عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jun-2021

لجنة الحوار.. ما لها وما عليها*علي عبد السلام المحارمة

 الدستور

أولاً: بداية يجب الاعتراف بأن تشكيل اللجنة هو بمثابة إقرار رسمي بأن هنالك ثمة خلل حقيقي ومعيقات جاثمة على مسارات العملية السياسية والنتائج المتوخاة منها، وبالتالي فإن هذا الفهم بحد ذاته يستحق الاشادة لكونه يشكّل حالة من التصالح مع الواقع والبعد عن مسارات تجميل المشهد رغم عيوبه ومخاطره وثغراته.
ثانياً: اللجنة لا تعتبر سلطة بديلة لأيٍ من سلطات الدولة، ومهمتها أن تكون رافداُ للمشرعين وصنًاع القرار؛ وهي بالتالي تشكل حالة ايجابية من الحراك الفكري والتشابك الفلسفي من أجل الوصول لمجموعة أفكار سيكون لها شأنها في صياغة وتعديل التشريعات الناظمة للحياة السياسية، ودورها هو تقديم الرؤى والتوصيات ضمن أعلى قدرٍ من التوافق المتاح؛ فكل عضو له منظومته ومرجعيته الفكرية التي تجعله يمتلك من المواقف ما يختلف عن بقية الأعضاء، وهنا تأتي أهمية حوار أعضاء اللجنة من أجل صياغة مواقف وطنية مشتركة تجاه العملية السياسية وسبل النهوض بها.
ثالثاً: رئيس اللجنة هو رئيس وزاء سابق له ما له وعليه ما عليه، ولا يمكن تسويغ أية مخاوف من وجوده على رأس اللجنة وذلك لأن اللجنة تتضمن قامات وطنية وشخصيات لا يمكن لها أن تقبل بالاكتفاء بدور الكومبرس أو أن يكونوا مجرد أرقام... وبالتالي بصرف النظر عن التوافق على رئاسة اللجنة فالأمر منوط بتفاعل ومشاركة أعضائها؛ وأعتقد بأن وجوده سيكون الهدف منه إدارة الحوار و درافداً إيجابياً لإضفاء الجدية والهيبة المطلوبة على الحوار.
أمّا تشكيل اللجنة فقد جاء نسبياً ممثلاً لكافة الأطياف الفكرية والسياسية؛ وليس الاقليمية فقط، ومرآة للتنوع في المواقف والاتجاهات، ولا يمكن بأي حال الوصول لتشكيلة ترضي الجميع؛ لكن وجود الكثير من الأسماء التي عرف عن أصحابها بأنهم يمتلكون رؤى وحلولا للمشهد قد خلق حالة من الارتياح والقناعة بجدية عمل اللجنة وأهميتها، على الرغم من غياب العديد من الأسماء ذات الطروحات النافعة والجادة والتي كان بالامكان معالجتها؛ أو حتى ورود بعض الأسماء غير المريحة لدى البعض.
رابعاً: أعتقد بأن الوصول لأي عضو من أعضاء اللجنة ليس بالأمر العسير؛ وبالتالي فمن واجب كل من يمتلك رأياً سياسياً تجاه العملية السياسية وسبل النهوض بها أن يسعى لإيصال رأيه والإدلاء بدلوه وعدم الاكتفاء بالصمت والمراقبة عن بعد وانتظار النتائج التي سوف تتمخض عن حوارات اللجنة لننهال عليها بالانتقاد.
وفي الوقت ذاته على جميع أعضاء اللجنة أن يكونوا منفتحين على كافة الأطياف والأشخاص أصحاب الطرح السياسي، ومنظمات المجتمع المدني وجميع الفاعلين لنقل توجهاتهم وتطلعاتهم بمصداقية وحياد؛ وذلك لتكون مخرجات اللجنة قدر الامكان انعكاس للمجتمع الاردني كله وليس لتوجهات أعضائها فقط.
مثلما على اللجنة أيضا البعد عن إقصاء أي مكون من مكونات العملية السياسية والبعد عن التسرع بإخراج النتائج وذلك يتطلب التواصل وفتح الحوارات في كافة الاتجاهات.
خامساً: إن تشكيل هذه اللجنة أمر يستحق الحمد والاشادة والثناء لجلالة الملك، ولا بد لنا من الاعتراف بديناميكية النظام السياسي الأردني واستجابته للتحديات، وبالنتيجة أصبح من المعروف عبر التاريخ أن أهم عنصر من عناصر قوة الدول والأنظمة هو قوتها من الداخل بمشاركة الشعوب في الحياة السياسية وثقتها بسلطات الدولة وأجهزتها المختلفة، ولا يمكن لنا الاكتفاء بالتشكيك والإغراق بحالة الريبة والاحباط دون الانخراط بمسارات النهوض.
سادساً: وربما في ذات السياق تبدو الحاجة ملحّة أيضاً لإطلاق حالة حوار وطني آخر في مجال النهوض الاقتصادي، وذلك بتشكيل لجنة وطنية مماثلة للوصول إلى أفضل السبل التي من شأنها أن توقف نزف اقتصادنا وتضعه على المسار الصحيح.
حفظ الله هذا الحمى العربي وشعبه العظيم وقيادته من كل مكروه.