عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Mar-2023

الصدع في حائط المبكى صار شرخاً* عيسى الشعيبي
سوشيال ميديا -
على مدى الأشهر الأربعة الأخيرة تسوّد بياض هذه الزاوية الأسبوعية بثلاث مقاربات، على الأقل، تستطلع المتغيرات المتسارعة على خشبة المسرح السياسي في دولة الاحتلال الغيض، في محاولات حذرة لفهم مآل مجريات ما يبدو انه تحوّل لا سابق له في بنية الدولة التي قامت، قبل 75 سنة، بالجديد والنار، سيما وان هذا التحوّل العميق لا يخاطب الإسرائيليين فحسب، وانما يهم حاضر ومستقبل سائر دول وشعوب هذه المنطقة، بمن فيهم الفلسطينيون على وجه الخصوص، وفي مقدمتهم المبتلون بالاحتلال والاستيطان والاقتلاع، ناهيك عن التهميش والتمييز العنصري المقيت ضد عرب 48.
في المقاربة الأولى، وكانت غداة انتخابات الكنيست الأخيرة، صدرت تحت عنوان "بيدها تجدع إسرائيل انفها" حيث توقفت هذه الزاوية عند عجائب ما افرزته جولة الانتخابات الرابعة خلال ثلاث سنوات، تلك التي جرت في أجواء منافسات محمومة بين اليمين المتطرف واليمين الأشد تطرفاً في مجتمع يواصل انجرافه نحو الفاشية يوماً بعد يوم، ولعل من بين ابرز نلك العجائب والغرائب ان الناخبين أعطوا الجنائيين والاشقياء والفاسدين اصوتاً ومقاعد بلغت نحو ضعفيّ ما اعطوه لما يُعرف بحزب رؤساء الاركانوكبار الجنرالات المتقاعدين، الامر الذي شوّه الوجيه القبيح أكثر من ذي قبل.
وفيما كانت تتدفق الانباء بلا انقطاع حول ردود افعال صاخبة ومتصاعدة ضد ما تم وصفه بانقلاب على منظومة القضاء، شرع به المجانين الذين استولوا على المصحة (حسب وصف رئيس الحكومة السابق يائير لبيد) تعنون هذا الحيّز بتعبير مجازي لاذع "صدع في حائط المبكى" في إشارة ذات دلالة رمزية على ما آلت اليه الحياة السياسية الاسرائيلية في اعقاب ما بدا انه انشقاق عميق في المجتمع الذي راح بعض قادته، سيما من الكتاب والجنرالات، يُنذرون بعضهم بعضاً من مآلات حدوث انقلاب محتمل، ويحذّرون من وقوع حرب أهلية، فيما استذكر الكثيرون منهمسوابق خراب الهيكل والفشل في عمر الثمانين، والانكسارات التي حفل فيها التاريخ اليهودي القديم.
اليوم، وبعد اثني عشر اسبوعاً من التفاعلات والاحتجاجات المتلاحقة ضد انقلاب الصهيونية الدينية المتطرفة على المجتمع المدني الاشكنازي وقيمه اللبراليةوبلوغ الحالة الهستيرية نقطة اللا عودة، اثر امتداد النار الى الهشيم الجاف القابل للاشتعال، ونعني به الجيش وقوات الامن،يمكن القول ان إسرائيل قد دخلت الى منعطف محفوف بالانزلاقات الخطيرة، خصوصاً بعد ان اعلن ضباط وحدات النخب العسكرية، من الطيارين والضباط والجنود النظاميين وفي الاحتياط ، عصيانهم الأوامر، وعدم التحاقهم بالوحدات الخاصة بخدمتهم، حيث تظاهر المئات بالزي العسكري في الشارع، ضد استيلاء بنيامين نتنياهو وحلفاؤه الفاشيون على ناصية السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولم يتبق امامهم سوى السلطة القضائية، لاستكمال عملية الانقلاب الجارية الآن في سباق مع الزمن.
في واقع الامر هناك فيض من التفاصيل المتواترة عن نزايد حدة وعمق   الخلافات المتفاقمةبين الجانبين، والمتجلية على سائر المستويات في دولة المشروع الصهيوني الاستعماري الآثم، بمن فيهم المستوطنون، الذين كانوا بمثابة خلية سرطان تغلغلت في نخاع عظام مجتمع اختار ان يعيش على حد السيف، وهناك قراءات لا يتسع المجال لعرضها في هذه العجالة، التي نعرضها تحت عنوان "الصدع في حائط المبكى صار شرخاً" وذلك مع تعمّق الصدع وبلوغ الاحتجاجات حد التمرد على الأوامر العسكرية والوقوف على عتبة العصيان المدني، وهو ما يُشكل نقطة تحوّل فارقة على هذا المسار، الذي دشنته حفنة مجانين، أمثال بن غفير وسموترتش وغيرهما من اللصوص والمحتالين، هؤلاء الذين امسكوا برقبة نتنياهو جيداً جداً(هو كبيرهم) ودفعوا بالدولة العبرية الى هذا المآل، الذي يشي بكل ما لم يخطر على بال احد حتى الأمس القريب.
ومن غير الدخول من باب الوقعات، والقراءات الرغائبية، والتمني لكلا الطرفين بالنجاح، فانه يمكن القول دون تحفظات ان الدولة التي تقف على حائط الثمانين من عمرها الموغل في الدماء والتوسع والعدوان، هي اليوم أضعف من أي وقت مضى، واقل مناعة من ذي قبل، رغم امتلاكها فائض قوة عسكرية مجردة، ان لم نقل انها تقترب من حالة الدولة المنبوذة، البغيضة والمقززة بعد ان سقطت في امتحان الديمقراطية المخادع، وملّ من سلوكياتها الوحشية الرأي العام في الغرب، الذي بات يرى انها صارت عبئاً ثقيلاً عليه، بعد ان كان ينظر اليها واحة ديمقراطية وحيدة في صحراء الشرق الأوسط، يتغاضى عن جرائمها ومجازرها المروعة بحق الفلسطينيين، ناهيك عن احتلالها المديد.