عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Aug-2020

صدور “القصيدة البصريّة في الشعر العربي الحديث” لمصلح النجار

 

عزيزة علي
 
عمان –الغد-  صدر أخيرا عن منشورات ضفاف في بيروت، ومجاز في عمّان، والاختلاف في الجزائر؛ كتاب جديد للأكاديمي الأردني مصلح النجار، بعنوان “القصيدة البصريّة في الشعر العربي الحديث”. ويتناول الكتابُ الحسّاسيّة البصريّة الجديدة في القصيدة العربية الحديثة، والمرتبطة بتطوّر الوعي لدى الشعراء العرب بعلاقة الصورة بالفن التشكيليّ.
د. مصلح النجار يقول في تصريح لـ “الغد”، إن عنوان الكتاب يعلن أن الموضوع هو القصيدة البصريّة في الشعر العربي الحديث، أي القصيدة التي لا يكتمل تلقيها إلا من خلال حاسة البصر، فلا يكفي الاستماع إليها إنشادا، حتى على لسان الشاعر نفسه، بسبب العناصر التشكيلية من رسوم، ولوحات، وصور، وتشكيل بالكلمات، وخطوط، وأبناط، ورموز، واسكتشات، للإخراج الشكلي البصري الذي كان حاضرا في النصوص الشعرية غير البصريّة سواء أكانت سماعية أم قرائية تبعا للعلاقات اللغوية فيها.
ويشير النجار إلى ان العلاقات الأكثر أهمية في القصيدة البصرية هي علاقة العناصر اللغوية بالعناصر التشكيلية. وأما الحيّز الزمني الذي يحدّده العنوان، فهو الشعر العربي الحديث، مع تركيز على تجربة العقود السبعة الأخيرة، وإلمام بما سبقها من تداخلات تجديدية بصرية.
ويعود المؤلف في هذا الكتاب إلى الجذور العربية للقصيدة البصريّة، إذ ظهرت في الأدب العباسي والأندلسيّ، وفي أدب الأعصر المتتابعة ومنها المملوكيّ والعثمانيّ. ويمكن للمطّلع على الأدب العربي في هذه العصور أن يلاحظ انزياحات تقع، ولو نسبيّا، تحت مظلة القصيدة البصريّة بمصطلحنا الجديد، ومن ذلك الشعر الهندسيّ، والشعر المشجّر، والموشّح، والمسمّط، والمزدوج، والمثلث، والمربع، والمربّع المرصّع، والمخمّس، وسواها من أضرب التجديد في الأوزان والقوافي.
ويقول النجار عندما بلغنا الشعراء الرومانسيين، وجدنا “شعر التصوير” كما عند أحمد زكي أبي شادي، وإسماعيل سري الدهشان ونماذج من هذا السلوك الإبداعيّ المبكّر نسبيّا عند أحمد مخيمر، وقحطان المدفعي، حيث ظهرت التداخلات بين الكلمة والعناصر غير اللغوية في القصيدة العربية الحديثة. ولذلك فإنّ حضور القصيدة البصريّة، من حيث الممارسة لا المصطلح، جاء على أكثر من موجة، اهتمّ بها الكتاب، ولكنّه ركّز على قصائد المراحل التي لم يُشبعها النقدُ درسا، وهي العقود القليلة المنصرمة من عمر القصيدة العربية.
ويتكون الكتاب من 360 صفحة من القطع الكبير، تتوزّع على بابين تسبقهما مقدّمة، وتتْبعهما خاتمة، الباب الأول جاء بعنوان “معماريّة السطر والكلمة: الأثر البصريّ”، تنويعات الشكل الطباعيّ للقصيدة العربية الحديثة، من سطور متساوية الأطوال، وسطور متفاوتة الأطوال، وتنوع محاذاة السطور للهامش، أو توسطها عرض الصفحة، وتقسيم الصفحة أعمدةً، والمتون والإحالات والهوامش.
