عبير عيسى.. وردة الشاشة الأردنية تدخل القلوب قبل البيوت
ديما محبوبة
عمان –الغد- “بالمفك على عينك، والله لأضربك بالقنوة على راسك، الشيخ عفاش يفك الاشتباك، وأحدهم يخرج عن موضوع الدرس ليقول للآنسة وردة يا محلى الكحلة بعيونكي”.
هذا مشهد متكرر في المسلسل الأردني “العلم نور” الذي كان يتحدث عن محو الأمية، ودخلت من خلاله الفنانة الكبيرة عبير عيسى قلوب الأردنيين قبل بيوتهم، إذ كانت شوارع الأردن وقت عرضه تفرغ من روادها، لمشاهدة مغامرات قاسم أبو قنوة، وفرج، والشيخ عفاش، وسلامة.
عبير عيسى الفنانة الأردنية التي بدأت مسيرتها الفنية منذ العام 1977، تقول إنها لم تخرج من عائلة فنية، “لكن عائلتي المكونة من أبي وأمي وأربع أخوات وأخ وحيد يدعى جمال، دعموا فني وساندوني في ظروف العمل”.
تذكر عبير عيسى طفولتها بأنها كانت الفتاة المدللة، التي يحبها الجميع، لتعيش طفولة سعيدة في كنف والدها، الذي كان يعشق البنات، في حين كانت والدتها تميل إلى إخيها الوحيد جمال.
والدها الذي عاش يتيما، عوض حنانه واهتمامه بالعائلة، بينما امرأة فلاحة أصيلة محبة ومعطاءة، ضحت من أجل سعادة عائلتها.
تعرض والدها لنكسة صحية، فاضطرت للعمل وتحمل المسؤولية رغم وجود أختها الأكبر، إلا أنها كانت مخطوبة، فعملت في مكتب انتاج درامي في عمر 16 عاما، وتدربت على الطباعة.
وتؤكد أن الصدفة جعلت منها ممثلة، وحصلت على دور البطولة منذ يومها الأول، وكانت من الفنانات القليلات في تلك الفترة بذات العمر، ولم يكن هناك منافسة، و”ما نسمعه من تكسير عظام في عالم الفن، فالفنانات الأردنيات في حينها كن نجوما لامعة ولديهن باع طويل فلا منافسة بين الشابة الصغيرة وفنانات أخريات”، مبينة أنها كانت دائما تشعر بالوسط الفني أنها ضمن عائلتها فلم تر منهم إلا المحبة والألفة.
وتضيف أن مدير المؤسسة منتج فني، وعرض عليها دور البطولة في المسلسل الأول الذي عملت فيه، الذي تم تصويره في اليونان، مبينة أنها أخرجت لأول مرة جواز سفر لها وحتى اللحظة لم تكن تدرك ما يعني فن وتمثيل، إذ كنت دائما أحلم بوظيفتين إما كابتن طائرة فتعيش بترحال دائم، أو محامية تدافع عن حقوق الضعفاء.
اشتهرت عبير بالمسلسلات البدوية، وشاركت في كثير من الأعمال الخليجية كما شاركت بالمسرح، ومن أهم أعمالها المسرحية “أنا جفرا فلسطين”، و”اختيار حواء”، وشاركت في أكثر من عمل سينمائي مثل بوابة الجنة والرغبة في السقوط.
وشاركت أيضا بالدوبلاج، وأهم أعمالها المسلسلات اللاتينية “روابط الحب”، وجسدت شخصية ماريا فرناندا.
وفي الموسم الرمضاني الماضي قدمت عيسى دورا مميزا في المسلسل العربي “لعنة كارما”، حيث لعبت دور البطولة بشخصية سيدة أعمال ناجحة ووزيرة، وشارك في بطولة العمل: اللبنانية هيفاء وهبي وعدد من النجوم المصريين وأخرجه خيري بشار.
تقول عبير عيسى، اشتهرت بالأعمال البدوية وكان أول عمل لي هو “وعد الحب”، وهو مسلسل أردني، وكان يضم مشاركين من لبنان، منهم إبراهيم مرعشلي ووفاء طربي وزملاء من سورية وتم تصويره فى اليونان.
تؤكد أن “أبو عواد” هو المسلسل الذي أظهر عبير عيسى وجعل منها ممثلة يتردد اسمها في الأردن ودول الخليج، إذ كانت نجاح ابنة أبو عواد الشخصية التي جسدها الفنان الأردني نبيل المشيني، مشيرة إلى أن “عملي معظمه كان مسلسلات، فالسينما في الأردن كانت وما تزال تجارب سينمائية مع اهميتها واحترام هذه التجارب، لكننا بلد غير صانع للأفلام والسينما على عكس المسرح والمسلسلات الأردنية”.
وتذكر أن الدراما الأردنية مرت في التسعينيات بنكسة وتوقف بالكامل، مما ساهم بتقصير الحكومة والجهات المعنية في دعم الثقافة والفن، و”هو الأمر الذي أشعرني بالقهر والظلم، فأنا ممثلة وأريد أن أكون موجودة في هذه الساحة التي توقفت من دون وجه حق فوجدت نفسي في أقصى لحظات الضعف، ورميت ألبومات الصور وجميع أعمالي في القمامة وتخلصت من هذا التاريخ وكنت حينها لا أريد العودة للتمثيل”.
