عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Jan-2019

الأردنيون يودعون عاماً مؤلماً.. لنسلك درباً جديداً بهذه اللحظات*جميلة السرحان

 الراي-عامٌ حملَ معه أحلاماً واحلاماً ، وما تبقى منها نحمله في حقيبة سفرنا لعام جديد بتفاؤلٍ وأملٍ لنختار البدايات والنهايات.

 
عامٌ انطوى على إنجازات وخيبات ، وحمل مشاعر وقاد خسائر أدمت القلوب ، عامٌ يمضي بأحداثٍ وقرارات مصيرية على المستوى المحلي والدولي.
 
فبدأ بدايةً حاملاً معه آمال واحلام العام الذي سبقه على الرغم من الحزن على القدس سنين طوالا ، إذ جاء الثلج في بدايته ليعطي أملاً جديداً للحياة ، كان ذاك البياض مخلوطاً بالإثارة ، فتلك المواد الخطيرة المتفجرة التي بُلغ عنها في مبنى الضريبة في جبل عمان ، قد أعطت عنواناً لباقي أشهر السنه الا وهو (الضريبة).
 
وتلك السرقات وعمليات السطو المسلّح لعدد من البنوك ، الّا أنّ طيب نفوس الأردنيين المجبولين بحب تراب هذه الأرض، تصدّوا لذلك بقوةٍ وجأشٍ كبيرين.
 
إلّا أنّ ثلوج هذه الأرض الطيبة ذابت بحريق شبّ بأعرق مكتبه في عمان ، مكتبه الجاحظ تلك المليئة بالكتب العلمية والأدبية.
 
وما أن ينهض الأردني صباحاً إلّا ويسمع رئيس الوزراء السابق يبثُ كلمات (بأن الأردن سيخرج من عنق الزجاجة في منتصف عام 2018) فتضج مواقع التواصل الاجتماعي ونشطاء رواد الفضاء الإلكتروني احتجاجاً على رفع دعم الخبر عن المواطنين.
 
ومع ضنك الحال وارتفاع الأسعار فقد طال هذا الحال مرضى السرطان فلم يكفيهم الألم الذي يعانون ، إذ صدر قرار حكومي ليوقف الإعفاء العلاجي لمرضى السرطان.
 
وتلك الشهور التي لم تخل من ألم وفراق وحزن مطبق على الأرجاء ، فقد سرق شهر آذار من الأردنيين ومن العالم شخصيات محبوبة (هشام معايطة ، وريم البنا) وغيرهم ، وحاول أن يبعث بأرواح أطفالنا بعد ملاحظة دراسات مخبرية على معجون السلايم زيادة حالات التسمم الخطيرة ، لكن هي رحمات الخالق.
 
أمّا تلك الأرواح التي ذهبت في انفجار وحريق صوامع العقبة ، فقد أدمت قلوب الاردنيين ، فودعوهم أهاليهم بألم وحرقة وقد حفروا الأردنيين أسماءهم في قلوبهم.
 
هذا الحزن تشير إليه إحدى الدراسات الاكاديمية بأنه هناك مليونا وسبعمائة ألف أردني أخذوا يعانون من اضطرابات نفسية.
 
إلاّ أن قوة وصلابة الأردنيين هي الغالبة فينفضون ذاك الألم ويقومون إلى الاحتجاج على القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل ، والإضراب عن العمل ، فتعجُ مواقع التواصل الاجتماعي بالإساءات إلى أن تُعلن الحكومة بأن ما نسبته 49%من التعليقات المسيئة مصدرها من خارج الأردن.
 
ومن هنا بدأت الحكاية ، إذْ سطّر الشارع الأردني أسمى وأروع وأرقى أشكال الاحتجاج ، فأخذت العدسات تصّور أبناء الأردن من الدرك والأجهزة الأمنية والدموع في عيونهم وحملهم الأطفال ، وأحدهم يربط الشماغ لطفلة صغيرة استعانت به ، لقطات لطيفة ورائعة وسامية من أبناء هذه الأرض الطيبة.
 
أمّا هتوف فقد انتصر لها الأحرار والشرفاء في هذا البلد الطيب المنابت ، والمذيعتان رهف وناديا تعتذران.
 
فيسير العام بالأردنيين إلى 14من حزيران وتشكيل الحكومة الجديدة بقيادة الرزاز ، فلقد كان للرزاز منهج طيب في الخطاب مع الأردنيين ، فتلك الرسالة من الشاب قتيبه على موقع تويتر يرد عليها الرزاز بتغريدة : «يا قتيبه نعم شيل الهجرة من رأسك.. بس كون مبادر وبمشاركة الجميع سنحقق ما نريد لنا وللأجيال القادمة إن شاء الله»، فأخذت سرائر الأردنيين بالتفاؤل لما سيكون من هذه الحكومة الجديدة.
 
