عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Aug-2020

نعم يا نتاع احيطوف أنا تطهري - بقلم: جدعون ليفي

 

هآرتس
 
تخيلوا صورة لبقرة توضع على حائط في مسلخ شركة دباح في دير الاسد. المبادرون الى هذا المشروع، شركة صالح دباح واولاده قالوا إنهم فعلوا هذا كبادرة حسن نية من اجل التضامن والتعاطف مع الابقار المذبوحة. “هذه ابقار لحقت بها مأساة فظيعة. على هذه الخلفية فان العمل الذي قامت به شركة دباح هو بادرة حسن نية انسانية تلقائية”، سيكتب اصحاب الاعمدة للوسط المقدس. “هذا نفاق. دباح لا يمكنهم أن يغسلوا ايديهم. فهم المسؤولون عن المذبحة”، سيكتب متطهرو اليسار. “الابقار هي مخلوقات متدنية تم اعدادها كي يأكلها البشر. لماذا ترفعون من شأنها؟”، هكذا سيكتب آكلو اللحوم من اليمين. تعادل. تشابه بين اليمين واليسار. متطهرو العالم، اتحدوا.
هذا ما فعلته نتاع احيطوف في مقالها الاخير في “هآرتس”. لقد أجرت مقارنة بين اليمين واليسار وأدانت المتطهرين. ولكن الحديث لم يكن عن الابقار، بل عن البشر. وليس عن مسلخ، بل عن بلاد منكوبة ومصابة بالندوب، والتي دمرتها اسرائيل المرة تلو الاخرى بقوة تدمير فظيعة وعادت الى تهديدها بتدمير البنى التحتية فقط قبل يومين أو ثلاثة ايام من الكارثة التي حلت بها في الاسبوع الماضي.
احيطوف هي مقاتلة حازمة ومثيرة للاعجاب من اجل حقوق الحيوان وحماية البيئة، بالطبع كانت ستصاب بالصدمة من نفاق شركة دباح. وستخرج بغضب ضدها، وهي محقة في ذلك. ولكن عندما يتعلق الامر بلبنان فإن موقفها يتغير. فهي ضد المتطهرين ومع عرض التضامن في مبنى البلدية. وهي ايضا وجدت تشابها بين الذين فرحت قلوبهم المريضة والشريرة من رؤية الدماء المسفوكة في لبنان وبين الذين ثاروا على النفاق والورع الذي أظهرته اسرائيل. جميعهم متطهرون.
مع الابقار لم يكن هذا ليحدث لاحيطوف. وجيد أن الامر هكذا. بالمناسبة، هي ايضا شوهت اقوالي (“هآرتس”، 6/8) وقالت إن موقفي هو أنه نظرا لوجود احتلال ومبنى البلدية غير مغطى بعلم فلسطين، فمن المحظور تزيينه بعلم لبنان. فقط من لم تقرأ مقالي كان يمكنها أن تنسب لي اقوال الهراء هذه. ولكن حسنا، ادعاء التشابه هو ملاذ المنافقين. المتطهرون هم اعداء رجال الوسط، الذين يريدون تهدئة ضمائرهم وأن يلصقوا بمن ضمائرهم تؤلمهم تهمة التطهر. إن استخدام ادعاء التطهر يستهدف تطهير الظلم الذي أنتجه الصاق التشابه.
التشابه هو لعبة اكاذيب. لقد بدأ بالطبع في بداية ايام الصهيونية مع إلصاق تشابه خاطئ بين المهاجرين اليهود الذين جاؤوا الى هنا وبين المواطنين الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون هنا بالفعل. مائة سنة من عدم التشابه تطرح كمظلة. المحتل والواقع تحت الاحتلال، المستغل ومن يُستغل، المهاجم والمدافع، الضعيف والقوي – جميعهم بنفس اللون. شجار رعاة كبير. بالطبع هذه صورة مضللة تخدم الصهيونية واسرائيل. لا يوجد أي تشابه بين الفلسطينيين واسرائيل، سواء في القوة أو في الحقوق، في موقفهم وفي عدالة نضالهم. خلق تشابه بين الطرفين هو بالضبط مثل خلق تشابه بين المغتصب والمغتصبة. هل كلاهما مذنبان؟.
من هناك انتقل ادعاء التشابه لليسار واليمين في اسرائيل. فهما عنيفان ومذنبان، ولتذهب الحقيقة الى الجحيم. بالطبع الوقائع تحكي قصة معاكسة – العنف هو لليمين فقط. ولكن التشابه الخاطئ استحوذ عليها. المرحلة القادمة هي المقارنة بين المتطرفين في المعسكرين: موشيه فايغلين الذي يرقص على دماء وممتلكات مئات آلاف البشر في لبنان، يشبه من يقولون بأن اسرائيل منافقة، هل فهمتم ذلك؟ رقص على دماء وادعاء اخلاقي اساسي يخلقان تشابها. كلاهما متطهرون حسب احيطوف. الادعاء بأنه ليس لإسرائيل أي حق اخلاقي في ذرف دموع التماسيح على لبنان هو تطهر. أنا فخور بأن أكون تطهريا. واذا كان التفكير أنه لا يوجد هناك أي تشابه بين الشعب الفلسطيني المحتل وبين اسرائيل المستبدة، هو تطهر، فأنا اصرخ بتفاخر بأنني تطهري. واذا كان احد يعتقد أنه يوجد مجال للمقارنة بين المتعطشين للدماء في اليمين المتطرف وبين الباحثين عن العدالة في اليسار المتطرف، عندها تكون الكلمات نفدت عندي.