لكن هذه النار التي اشتعلت بداخلها هدأت، وعادت للبحث عن عمل جيد ونص مقنع، وحتى مخرج أفضل.. “أنا وإن كان دوري بسيطا أعمل دائما أفضل ما لدي وأحافظ على شكلي وقوة أدائي”.
وبالعودة إلى حياتها الشخصية، تشير عبير عيسى إلى أنها تزوجت في شبابها، وأنجبت فتاة تدعى منية، وفضلت أن تبقى أما عاملة في مهنة التمثيل ومربية لها، حتى بعد انفصالها عن زوجها، الذي بقي حاضرا هو ووالدته وعائلته في حياتها لأجل ابنتها والمساعدة في تربيتها.
تقول “كثيرا ما كنت أسافر للعمل، فتذهب منية لوالدها وجدتها والدة أبيها، التي كانت تقضي الكثير من الوقت في بيتنا فهي الأم الثانية لمنية”.
والجميل أن منية رغم انفصال والديها لكنها لم تشعر بالغربة أو الوحشة، فعاشت في جو عائلي تجد أمها وأباها بجانبها دائما، محاولة ابعادها عن عالم الفن قدر المستطاع وذلك بوجود المساعدة من عائلتها.
وتنفي عبير عيسى أنها تركت الفن لرعاية ابنتها، “لكن وجودها في حياتي أعطاني حماسا أكثر للعمل، وأسرتي دعمتني كثيرا، حماتي وأسرة زوجي بأكملها دعمتني حتى أستمر في مسيرتي الفنية، وأظن أنني لم أقصر في عملي أو رعاية ابنتي، وأحمد الله أنه وفقني أن أوفق بين الاثنين بلا تقصير في أي جانب.
حاولت عبير عيسى أن تبعد ابنتها عن الفن قدر المستطاع، لكن بعد انتهاء الجامعة ووصول منية لعمر تستطيع فيه اتخاذ القرار، أصرت على دخول الفن، وتمثل بأدوار معينة، لم تستطع أن تبعدها أكثر وكان عليها الرضوخ لذلك، لكن باتباع نصائحها وعدم القبول بأدوار تخرجها عن الخط السليم، لاسمها وفنها.
وتتحدث عبير عيسى بغصة عن الدراما الأردنية، هو موضوع شائك جدا، في البداية كان هناك دراما مصرية ودراما أردنية، “لكن توقفنا كان بسبب قلة الدعم الحكومي، إذ يلزمنا دعم من مؤسساتنا الرسمية وعلى رأسها التلفزيون الأردني، لشراء الأعمال الأردنية ودعمها، وعندها تعود الدراما الأردنية كسابق عهدها.
وتقول، “نحن قادرون على المنافسة ولكن ليس عندنا حجم إنتاج ومنتجين كما يجب.. نحن نعمل بالفعل وكنقابة للفنانين نحاول أن نقوم بجهود للحصول على دعم حكومي”.
وعن الهجوم الذي يتعرض له بعض الفنانين الأردنيين الذين يعملون في مسلسلات مصرية، تؤكد أن الفنان الأردني هو فنان عربي، واعتدنا طوال الوقت على العمل المشترك، فالمركز العربي يمزج كثيرا بين الفنانين السوريين والأردنيين والخليجيين.
وتؤكد أنه بعد اشتهار الفنان الأردني في أعمال أردنية وإثبات ذاته انفتحت أمامه فرص عربية لا ضير من استغلالها، وهو يستحق الشهرة العربية، وصولا للعالمية، فلكل مجتهد نصيب ويستحق المردود المالي الذي يضاهي أتعابه للقيام بأدوار مميزة.
عبير عيسى التي عملت في الإنتاج تقول “لم أجد نفسي فيه، فأنا ممثلة وأحب مهنتي رغم قسوتها أحيانا وقسوة الظروف على الفنان الأردني، مبينة أن آخر أعمالها مسلسل اسمه “شيء من الماضي”، إنتاج أردني بمشاركة إماراتية.
أما دورها في هذا المسلسل، فهي فتاة تملك ناديا ليليا لها خططها في العمل، وبه الكثير من الأحداث، مثل فقدانها لابنها وبعدها صراعها مع رؤوس الأموال، ويظهر الجانب السيئ منها ببعض المشاهد والمواقف التي تجرح الناس ويمكن أن تؤذيهم، وهو دور مختلف، لأنها تبحث عن الاختلاف دوما بكل الأدوار، وهو مما حمسها لهذا الدور.
عيسى عضو في فرقة خشب، وتشارك بمسرحية “هاملت بعد حين”، من إخراج زيد خليل، والمأخوذة من نص الكاتب التاريخي ممدوح عدوان “هاملت يستيقظ متأخرا “، والنص الأصلي يعود إلى المؤلف العالمي شكسبير.
مسرحية “هاملت بعد حين”، أنتجتها الفرقة بجهود ذاتية، بقيادة المخرج والكاتب زيد خليل مصطفى، تجسد تجربة جديدة بما فيها من الإبداع والرؤية الحقيقية، لتطوير التجارب المسرحية الأردنية، منطلقة من خلالها وزملائها إلى العالم محملين بالهم الإنساني والوطني. والآن تحضر لقراءة عمل فلسطيني قروي بعنوان “الخوابي”.