وزير الخارجية الأميركية يحضر حفل افتتاح نفق يهدد أساسات "الأقصى"
الغد-نادية سعد الدين
مشاركة وزير الخارجية الأميركي "ماركو روبيو"، بحفل افتتاح نفق صهيوني كموقع تهويدي استيطاني، يمر من أسفل منازل وأسوار البلدة القديمة، حتى جوار أساسات الحائط الغربي، يمثل مباركة أميركية على الانتهاك الصارخ للوضع القائم في القدس المحتلة.
ولا تقتصر زيارة روبيو على تأكيد دعم واشنطن لخطوات الاحتلال بحرب الإبادة التي يشنها في غزة- كما أعلنت وسائل إعلام أميركية- وإنما والمشاركة بحفل انتهاك للحرم المقدسي الشريف، ويضيف عليها زيارة لمستوطنة الاحتلال في حي "سلوان" شرقي القدس المحتلة، وكذلك زيارة حديقة "مدينة داوود" الأثرية، التي تديرها منظمة "إلعاد" الاستيطانية اليمينية المتطرفة.
ويبدو أن وزير الخارجية الأميركي منشغل منذ أن وطأت أقدامه دولة الاحتلال أمس بخطوات من شأنها منح ضوء أخضر للاحتلال في مسعاه لضم الضفة الغربية، وما تبقى من معالم إسلامية في المدينة المقدسة.
والنفق الذي سيباركه روبيو انتهى الاحتلال من أعمال شقه بطول 600 متر يمتد من الطرف الجنوبي لوادي حلوة في حي سلوان بالقدس المحتلة، ويمر من أسفل منازل وأسوار البلدة القديمة، ليصل إلى جوار أساسات الحائط الغربي، وهو جزء من البناء الداعم للمسجد الأقصى المبارك، حيث يقع على بُعد أمتار قليلة من المسجد بما يُهدد أساساته، ويُعزز السيطرة الصهيونية عليه عبر الأنفاق.
ويقع القسم المقرر أن يفتتحه "روبيو" على بعد أمتار قليلة من أساسات المسجد الأقصى وبقايا القصور الأموية التي يعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي خلال الفترة الإسلامية المبكرة.
ويُعد النفق، الذي حُفر من قِبل ما يسمى سلطة الآثار الصهيونية بالنيابة عن جمعية "إلعاد" بتمويل حكومي يقارب 15 مليون دولار، انتهاكاً صارخاً للوضع القائم في القدس المحتلة.
وفي السنوات الأخيرة، أنفقت حكومات الاحتلال المتعاقبة مبالغ باهظة لتحويل بلدة سلوان الفلسطينية إلى قيادة المستوطنين المتطرفين، وإعادة تشكيل الفضاء العام في البلدة القديمة، بهدف ترسيخ السيطرة الصهيونية على مدينة القدس المحتلة، مع تقليص الوجود الفلسطيني.
وتهدف سياسة الاحتلال إلى منع الأحياء الفلسطينية المحيطة بالبلدة القديمة من أن تصبح جزءاً من عاصمة فلسطينية مستقبلية.
وطبقاً لرواية ما يُسمى حركة "السلام الآن" بالكيان المحتل، فقد كشفت الحفريات عن شارع يعود إلى العصر الروماني من القرن الأول الميلادي، والذي تقدمه منظمة "العاد" على أنه "طريق الحجاج"، وتزعم أنه كان يستخدمه الحجاج اليهود المتجهون إلى جبل "الهيكل" المزعوم.
ووفق تلك الرواية، فإن جمعية "العاد" وهيئة الآثار الصهيونية تصور أعمال التنقيب على أنها كشفٌ عن "طريق الحجاج"، مُعززةً بذلك سردية صهيونية دينية زائفة تدعي بأن الموقع وجهة تراثية يهودية ذات دلالات سياسية.
وادعت الحركة أن "زيارة روبيو للموقع تُعد اعترافاً أميركياً بالسيادة الصهيونية على أكثر أجزاء القدس المحتلة حساسية، بما يتناقض مع موقف واشنطن الراسخ منذ عام 1967، ودليل على أن فريق الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" اختار ترسيخ سطوة الاستيطان في قلب منطقة الحرم القدسي الشريف، بدلًا من الدفع بتسوية سياسية.
وتمثل زيارة "روبيو"، في حال إتمامها، أعلى مستوى من التأييد الأميركي للمبادرات التي يقودها المستوطنون المتطرفون في القدس المحتلة والتي تستهدف المسجد الأقصى المبارك.
يأتي ذلك بالتزامن مع أنباء تتحدث عن شمول محادثات "روبيو" مع المسؤولين في الحكومة المتطرفة لخطط الاحتلال لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، في وقت تستعد فيه عدة دول غربية للاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال الأيام المقبلة.
وبحسب وسائل إعلام الاحتلال، فإن رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" لم يحسم موقفه بعد بشأن تنفيذ الضم أو نطاقه، حيث يسعى لمعرفة الموقف الأميركي من هذه الخطوة خلال لقائه مع "روبيو"، خصوصًا ما إذا كان الرئيس "ترامب" سيمنح الغطاء السياسي لذلك.
وأشارت أوساط سياسية داخل الكيان المُحتل إلى أن "روبيو" ألمح في جلسات مغلقة إلى عدم معارضته لخطة الضم، زاعمة بأن إدارة "ترامب" لن تعرقل أي تحرك للاحتلال بهذا الاتجاه، لافتة إلى عقد اجتماعات داخلية في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية خلال الأيام الأخيرة لمناقشة تداعيات الموقف.
وطبقاً لتلك الأوساط، فإن "نتنياهو" يريد معرفة حجم المرونة الأميركية في التعامل مع تداعيات الاعتراف المرتقب بفلسطين، وخصوصًا ما يتعلق بملف الضم.
تأتي هذه التطورات بعد أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة الماضية، "إعلان نيويورك" الذي تقدمت به فرنسا والسعودية، والذي يؤكد على إطلاق مسار نحو إقامة دولة فلسطينية، وحظي بتأييد 142 دولة مقابل اعتراض 10 دول، أبرزها الولايات المتحدة والكيان المحتل، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت.
ومن المنتظر أن يشكل الإعلان قاعدة سياسية لقمة القادة المقررة في 22 أيلول (سبتمبر) الحالي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يُتوقع أن تعلن عدد من الدول اعترافها الرسمي بدولة فلسطين.