الراي
1- في الأحد السابق لعيد الميلاد المجيد، احتفل بطريرك القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا،بقداس الميلاد المسبق في كنيسة العائلة المقدسة في غزة، لكي يقول للعالم بأن العيد هذا العام يحمل أملاً ورجاء جديدين احتاجهما الشعب في غزة، وبالأخص المقيمون في الكنيسة منذ أكثر من عامين، أي منذ أن بدأت الحرب المسعورة على الشعب الفلسطيني في غزة.كم كان جميلاً أن نرى الابتسامة على وجوه الأطفال من جديد. معظمهم قد نشأ في سنواته الأولى في هذه الكنيسة التياحتضنته أيام الحرب والشدة والضيق، فكانت لهم بمثابة الأم الحاضنة لعائلاتهم ووالديهم. وكانوا يمضون جلَّ وقتهم بالصلاة في داخل الكنيسة التي تحمل اسم العائلة المقدسة.
2- إلى ذلك نقول بأنّ هذا العيد أيضًا مميّز،إذ يحمل الرقم التالي2025، وعلى كعكة العيد لميلاد هذا العام يوضعرقم 2025. فهذا الحدث الذي تحتفل به الأجيال تلو الأجيال عمره ليس قصيرًا،بل هو من عمر هذا اليوبيل الذي أحيته الكنيسة في العالم أجمع من خلال رحلات الحج، وبالأخص إلى الفاتيكان بعدما فُتح الباب المقدّس في عشية العيد العام الماضي 2024 على يدي البابا فرنسيس الراحل، بينما سيغلقه خليفته البابا لاون في عيد الغطاس، في السادس من كانون الثاني من العام الجديد.
3- اليوبيل أيضًا حمل عنوان الرجاء، وكانت الأحاديث والعظات في الكنائس تتمحّور حول هذه"الفضيلة" الرائعة، التي إن تخلّى عليها المؤمن سقط في فخ اليأس والقنوط والشعور بالخذلان. لكن "الرجاء لا يُخيِّب صاحبه" كما يقول القديس بولس.لذلك انتقلت الكنيسة، الخارجة من حزنها على وفاة البابا الراحل الذي وضع بصمات إنسانيّة وروحيّة رائدة، إلى الفرح باستقبال البابا لاون الرابع عشر، الذي يحتفل لأول مرّة كحبر أعظم بعيد الميلاد المجيد.والكنيسة اليوم فخورة بقيادته التي بيّنت أنه يُكمل ما أرساه سلفه، بل أسلافه الراحلون،وجلّهم قد أصبحوافي مصاف القديسين.
4- ونصعد إلى مدينة بيت لحم التي أضاءت بعد ظلمة الحرب أنوار ميلادهافي ساحة المهدقبل أيام قليلة. وكم كان الحضور زاهيًا ومتنوّعًا من مختلف أطياف الشعب الفلسطيني، الذي نصلّي إلى الله أن يبقى دائمًا واحدًا ومتوحّدًا؛ أولاًفي المطالبة بإنهاء الاحتلال، وثانيًا في التطلّع إلىمستقبل مُشرق ومُشرّف للشعب الفلسطيني، ولدولته المستقلة،وحريته بعد نضاله الطويل. كلّ التحيّة لشعب فلسطين الصابر والصامد، ومن أجله نرفع صلاتنا من أجل نعمةسلامٍ لا تحكمه مصالح،بل تقوم على العدالة والمساواة والاحترام الكامل لحقوق الإنسان، كبيرًا كان أم صغيرًا.
5- في الأردن، وبينما استقبل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم رؤساء الكنائس، مهنئًا إياهم بعيد الميلاد المجيد،يرافقهم قيادات مسلمة في هذا الوطن، وفي فلسطين، وفيماأضاء ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني المعظم شجرة الميلاد في مدينة الفسيفساء مادبا،ومع توالي زيارات ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النوابوالحكّام الإداريينإلى مختلفالكنائس، نقف شاكرينالرّب على خمسة وعشرين عامًا من هذا القرن، بعد أُعلن عيدالميلاد عيدًا رسميًّا منذ أول عيد ميلاد في عهد جلالة الملك عام 1999. وقد ترسّخت هذه السُنَّةالحميدة منذ عام 2000، لنقول اليوم إنّنا نعيش العيد الفضي لعيد الميلاد المشترك،العيد الوطنيّالجامع، الذي نشكر فيه الله على الحكم السعيد لجلالة الملك المعظم، الذي أراد منذ أول عيد ميلاد في عهده أن يخلق أجواء أسرية عائلية نعيشها اليوم بكل جدارة واحتراموتقديرلهذه المبادرة العريقة والتاريخية.
6- وفي عيد الميلاد، نرجو من الله أن يبزغ ميلاد جديد بعودة أفواج الحجّاج إلى أرضنا المقدّسة. فقد أثّرت الحرب خلال السنوات الماضية على حضور الإخوة والأخوات الحجّاج من مختلف أنحاء العالم، وذلك بعد أزمة كورونا التي ألقت بظلالها أيضًا على السياحة عالميًا.ومن هنا، نودّ أن نوجّه في عيد الميلاد هذا نداءً إلى كل حجّاج العالم الراغبين في القدوم إلى الأرضالمقدسة،ليغترفوا قبسًا من الروح والمعنويات التي ينالها الحاج عند زيارته للأماكن المقدّسة، حيث يتجدّد الإيمان ويقوى الرجاء.
7- ونوجّه الأنظار من اليوم أيضًا إلى أنّنا في عام 2030 سنحتفل بيوبيلمرور ألفي عام على عمّاد السيد المسيح، وهو حدث يتطلّب تحضيرًا جادًا في مجال السياحة الدينية،لاستيعاب أفواجقد تصل إلى الملايين، تأتي إلى أردنّنا الغالي، وتتبارك باستقراره وأمنهومائه المقدّس الذي تعمّد به السيد المسيح قبل ألفي عام. إنّ هذا الاستحقاق يستدعي،بطبيعة الحال، النظر بعين المسؤولية إلى آليات التعاون بين مختلف الفاعليات، من أجل ضمان ازدهار القطاعالسياحي على الدوام، رغم العثرات ورغم الظروف الإقليمية التي تؤثّر علينا. ومع ذلك، نطمح إلى أن نشهد ربيعًا مزهرًاومزدهرًا في السياحة الدينية،تحضيرًا لعام 2030، بما يليق بقيمة الحدث وقداسة المكان.
كلّ عام وأردننا الغالي بنجمته السباعية ، ملكًا وولي عهد وشعبًا وأجهزة أمنية بألف خير...