عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jan-2020

شرط لفلاحة أرضك: اختبار فجائي لقراءة الخريطة - عميره هاس

 

هآرتس
 
النقيب شادي صالح وزميله علي، استيقظا باكرا في يوم الثلاثاء 19 كانون الأول. وفي السادسة صباحا وقفا قرب البوابة الزراعية في جدار الفصل التي تفصل قرى مسحة والزاوية ورفات في محافظة سلفيت عن اراضيها. وهما يخدمان في إدارة التنسيق والارتباط التي تشرف على منطقة قلقيلية وطولكرم وسلفيت. صالح هو قائد ممثلية التنسيق والارتباط في حاجز ايال (قلقيلية)، وهو معروف للمزارعين باسمه الكامل. أما علي فمعروف باسمه الشخصي. الاثنان وقفا قرب البوابة بهدف مصادرة التصاريح الزراعية التي تسمح بالمرور فيها.
عشرات من اصحاب الاراضي في القرى تجمعوا على الجانب الثاني للبوابة وانتظروا أن يفتح الجنود البوابة، كما هي العادة ثلاث مرات في اليوم. جدار الفصل يتعرج في الحقول والبساتين. البوابة توجد على أراضي قرية الزاوية، واسمها العسكري هو “نجمة دان 1969”. ومثل 74 بوابة اخرى في جدار الفصل، هي تستهدف تطبيق قرارات المحكمة العليا: أن تقلص بقدر المستطاع ضرر الجدار على اصحاب الاراضي الفلسطينيين، باعطائهم الحق في الوصول الى اراضيهم وفلاحتها.
الوصول إلى الاراضي – جزء منها على بعد بضع كيلومترات – هو فقط مشيا على الاقدام. واحيانا بواسطة ركوب حمار (اذا لم يطلب الجنود رؤية تصريح للحمار). ومؤخرا سمح الدخول على دراجة نارية. “نجمة دان” هي من الـ 28 بوابة التي تفتح عدة مرات في الاسبوع أو كل يوم في السنة. البوابات الـ 46 الاخرى يتم فتحها فقط مرتين – ثلاث مرات في السنة.
في يوم الثلاثاء المذكور كان علي زهير (49 سنة) من مسحة ينوي تقليم أشجار الزيتون في أرضه وحراثة الأرض، كما هي العادة بعد موسم قطف الزيتون. “عندما قاموا بفتح البوابة، وقف جنديان على الجانب الثاني على أول الشارع من أجل ضمان أن لا نستطيع العودة. شادي أخذ بطاقات الهوية والتصاريح الزراعية وسأل الى أين نذهب. واجبنا بأننا سنذهب الى الاراضي. وقام بوضع التصاريح في جيبه وأرجع لنا بطاقات الهوية”، قال.
وقد قال زهير إن “شادي يقول بأننا نستخدم التصاريح من اجل العمل في اسرائيل. وقال لنا اذا اردتم استعادة التصاريح يجب عليكم الحضور في يوم الخميس الى ادارة التنسيق والارتباط في حاجز ايال (مدخل قلقيلية)، وأن نظهر له على الخريطة موقع اراضينا”.
تصريح زهير جديد نسبيا، ومن اجل الحصول على تصريح زراعي يجب على سكان القرى اجتياز مسار بيروقراطي طويل ومتعب في ادارة التنسيق والارتباط الاسرائيلية، الذي يشمل تقديم وثائق مثل حصر الارث ووثائق الملكية أو وضع اليد واعطاء تفاصيل عن المزروعات. وعلى المزارعين الاثبات بأن نصيبهم في أرض العائلة يزيد على 330 مترا مربعا، لأنهم في الإدارة المدنية قرروا قبل بضع سنوات بصورة اعتباطية بأن القسائم التي مساحتها أقل من 330 مترا مربعا “ليست بحاجة الى احتياجات زراعية”. لذلك، لا يسمحون بفلاحتها. جميع هذه الوثائق تمر تحت أعين عدد من الضباط في جميع أنواع الوظائف البيروقراطية.
مزارعون من قرية الزاوية كرروا على مسامعي نفس المشهد تقريبا الذي حدث في صباح يوم الخميس في 12 كانون الاول. احمد شقير (37 سنة) صادر النقيب صالح تصريحه قرب البوابة. وياسر موقدي (39 سنة) تجاوز الجنود مع مزارعين آخرين نحو ارضه. “سرنا حوالي كيلومتر، عندها ركض جنديان وراءنا وطلبا التصاريح. ايضا قيل لهم بأنهم اذا ارادوا استعادة التصاريح فيجب عليهم الحضور في نفس اليوم الى مكتب التنسيق والارتباط في حاجز ايال.
