبين ويكسر احتكار الحزبين، أم يتحول إلى مقبرة جديدة للأحلام الكبيرة؟