ووسط ذلك كله كانت قضية الدخان مهيمنةً على الأجواء ، فبفضل الأجهزة الأمنية يتم ضبط المواد الأولية لصناعة الدخان ، ليتم بعد خمسة أشهر إلقاء القبض على المشتبه الأول والرئيسي في هذه القضية (عوني مطيع).
 
إلّا أن الأحزان تعود لتخيّم على المملكة فيشيع الأردنيين بالحزن والحرقة والألم شهداء الواجب من رجال الأمن إثر مطاردات للمشتبهين تنتهي بتفجير المكان.
 
حتى أن الموت طال الوسط الفني ليأخذَ أحد الرجال الفرسان الذي تغنى بأدواره البطولية الأطفال والشباب والشيبان فتسمعهم يرددون :
 
واسْتَغْفِري يا بِنْت يا امَّ العَشَاشِيْق..
 
عن قولتِكْ: عبد من عبيد المُوالي..
 
أنا خلف يا بِنْت لَنشفت الرِّيْق..
 
حَمَّايهن لو طَبْ بيهن إجْفَالي..
 
الفنان الأردني (ياسر المصري) إثر حادث مؤسف.
 
إلّا أن الوقت يسير بالأردنيين لزيارات وفود الحكومة للأوساط الشعبية في محافظات المملكة لمناقشة تفاصيل قانون الضريبة ، الذي انتقدته كثير من الأوساط الشعبية الأردنية ، وعبرت عن رفضها لهذا القانون الذي وصفته ب( الجائر المستفز لمشاعر الأردنيين).
 
ليعود الألم الذي إتّسم به عام الأردنيين ليصيب كلّ بيت أردني ، فحزن فيه الطفل قبل الشيبة لتلك الرحلة الطلابية التي تحولت إلى رحلة إلى الموت ،فتحصد أرواحاً بريئة من أطفال ورجال ونساء بين مشارك وبين منقذ ،ولتكشفَ عن كثير من الأمور للشارع الأردني المصدوم ، والذي أصابه الألم أكثر من عدم إدانة مسؤول بسبب تقصيره أو فساده.
 
وما أن تنتهي رحلة موت الأطفال في البحر الميت إلى أن تأخذ الأردنيين خيبات وخيبات، فتلك السيول التي داهمت البيوت وحصدت أرواحاً وارواحا ، إلى الحفر الإمتصاصية والتهامها أطفالاً أبرياء وغيرهم ، ليتساءل الأردنيون :هل تحتاج شوارعنا إلى خريجين من جامعات مختلفة أم جامعات غربية وتحاليل إحصائية وبرامج و و و...
 
هي أحزانٌ أدمت القلوب مع شدة ضنك الحياة ، إلّا أن ترابط الأردنيين لكبير وحبهم لبعضهم لشديد.
 
وينتهي عام 2018 مع الأردنيين بلقاء صاحب الجلالة الهاشمية وسيد البلاد في الجمعة قبل الأخيرة من العام مع الأردنيين في شارع الرينبو مع ابنائه وهم يشترون الفلافل من مطعم القدس ،كرسالة إطمئنان لأبناء الوطن الغالي لتقول :(بأن هناك من يقف إلى جانبهم مهما قست الظروف).
 
فلا بد لنا أعزائي أن تذكر بأننا نملك أسقف تأوينا ، ونملك قوت يومنا ، ونملك بصراً وقلوباً تنبض بالحياة ، وأننا ما زلنا نستنشق هواء أرضنا الطيبة ، ومن أُبتُلي منا فإنّ إبتلاءات اللّه مبطنة بالرحمات.
 
ولنتذكر أننا محاطون بأبنائنا وأقاربنا وأصدقائنا ،وأن أطفالنا ما زالوا يلعبون في الحي بأمان ، وما زالت مدارسنا وجامعاتنا تنبض بتواجد أبنائنا ، وعودتهم لنا مطمئنين ، ولدينا أعمالنا ، ولدينا أهداف نسعى إليها.
 
فلتعلموا أعزائي أنه في كلّ يومٍ إشراقة جديدة ، ومع كل إشراقة هناك لحظات لم تستهلك بعد ،فلنُعدّل الآن ولنسلك درباً جديداً في هذه اللحظات من العام الجديد 2019، بكل ما نملك من قوة.
 
ولتصبحوا أنتم الأجمل بتفاؤلكم وسعيكم الدؤوب وقناعتكم ومحبتكم لتضيئوا هذه البلاد الطيبة، ودمتم سالمين في عامكم الجديد 2019.