عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Jan-2019

مکفوفون ینادون بالدمج في المدارس کافة ویطالبون بالمساواة
ربى الریاحي
عمان- الغد- یعیش الكفیف واقعا یعج بالصعوبات التي قد تعیقھ أحیانا عن ممارسة حیاتھ بشكل طبیعي كباقي أقرانھ، وتحد من تواجده داخل المجتمع، الأمر الذي یؤثر علیھ سلبا، ویشعره بالغربة، وبأنھ شخص مھمش یفتقد القدرة على التواصل مع محیطھ. رغبتھ بالمساواة وبحثھ الدائم عن تلك النظرة المجتمعیة العادلة من الأسباب التي تدفعھ إلى الانخراط مع من حولھ، ولا سیما في المیدان التعلیمي، لكونھ من أھم المیادین التي تسمح للكفیف بأن یتعرف على أشخاص جدد متجاوزا عالمھ الصغیر المنغلق، كما أنھا تمكنھ من تقدیم نفسھ بصورتھ الحقیقیة.
الدمج تجربة واقعیة خاضتھا الطالبة راما التمیمي بكل ما فیھا من إیجابیات وسلبیات، تقول إن دراستھا في مدرسة عادیة منذ أن كانت صغیرة منحتھا الثقة بنفسھا أكثر وقربتھا من مجتمع یجھل الكثیر عن عالم المكفوفین.
وتضیف أن فقدانھا البصر في بادئ الأمر كان عائقا یقف في طریق دخولھا إلى المدرسة، مبینة أن جمیع المدارس في منطقتھا رفضت وبشدة إعطاءھا الحق بأن تتعلم كغیرھا، والسبب أنھا كفیفة تحتاج إلى اھتمام أكبر ووجود كادر مدرب من المعلمین لدیھ المھارات الكافیة للتعامل مع حالتھا.
وتتابع ”إن إصرار أھلي على تعلیمي جعلھم یتحدون كل العوائق رافضین الاستسلام لتلك العقول المتحجرة“، مبینة أنھا بعد فترة لیست بالقصیرة استطاعت أن تدخل المدرسة، ومن حسن حظھا أنھا كانت تطبق نظام الدمج، الأمر الذي ساعدھا كثیرا على التأقلم مع محیطھا الجدید.
وتوضح أن ھناك تسھیلات كثیرة أسھمت في تفوقھا، وتلقیھا مستوى ممتازا من التعلیم ابتداء من تأمین المدرسة معلمة بتخصص التربیة الخاصة، وأخرى تجید طریقة برایل، وانتھاء بإیجاد بیئة تمكنھا من التحرك بأمان، كما أنھا ترى أن وجودھا في مدرسة عادیة زاد من ثقتھا بنفسھا، مما مكنھا من تقدیم صورة إیجابیة ومشرقة عن المكفوفین.
وتؤكد أنھ ورغم تطبیق المدرسة عملیة الدمج، إلا أن ذلك لا یعني أبدا أنھا لم تواجھ بعض الصعوبات، كحرمانھا من المشاركة بالنشاطات الریاضیة والتغییر المستمر لمعلمة التربیة الخاصة، وعدم تقبل بعض الطلاب لوجودھا.
الدمج عملیة صحیة إیجابیة تقرب المسافات بین ذوي الإعاقة ومجتمعھم وترفع مستوى الوعي بقدراتھم وبضرورة انفتاحھم على العالم الخارجي راغبین بالتحرر من قیود الإعاقة والنظرة الدونیة.
أما الطالب راكان العبادي الذي یصف دراستھ في المدرسة العادیة بالمعاناة، فیقول إن مشكلة كبیرة كانت وراء فقدانھ البصر وھو في الصف الخامس، أثرت على حیاتھ وجعلتھ غیر قادر على القراءة والكتابة بالخط العادي، وعاش إقصاء وغربة وتجاھلاً في البدایة، مرجعا السبب في ذلك إلى قسوة الطلاب وتخلي بعض الأصدقاء عنھ وقلة تعاون المعلمین مع وضعھ الجدید.
ویبین أن إحساسھ بأنھ مرفوض غیر مرغوب بھ في المدرسة أجبره على تركھا، والبحث عن مدرسة أخرى تتقبلھ كما ھو، لكن ذلك لم یحدث لأن جمیع المدارس التابعة لمنطقتھ رفضت قبولھ، معللا ذلك بأن وجود مثل ھذه الحالات الخاصة في المدارس العادیة أمر یتطلب تأھیلا مسبقا للكادر التعلیمي بأكملھ.
قراره بالانقطاع مدة سنتین عن الدراسة آذاه نفسیا وأشعره بالضیاع، ولأنھ یرفض أن یعیش غیره التجربة المؤلمة نفسھا التي عاشھا یطالب بأن تطبق عملیة الدمج، لكن ضمن أسس مدروسة وممنھجة تكفل الأمان النفسي والاجتماعي للكفیف.
