عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Mar-2019

التوازن الوجودي في ظل المتغيرات! - م. هاشم نايل المجالي

 

الدستور - لطالما ظننا ان الهروب من مواجهة الازمات او حقائق الامور السلبية هو السبيل لتحاشيها، وهو السبيل للتخفيف من الضغوط والمشاكل، او الهروب من الفشل الذي يلاحقنا نتيجة سوء بعض ادارتنا، فهو هروب من واقع مؤلم ولكل واحد منا اسلوبه الخاص بالتعامل مع ذلك الواقع منها التأجيل المستمر باتخاذ القرارات، او العزلة او السفر وهكذا، لنخلف لانفسنا واقعاً يمثل حياة غير واقعية جدرانها من راحة البال والسعادة وهذا هو العالم الخيالي المصطنع البعيد عن مواجهة الحقيقة.
ومن جانب آخر فان هذا الهروب المتعمد سيقلص العلاقة مع المحيطين به ظنا ًانه سيحقق بذلك السلام الداخلي والطمأنينة ليبقى في حالة عدم الاتزان، حتى ان البعض يتوجه الى الخرافة اذا لم يستطع ان يطرح حلولاً منطقية لازماته، حيث ان الخرافة تعطيه وهم السيطرة على ما هو خارج نطاق احتماله ومقدرته وقدرته ليسعى الى التوازن الوجودي.
ليجد البعض منا اننا امام ابواب نطرقها ونحن نعلم ان الحل ليس خلفها لكن لارضاء انفسنا داخلياً، فهل الهروب سبيل ام انه عجز علينا ان نعترف به، ام هو ضعف فعلينا ان نواجه الازمات والفشل لا ان نهرب منه علينا ان نواجه ضعفنا ولا ننكره.
علينا ان نواجه اغلاطنا لا ان لا نعترف بها فالواقع هو الواقع سواء رضينا بذلك ام ابينا سواء اعترفنا او انكرنا فهو واقع، فأي معضلة او ازمة علينا ان نعترف بوجودها وعلينا تقدير حجمها ومدى تأثيرها على انفسنا وعلى المحيطين بها، وستأتي اللحظة التي تجد نفسك مضطراً الى المواجهة لكن بعد ان تكون المشكلات قد استفحلت ليكون قد ضاع الشيء الكثير، فالهروب من الواقع ومن مواجهة الحقيقة ليس حلاً، وعلينا ان نعزز الايجابيات وازالة السلبيات وتصحيح الاخطاء قدر المستطاع.
وللدعم الايماني دور كبير في تهدئة النفس وترويضها فالانسان مهما بلغت مكانته وقوته بحاجة الى الركون الى جانب قوي قادر ان يستشعر بحمايته وحفظه وهدايته الى صواب القول والفعل والتدبير.
وما من ركن اقدرعلى ذلك من التوكل على الله سبحانه وتعالى وهو اعظم علاج، قال تعالى ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدراً ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا سالت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ).
لقد شاهدنا الكثير من رجال الاعمال واصحاب المصالح الكبرى وغيرهم يفرون ويهربون خارج الوطن لفشل ادارتهم ومواجهتهم للازمات، هروباً من مواجهة الحقيقة والبحث عن حلول لازماتهم ليفقدوا مصداقيتهم ومكانتهم الاقتصادية والمجتمعية، وكما قيل ان تُجرح وتتألم بمعرفة الحقيقة خيراً لك من ان تشعر بالسعادة بالكذب والهروب من مواجهتها.
فهؤلاء الذين هربوا من مواجهة ازماتهم لا يمكن للهروب ان يبعد عنهم المتاعب او يزيلها، لكنه ينسيها لبعض الوقت من فكره وسوف تعود وتتفاقم اكثر مما كانت عليه، فالمواجهة قوة والهروب ضعف وستبقى تلاحق الانسان اينما كان لتحطم ذاته وتحدث شللاً في محاور التفكير لايجاد الحلول لازماته.
حيث تغيب الرؤية الحقيقية لطبيعة الازمات واهتزاز ثقته مع الآخرين ويفقد طموحه بالحياة، وهناك من يصنع لنفسه عالم مثالي افتراضي كوسيلة وهمية للهروب من الواقع الذي يزداد سوءاً وهذا ليس السبيل الى الحل.
فعلى رجال الاعمال واصحاب المصالح الكبرى دراسة واقعهم بشكل جيد لدرء المخاطر عن مصالحهم، ومواجهة الحقيقة بالتكيف مع واقع الازمة اكثر ايجابية من الهروب منها.