عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Oct-2025

أوروبا المريضة!*احمد ذيبان

 الراي 

توصف أوروبا في العديد من الأدبيات السياسية ب"القارة العجوز" ، وهي في هذه الأيام تبدو أكثر شيخوخة، وتواجه تحديات استراتيجية تهدد بتقليص دروها السياسي والاقتصادي على مستوى العامي، بل وتمر بحالة ارتباك غير مسبوقة بعد أن كانت في فترة الاستعمار صاحبة نفوذ واسع وخاصة بالنسبة للاستعمارين البريطاني والفرنسي، وكانت بريطانيا توصف بالعظمى والامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، نظرا لكثرة مستعمراتها في مختلف انحاء العالم ، وحتى اليوم يوجد دول تصنف بانها خاضعة للكومونلث البريطاني ،
 
ويعد تشارلز الثالث رئيسا رمزيا للمجموعة المكونة من 16 دولة عضو، والمعروفة باسم عوالم الكومنولث، بالإضافة إلى 33 دولة من الأعضاء الجمهوريين وخمس دول أعضاء آخرين ملوكًا مختلفة ، وخلال فترة الاستعمارين البريطاني والفرنسي، ارتكبت الدول المستعمرة جرائم وحشية بحق شعوب المستعمرات!.
 
أما في الظروف الراهنة فقد تبدلت الصورة ، وأصبحت أوروبا رغم ما يجمعها من اتحاد وعلاقات اقتصادية وسياسية مميزة، لكنها تبدو ضعيفة أمام املاءات الرئيس الأميركي ترامب، الذي يتعامل معها باستخفاف لافت، وهي تبدو أمامه كقزم سياسي، وبفعل بلطجة ترامب السياسية وخضوع أوروبها لها نجح خلال قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" قبل أشهر ، بالزام دول الحلف بزيادة مساهمتها بموازنة الحلف الى خمسة بالمئة باستثناء اسبانيا رفضت الامتثال ، ولم تكتف مدريد بذلك بل اتخذت موقفا وسياسية موضوعية اتجاه حرب الابادة التي شنتها دولة الاحتلال على قطاع غزة ، وأوقفت تزويد اسرائيل بالسلاح بمعنى أن القرار المستقل مرتبط بالارادة السياسية .
 
ومن جهة أخرى تواجه الدول الأوروبية تحديات استراتيجية من جانب روسيا، التي تخوض حربا دامية منذ ثلاث سنوات ونصف العام مع أوكرانيا، بسبب اطماع روسية في الأراضي أوكرانيا والتي بدأت عام 2014 بضم روسيا شبه جزيرة القرم التي كانت تابعة لأوكرانيا، وخلال الأشهر الأخيرة اتهمت العديد من الدول الأوروبية روسيا بارسال مسيرات وطائرات مقاتلة اخترقت سيادة تلك الدول، فيما يبدو أنه استفزاز متعمد لرصد ردود فعل تلك الدول بل وامتحان قدرة حلف "الناتو" على التجاوب مع تلك الاستفزازات .
 
وحالة الارتباك الأوروبي وحلف "الناتو" تبدو أكثر وضوحا بوقوف أوروبا وخاصة الدول الرئيسية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا ، التي ترمي بثقلها في دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا ، حيث دفعت أوروبا منذ بداية الحرب الروسية على أوركرانيا مئات المليارات من الدولارات ،سواء قيمة أسلحة أو مساعدات مالية .
 
وهو موقف مختلف عن تعامل الرئيس الاميركي ترامب، مع هذه الحرب الذي يتهم سلفه الرئيس بايدن بأنه دعم أوكرانيا في حربها مع روسيا، بأكثر من 350 مليار دولارمساعدات مالية وقيمة أسلحة، وأكثر من ذلك فقد طالب ترامب أوكرانيا ، بتوقيع اتفاق مع كييف لاستثمار المعادن الثمينة ، وقد فرض توقيع ذلك الاتفاق باستخدام البلطجة السياسية!
 
وقبل أيام ظهر الرئيس الروسي بوتين يشرف على تدريبات، لاستخدام الأسلحة النووية في اشارة لارهاب القارة الأوروبية، بل التلويح بالعصا النووية في وجه أميركا، فيما تقوم الدولتين النوويتين روسيا واميركا باستعراض قوتهما، من خلال طلعات تقوم بها قاذفات استراتيجية، وسبق أن أطلق الرئيس بوتين ايحاءات تقارن بين حربه في أوكرانيا وبين انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية، وذلك خلال خطاب ألقاه في شهر مايو –أيار الماضي ، في الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية بعرض عسكري كبير!
 
وفي اطار سياسة التصعيد يبدو أن الدول الأوروبية تستخدم الورقة الأخيرة لديها ، حيث أقرت دول الاتحاد الأوروبي رسميا ، الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات ضد روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، وتشمل العقوبات حظرا على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، وتُعدّ هذه الحزمة من أشد العقوبات الأوروبية منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا.
 
وتهدف الإجراءات الجديدة إلى حرمان موسكو من موارد الطاقة وتقويض قدرتها على تمويل الحرب، عبر فرض قيود على الغاز الطبيعي المسال الروسي ، وتوسيع نطاق الاستهداف ليشمل شركات آسيوية متهمة بدعم روسيا.
 
وتتزامن هذه العقوبات مع أدراج وزارة الخزانة الأمريكية شركتي النفط الروسيتين الكبيرتين "روسنفت" و "لوك أويل" والشركات التابعة لهما، في قائمة العقوبات التي وصفها الرئيس ترامب بأنها عقوبات هائلة.
 
وحسب تصريحات مسؤولين أوروبيين، فاذا لم تفلح هذه الخطوة في ردع الكرملين، قد يلجأ الغرب إلى توجيه ضربة أخرى ، عبر مصادرة كل الأصول الروسية المجمدة في الدول الغربية، بما في ذلك أصول للبنك المركزي الروسي تقدر بحوالي 280 مليار دولار، في شكل أوراق مالية ونقد، معظمها من خلال شركة المقاصة "يوروكلير" ومقرها بلجيكا.