ویؤكد أنھ الیوم وبعد دخولھ أكادیمیة المكفوفین یجد أنھ استعاد حقھ في التعلیم في بیئة مدرسیة
تھتم بھ جیدا، وتمنحھ كل الحقوق لیكون شخصا سویا ناجحا یتساوى مع غیره.
مدیر دائرة التربیة الخاصة في وزارة التربیة والتعلیم الدكتور سامي محاسیس، یقول ”إن ھناك توجھا عالمیا لدمج الأشخاص من ذوي الإعاقة مع أقرانھم العادیین، وإعطائھم الفرصة الكاملة لكي یشعروا بالمساواة، وبأنھم كغیرھم لدیھم المؤھلات الكافیة لینجحوا ویتفوقوا“.
ویضیف ”عملیة الدمج لیست فكرة جدیدة بالنسبة للأردن، جھود كبیرة بذلت من أجل أن تطبق
واقعیا، وضمن المعاییر المحددة، والتي تمنح ھؤلاء الأشخاص الأمان النفسي والبیئي“.
ویكمل ”ھناك خطة عشریة التزمت بھا وزارة التربیة والتعلیم ھدفھا الوصول إلى جعل جمیع مدارس المملكة خاضعة للتعلیم الدامج“، مبینا ”أن نجاح ھذه الفكرة یرتبط بشكل وثیق بقدرتنا على مواجھة كل المعوقات وتذلیلھا لمصلحة ذوي الإعاقة“.
ویشرح ”تطبیقنا للتعلیم الدامج یتطلب منا تھیئة البیئة المدرسیة بحیث تتناسب وأشكال الإعاقة
كافة وتوفیر المواصلات الآمنة وفقا لشروط السلامة مع مراعاة الفروقات الجسدیة لكل طالب، وأیضا إخضاع جمیع المعلمین لدورات تأھیلیة تمكنھم من التعامل مع ھذه الفئة ومساعدتھم أكادیمیا، بالإضافة إلى تمكینھم من التأقلم مع أقرانھم مع تأكید ضرورة تقبلھم وعدم إقصائھم عن الأنشطة المدرسیة“.
ویشیر إلى أن الوزارة عینت ھذا العام تسعین معلما بتخصص التربیة الخاصة؛ لتحقیق الھدف المرجو من عملیة الدمج، ولثقتھا الكبیرة بأھمیة ذلك في تقلیص الفجوة بین الأشخاص من ذوي الإعاقة وأقرانھم، وخلق أجواء مریحة تبعث على الارتقاء بالمستوى التعلیمي، مؤكدا أنھ تم تطبیق فكرة الدمج في خمس مدارس بشكل مبدئي، وتم قبول أكثر من ثلاثمائة طالب وطالبة.
ویرى أن المشكلة التي تعرقل عملیة الدمج محصورة في المدارس المستأجرة، والتي تشكل نسبة
10 بالمائة، لكونھا لا تراعي شروط البیئة الآمنة، كما یشدد على أھمیة دور وسائل الإعلام المختلفة بالتعاون مع وزارة التربیة والتعلیم والمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقین في عمل حملات تثقیفیة للأھل والمجتمع بفئاتھ كافة تبرز الأھداف الحقیقیة لعملیة الدمج ومدى تأثیرھا إیجابیا على جمیع المستویات.
الأخصائي النفسي الدكتور موسى مطارنة، یرى أن عملیة دمج ذوي الإعاقة في المدارس العادیة مع أقرانھم خطة ضروریة تشجع على التفاعل فیما بینھم وتبعدھم عن العزلة والشعور بالدونیة، كما أن الدمج یمنحھم الإحساس بأنھم، كبقیة أقرانھم، قادرون على التأقلم مع مجتمعھم،
وبالتالي یصبح لدیھم حالة من الانسجام مع محیطھم كونھم یتحررون من فكرة أنھم أشخاص منبوذون اجتماعیا. ویضیف ”قدرتھم على التعاطي مع بیئتھم المدرسیة بجدیة وصبر وإصرار على تحویل كل الصعوبات لمصلحتھم تزید حتما من دافعیتھم وحماسھم وترفع أیضا من استعدادھم للتنافس مع غیرھم وتمكنھم من التغلب على إعاقتھم“.
ویبین أن الدمج حالة صحیة لا بد منھا بشرط أن تتوافر كل الخدمات اللازمة التي من شأنھا أن تحقق الاستقرار والاتزان النفسي للشخص من ذوي الإعاقة.
ویؤكد أن تطبیق التعلیم الدامج في المدارس یطور من كفاءة الطلبة ومھاراتھم ویجعلھم أكثر تقبلا لبعضھم بعضا، وبالتالي یخلق بینھم نوعا من الألفة والتقارب والاحترام.