مثل عشرات الأشخاص قضوا اليوم من اجل المجيء لمقابلة النقيب شادي صالح. وعدد قليل منهم فقط نجحوا في دخول مكتبه. شقير نجح وقال “لقد طلب مني اشير له على الخريطة عن مكان قطعة الارض خاصتي”. ولكن ليس كل واحد منهم يعرف قراءة الخريطة. وهو لم يجتز الاختبار المفاجئ للنقيب صالح. في نهاية المطاف القلائل الذين دخلوا المكتب خرجوا مثلما جاؤوا، بدون استعادة التصاريح. وذلك بعد أن قام الضابط بتصويرهم وهم “لا يعثرون على قسائمهم على الخريطة”. جميعهم بالغون بما فيه الكفاية من اجل تذكر قطع اراضيهم من الايام التي سبقت اقامة الجدار، عندما كان الذهاب اليها هو حدث لجميع أبناء العائلة، سواء من اجل قطف الزيتون أو الاستجمام في ايام الجمعة. وعندما كان يمكن الوصول اليها بالتراكتور والعربة وحتى عندما كان يمكن الذهاب اليها والعودة منها مرتين في اليوم.
في الوقت الذي قام النقيب صالح فيه باختبار شقير واشخاص آخرين من القرية، بضع عشرات من المزارعين الآخرين انتظروا ساعات خارج مكتب التنسيق والارتباط الى أن قيل لهم بأن يعودوا الى بيوتهم. لن يستقبلكم أحد الآن. اذا كنتم تريدون استعادة التصاريح قوموا باحضار خارطة أو صورة جوية لقطع الارض. 56 تصريح تم مصادرتها في تلك الايام من بين الـ 650 تصريح لعبور البوابة، جميعهم من سكان قرى المنطقة الذين يتم احتجاز آلاف الدونمات من اراضيهم في الطرف الآخر للجدار. حقولهم والحرج الطبيعي الذي ينمو الآن في اراضيهم هي الرئة الخضراء لمستوطنة الكنا، مكان نموذجي للسير في الصباح والتنزه في المساء.
اثبات الأحقية
إدارة التنسيق والارتباط، كجزء من الإدارة المدنية، خاضعة لمكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق في وزارة الدفاع. المتحدثة بلسان المكتب قالت للصحيفة ردا على ذلك بأن “السكان الذين لديهم تصاريح زراعية في منطقة التماس والذين يريدون عبور بوابة “نجمة دان”، يطلب منهم عند دخولهم اثبات صلتهم بالأرض عن طريق تشخيص والاشارة إلى قطعة الأرض التي يفلحونها، بهدف التأكد من أنهم يستحقون حقا التصريح المذكور. وفي اطار الفحص تم اخذ تصاريح لسكان وجد تناقض بين حقهم في التصريح وبين الارض التي اشاروا اليها. لذلك، “هؤلاء السكان تم استدعاءهم الى جلسة استماع في ادارة التنسيق والارتباط في افرايم بهدف الاثبات مجددا صلتهم بقطعة الارض بمرافقة خرائط مساحة. وحتى كتابة هذه السطور لم يتم عرض كما هو مطلوب خرائط مساحة بهدف تأكيد الصلة بالارض، لهذا فان سريان التصاريح سيفحص عندما تعرض الوثائق المطلوبة”.
ولكن خلافا لما جاء في الرد، ومن شهادات المزارعين للصحيفة ولـ “موكيد”، لا يظهر أن طلب الاشارة الى قطعة الارض على الخارطة تم قرب البوابة نفسها. للوهلة الاولى، المصادرة تمت بشكل اعتباطي، وفي المكان الذي كان للمزارعين الحق الكامل للتواجد فيه.
احمد شقير قال للصحيفة بأنه اقترح على النقيب صالح أن يريه قسيمته وقسيمة عائلته، لكن الاخير رفض ذلك. وشقير قال ايضا بأنه قبل نحو سنتين تم القاء القبض عليه في سوبرماركت في رأس العين. وقد شرح للشرطية بأنه جاء لشراء اشياء بدون جلوتين لبناته لأن هذه المنتوجات لا توجد في الضفة. وحسب قوله، الشرطية تفهمت الامر وسمحت له بالعودة الى بيته. “سجلي ذلك، لا توجد أي مشكلة”، قال، “ما الذي سيفعلونه لي؟ هل سيهدمون بيتي؟”.
في يوم السبت في 21 كانون الاول، وجدنا احد سكان الزاوية يركب على دراجة نارية ويحمل حقيبة فيها أدوات التقليم، حيث انتظر ساعة حتى يتم فتح البوابة. “لقد جئنا في الساعة 12 ولم يكن هناك أحد”، قال جندي في الموقع العسكري الذي كان لدى احمد شقير رقم هاتفه. بعد ذلك في بيته في الزاوية سألت اولاده واولاد شقيقه واولاد اخواته هل وصلوا في أي يوم الى ارضهم التي تقع خلف جدار الفصل، والجواب كان لا.