عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jan-2021

غزوة الديمقراطية*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

حتى أنا؛ استهزأت بغزوة (ترمب العنصري) لمجلس شيوخهم، وتمنيت لو تتحقق توقعاتي بشأن هذا الرئيس العنصري المخبول، والتي لم اتردد في التحدث عنها منذ ان جاء هذا الرجل رئيسا لأمريكا، وتمنيت لو استمر لولاية ثانية، حتى ينكشف القبح الأمريكي كله، ولا يهمني من انكشافه الا ما يتعلق بنا كشعوب مستهدفة أمريكيا لصالح دولة الكيان الصهيوني العنصرية الغاصبة، وقد تحققت توقعات كثيرة منها، ولا تحتاجون ان اذكرها هنا، لكن من المؤسف حقا ان تفوت فرصة نادرة لتقريب العالم من حقيقة صورة امريكا القبيحة.
 
أتحدث عن غزوة ترمب العنصري لبيت الديمقراطية الامريكي، لأقول بأن أمريكا ليس لديها غير الديمقراطية فقط، لتحكم عالم غير ديمقراطي، وتتفوق عليه، وتجيد اللعبة السياسية وتحقيق مصالحها التي تعتبرها وطنية، وهذا بالطبع حق لأية جهة سياسية ترضى بدخول اللعبة الديمقراطية، على الرغم من أن الدول الضعيفة وغير الديمقراطية،  التي تستهدفها امريكا وتتقاطع معها بمصالح غير متكافئة، هي أكثر الدول خسارة في هذه اللعبة، وشعوبها هم الذين يدفعون ثمن الرفاه الأمريكي، لأنها شعوب غير ديمقراطية، وهي بهذا تعتبر جهة مناسبة لإملاءات او (صداقات) أمريكا، تحت شعار (إخراجهم من جور التخلف والديكتاتوريات إلى عدل الديمقراطيات والقبول بخساراتها).
 
امريكا؛ تفهم بأن الديمقراطية هي رصيدها الفعلي، وأنها لا يمكنها ان تدير شؤون شعبها بل شعوبها داخل ولاياتها، إن تخلت عن الديمقراطية، وغزوة ترمب للكونجرس، كان من الممكن ان تكون أخطر من كل الحروب على امريكا، وطبيعي جدا أن يقوموا بتجريمها، واعتبارها ارهابا يستهدف الولايات المتحدة، ويقوضها عن بكرة أبيها، فهذه الدولة الكبيرة، وظفت الاختلاف وقبلت بالعنصرية نفسها في ضوء هذا الاختلاف، وهي تعلم ان خطر العنصرية ضروري، وأنه يتضاءل كلما تمسكوا بالديمقراطية، ويصبح هو عدوها الأول والأخطر في حال تخليهم عن تلك الديمقراطية..
 
نتجرع كل الخيبات في هذه المنطقة، بسبب توحش الليبرالية وهي سلالة شرعية للبراغماتية الرأسمالية، ولا سند أو دعم لأية ليبرالية ان اختفت البراغماتية الأمريكية، وقد جاء ترمب العنصري ليدير المصالح الامريكية ويذهب الى اهدافه عبر اقصر الطرق،  وهذه بالنسبة لأنصاره وللمتطرفين حول العالم وللديكتاتوريات، منهجية تجارية مقبولة، تضمن لهم تبادل مصالح سلس مع امريكا، لكنها ليست في صالح الشعوب الأخرى المقهورة، لذلك عاشت منطقتنا أسوأ ? سنوات من التراجع عن الديمقراطية والاصلاح السياسي، إلا ما جاء بابتزاز امريكي وخدمة لمصالحها، وهي الحالة الفعلية من العلاقات المتوقعة بين (امريكا - بايدن) القادمة من جهة، وبين دول كثيرة حول العالم من الجهة الأخرة، والفرق أن اللغة متدثرة بلبوس ديمقراطي، وليست واضحة كما كانت مع ترمب.
 
لا مناص من الديمقراطية بالنسبة لأمريكا وشعوبها، وهذا قد يعطي الشعوب المقهورة هامشا (إنسانيا) يوفر حالة من الاستقرار، لكنه في النهاية وبالنسبة لنا، لا يصب الا في مصلحة امريكا وحليفتها، وما لنا حظ من الديمقراطية الا ما يوضع مكافئا في كفة المصالح الامريكية.