ويستقصي الباب الثاني وهو بعنوان “التشكيل بالموتيفات البصريّة”، الأشكال، والصور، والرسوم، والرموز، والأسهم، والانحناءات والبياض والفراغ، وسواها من العناصر التي اكتنفت القصيدة، والتشكيل بالكلمات والسطور، وتقسيم كلمات القصيدة، وتقطيعها، والخطّ اليدويّ والطباعيّ وتنويع الأبناط، وكتابة القصيدة، أو جزء منها في إطار، وتقسيم الشعر التقليديّ مثل شعر التفعيلة، وتوزيع ما ليس شعرا تقليديّا مثل توزيع الشطور التقليديّة، ومعابثات العنونة، وعلامات الترقيم، وجودها وغيابها، والتقديم للقصيدة أو للديوان بشعر، وبالنثر، وإهداء القصيدة أو الديوان، والتنصيص الإحاليّ، وغير الإحاليّ، وتضمين القصيدة كلاما من لغات أخرى، واستعمال الحرف اللاتينيّ في النّص العربيّ، والعبث تجاه القراءة، ومكان التأليف، وتاريخه، والأرقام التي تتخلّل الكلمات في النّصّ.
وأشارت الدراسة إلى الخلفيات التراثية للقصيدة البصرية، والمؤثرات الأجنبية من أوروبية وغير أوروبية. وكانت أبرز التجارب العربية التي اهتمّت بالقصيدة البصرية موقعة بأسماء الشعراء كمال أبي ديب، وأدونيس، وعلاء عبدالهادي، ورفعت سلام، ويوسف وغليسي، وهشام القرويّ. وتناول الكتاب نماذج لقرابة مائة وعشرين شاعرا منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين، وتوزّعوا على بلدان العالم العربي، والمهجر، بينهم اثنا عشر شاعرا أردنيا.
وظهر من خلال الدراسة الاستقصائية أن الشعراء العرب كانوا واعين لهذا الأفق الحداثي، وخصوصية التجربة البصريّة للقصيدة الحديثة، فلم يدّخروا وسعا في معابثة الشكل الكلاسيكيّ، والثورة عليه، والخروج من أسر النمطية، نحو فضاءات الأثر البصريّ.
ويذكر ان د. مصلح النجّار أكاديميّ وشاعر أردنيّ، وأستاذ الدراسات العليا في الأدب العربيّ ونقده والبلاغة المعاصرة بالجامعة الهاشميّة، ومستشار في مجال الأمن الإنسانيّ. له تسعة وثلاثون كتاباً منشوراً في حقول الأدب والنقد، والأمن الإنسانيّ، والتعليم العالي، وتعليم العربيّة للناطقين بغيرها، وأشرف على عدد كبير من الرسائل والأطاريح لطلبة الدكتوراه والماجستير، ودرّس في برامج الدراسات العليا في الولايات المتحدة الأميركيّة.
حصل على جائزة رابطة الكتاب الأردنيين في مجال الشعر سنة 1991، وعلى جائزة الشارقة لأدب الأطفال 2005، وعلى جائزة التميّز من الجامعة الهاشميّة 2007. من مؤلّفاته: “السراب والنبع: رصد لأحوال الشعريّة في القصيدة العربيّة في النصف الثاني من القرن العشرين”، “البناء اللغويّ للصورة في شعر محمود درويش – مقترب أسلوبي ومقترح لبلاغة جديدة”، وتحقيق كتاب “روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة” لإلياس أبي شبكة، “الدراسات الثقافيّة ودراسات ما بعد الكولونياليّة” (مشترك)، “الحسن بن طلال: حكاية أمير عربيّ”، “اللغة العربيّة – مهارات الاتصال”، “الأمن الإنساني: كل شيء عن حياة الناس”، “الحرّيّات الأكاديميّة” (مشترك)، “التعليم العالي في الأردن” (مشترك)، وله من المجموعات الشعريّة: “حمّى الأشياء المكسورة”، و”كتاب النهايات”، و”مواقف مصلح النجار”، و”وطن وحرّيّة” (للأطفال)، وتحقيق ديوان أحمد أبي عرقوب.