عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jun-2019

الرّدع الدّياني والعقوبة القانونية - د.حسان ابوعرقوب

 

الدستور - أعداد لا تحصى من المسلمين لا يشربون الخمر، ولا يأكلون الربا، ولا يزنون، ويبتعدون عن المخالفات التي أمر ديننا بالابتعاد عنها، ما السّر في ذلك، علما أنّ شرب الخمر، والربا، وعقوق الوالدين، ليست جرائم في نظر القانون، ولا يترتب عليها أي عقوبة قانونية؟
حتى بعض الجرائم التي يعاقب عليها القانون كالرشوة، والغش، والتدليس، والاختلاس، تجد أعدادا لا تحصى من المسلمين يبتعدون عنها، دون معرفة بالقانون وأحاكمه، ذلك لأنها محرمة شرعا، وتخالف القيم والأخلاق الإسلامية والإنسانية. 
وجود العقوبات القانونية من الضرورات التي لا أنكر أهميتها، لكنّ القانون يحتاج إلى قضاء يحكم بموجبه، والقضاء النزيه يحتاج إلى أدلة ثبوتية وقرائن ودلائل، وليس من اليسير توفير تلك البراهين والأدلة، فربما يُتّهم شخص بالرشوة،ويكون مرتشيا في حقيقة الأمر، لكن لنقصان الأدلة أو لعدم كفايتها سيخرج المتهم من القفص ويحكم ببراءته. فالقضاء يتعامل مع ظاهر الأمور، وهذه ليست منقصة فيه، بل هي ضرورة إحقاق الحق، وإقامة العدل، كي لا يتهم الناس بعضهم  بعضا بالباطل دون دليل.
الردع الديني يشكل حاجزا أمام المتديّن يمنعه من ارتكاب المعصية ابتداء، فإن وقع تاب خوفا من عدالة السماء لا خوفا من عدالة الأرض، وهنا يأتي الضمير المؤمن ليحاكم صاحبه محاكمة عادلة، تعتمد على حقيقة الأمر، لا على ما يمكن إثباته منها، فيتوب المؤمن من خطيئته، ويعيد الحق لصاحبه طواعية، خوفا من الله لا لمن البشر.
إن تنمية الحياة الدينية وتشجيعها، سيقلل كثيرا من المشكلات الاجتماعية التي نلاحظها اليوم ونعاني منها، كما أن تفعيل الحياة القانونية، بتطبيق القانون على الجميع، وبالسرعة  المناسبة، سيكون له أثره في حل كثير من القضايا المجتمعية.
من خلال الحياة الدينية يتم إحياء الضمائر، ومحاسبة النفس، ومحاكمة السلوك، من قبل المؤمنين أنفسهم، فيقلّ أعداد المتجهين إلى ساحات القضاء، أما مع موت الضمائر، وشذوذ السلوك، وانعدام الأخلاق، ستظل ساحات القضاء تشتكي من كثرة الزائرين لها.