صفقة إنقاذ تيك توك.. الأمن القومي أولاً
الغد
بدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقّعت شركة تيك توك اتفاقية مشروع مشترك مع مجموعة من المستثمرين الأميركيين والأجانب الخميس، لتفادي خطر حظر التطبيق في الولايات المتحدة بسبب ملكيته الصينية.
وأفاد الرئيس التنفيذي لـ"تيك توك"، شو تشو، في مذكرة داخلية لموظفيه، بأن الشركة الأم بايتدانس وافقت على إنشاء الكيان الجديد بمشاركة "أوراكل" و"سيلفر ليك" وشركة الاستثمار الإماراتية إم جي إكس (MGX) كمستثمرين رئيسيين.
وتحتفظ "بايتدانس" بنحو 20% من الأسهم في الكيان الجديد، وهي النسبة القصوى المسموح بها للشركات الصينية بموجب القانون الأميركي.
وأشار تشو إلى أن الاتفاقية، التي لم تكتمل بعد، تمثل خطوة حاسمة لتأمين مستقبل "تيك توك" في الولايات المتحدة، حيث يتيح المشروع المشترك استمرار وصول أكثر من 170 مليون أميركي إلى المحتوى على المنصة، ضمن إطار حماية البيانات المحلية وأمن الخوارزميات ومراقبة المحتوى.
وبموجب الاتفاق، سيتحكم الكيان الأميركي الجديد بتطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، بينما ستستمر "بايتدانس" في إدارة التجارة الإلكترونية والإعلانات والتسويق على المنصة الجديدة. وسيعاد تدريب خوارزمية "تيك توك" على بيانات المستخدمين الأميركيين، فيما ستتولى "أوراكل" تخزين البيانات الأميركية، وفقاً لمذكرة تشو.
ويأتي هذا الترتيب استجابة لقانون صدر في عهد الرئيس السابق جو بايدن يجبر "بايتدانس" على بيع نحو 80% من أصول "تيك توك" في الولايات المتحدة لمستثمرين غير صينيين، أو مواجهة حظر التطبيق في أكبر أسواقه. وحذر مسؤولون أميركيون، بمن فيهم ترامب نفسه، من إمكانية استخدام الصين لتطبيق تيك توك لجمع بيانات الأميركيين أو ممارسة نفوذ عبر خوارزميته المتقدمة.
وتشير مذكرة تشو إلى أن الصفقة ستخضع لموافقة الحكومة الصينية قبل إتمامها، رغم تصريحات ترامب بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ يوافق على الاتفاق. كما ستتطلب الصفقة موافقات تنظيمية في الولايات المتحدة والصين. ومن المتوقع إتمام الصفقة بحلول 22 يناير/كانون الثاني 2026.
كانت إدارة ترامب أعلنت، في سبتمبر/أيلول الماضي، أنها توصلت لاتفاق مع الصين لنقل السيطرة على عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة إلى مجموعة من المستثمرين الأميركيين، ووقع الرئيس الأميركي أمراً تنفيذياً يعتبر الصفقة "تصفية مؤهلة"، مؤجلاً تطبيق قانون الحظر أو البيع لمدة 120 يوماً لإتاحة الوقت لإتمام الصفقة.
يذكر أن "تيك توك" أصبح أحد التطبيقات الأكثر شعبية في الولايات المتحدة، ويعتمد على خوارزميات معقدة للتوصية بالمحتوى، مما أثار قلق السلطات الأميركية بشأن جمع البيانات وتأثيرها على المستخدمين، وهو ما دفع إلى إقرار القانون الذي يفرض بيع الأصول الأميركية أو حظر التطبيق.
ويعد لاري إليسون، مؤسس شركة أوراكل ورئيسها التنفيذي، من الحلفاء القدامى لترامب، وعُرِف بدوره في دعم صفقات كبيرة تتعلق بالذكاء الاصطناعي مع شركة أوبن إيه آي، ومشاركته في صفقات ترفيهية مثل استحواذ نجله ديفيد على شركة باراماونت، والصراع الحالي ضد "نتفليكس" للاستحواذ على شركة وارنر براذرز، ما يعكس شبكة علاقات واسعة تؤثر في الصناعة الرقمية العالمية.
و"سيلفر ليك" شركة استثمار خاصة أميركية متخصصة في التكنولوجيا، لديها خبرة واسعة في تمويل صفقات ضخمة لشركات عالمية مثل "دِل" و"سكايب" و"علي بابا".
أما شركة إم جي إكس، ومقرها في أبوظبي، فتحظى بدعم صندوق الثروة السيادي "مبادلة للاستثمار" وشركة الذكاء الاصطناعي جي 42، وشاركت في جولات تمويلية لعدد من أبرز شركات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك "أوبن إيه آي"، و"إكس إيه آي" المملوكة لإيلون ماسك، و"داتا بريكس".
وتأسست "إم جي إكس" في مارس/آذار 2024، وتستهدف وصول قيمة أصولها إلى مائة مليار دولار، وأصبحت أداة رئيسية في استراتيجية الإمارات العربية المتحدة للريادة في قطاع الذكاء الاصطناعي.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، انضمت "إم جي إكس" إلى "أوبن إيه آي"، و"سوفت بنك" و"أوراكل"، لدعم مشروع "ستارغيت" الذي يهدف إلى تمويل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، بقيمة مائة مليار دولار. كما تعاونت الشركة مع "بلاك روك" و"مايكروسوفت" في سبتمبر/أيلول الماضي، ضمن خطة قيمتها 30 مليار دولار لبناء مراكز بيانات وبنية تحتية للطاقة.
انتقال السيطرة على "تيك توك" إلى الشركات المذكورة لا بد أن يثير تساؤلات حول حرية التعبير وانتشار المحتوى السياسي، وتحديداً المحتوى الفلسطيني الذي شهد في السنوات الأخيرة حالات حظر أو تقييد على المنصة. ويخشى المستخدمون الفلسطينيون والداعمون لقضاياها من أن تركز إدارة المشروع المشترك على مراقبة المحتوى وفق معايير السوق الأميركية، ما قد يؤدي إلى الحد من انتشار مقاطع الفيديو المرتبطة بالقضية الفلسطينية على المنصة.
هذه المخاوف تتعلق بالتحكم في الخوارزمية ومعايير الانتشار وليس بالملكية المباشرة للشركة، ما يعني أن أي قيود قد تكون ناتجة عن آليات تقنية وسياسات داخلية لتصنيف المحتوى.- وكالات