عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Nov-2023

الضغوط على بايدن تصل لحدود قصوى لكبح جماح عدوان الاحتلال على غزة

 يتعرض الرئيس الأميركي جو بايدن لمزيد من الضغوط لكبح جماح الاحتلال في عدوانه على قطاع غزة، فقد أثار سقوط آلاف الضحايا في صفوف المدنيين والظروف الإنسانية البائسة قلق الحلفاء العرب، ولكنه أثار أيضا مستوى غير عادي من الانتقادات داخل إدارته.

 
 
وقال آرون ديفيد ميلر، الذي عمل مستشارا للعلاقات العربية الإسرائيلية خلال فترة عمله في وزارة الخارجية الأميركية لمدة 25 عاما: "لقد أذهلتني حدة هذه الأحداث، لم يسبق لي أن رأيت شيئا كهذا من قبل" في إشارة إلى حدة الانتقادات الداخلية لموقف إدارة بايدن من الحرب.
 
أرسلت العديد من المذكرات الداخلية إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن من خلال قناة أنشئت بعد حرب فيتنام، و تسمح للموظفين بالإعلان عن عدم موافقتهم على السياسة المتبعة.
ويقال أيضا أنه هناك رسالة مفتوحة يجري تداولها في أروقة وكالة التنمية الدولية الأميركية وأخرى أرسلت إلى البيت الأبيض من قبل السياسيين الذين عينتهم الإدارة والموظفين الذين يمثلون العشرات من الوكالات الحكومية، ورسالة أخرى إلى أعضاء الكونغرس من قبل الموظفين في الكابيتول هيل.
معظم هذه المعارضة غير علنية، وغالبا ما تكون التوقيعات على هذه الرسائل مجهولة خشية أن يؤثر ذلك على المستقبل المهني للموقعين في حال الكشف عن هوياتهم ، لذا فإن الحجم الحقيقي لهذه المعارضة غير واضح. ولكن وفقا للتسريبات التي تناولتها تقارير إخبارية متعددة، انضم مئات الأشخاص إلى موجة المعارضة.
وقال مسؤول في الإدارة الاميركية لـ"بي بي سي" إن هذه المخاوف حقيقية للغاية وهناك مناقشات نشطة بشأنها.
وتطلب الرسائل من الرئيس بايدن المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار كحد أدنى، والضغط على الاحتلال بشكل أكبر للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وفي بعض الحالات، تكون النبرة أشد تماشيا مع مواقف النشطاء السياسيين الشباب، وتعكس على ما يبدو إلى حد ما الانقسام بين الأجيال، حيث هناك جيل أكثر انتقادا لإسرائيل وتعاطفا مع الفلسطينيين.
وقتل كيان الاحتلال أكثر من 12 ألف شخص في غزة منذ هجوم السابع من تشرين أول (أكتوبر) الماضي، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في القطاع.
وأحدث العدد الكبير من الضحايا في غزة "صدمة" في الإدارة الاميركية، وفقا لجينا أبركرومبي وينستانلي، الدبلوماسية الأميركية السابقة التي تشغل الآن منصب رئيس مجلس سياسة الشرق الأوسط.
وأضافت أن دعم الإدارة الأميركية للعملية العسكرية الصهيونية يبدو بالنسبة للكثيرين "موقفا أحادي الجانب أكثر من اللازم من قبل للحكومة الأميركية".
وقد وقعت السيدة أبركرومبي وينستانلي على برقيات معارضة لمواقف الحكومات الأميركية خلال مسيرتها المهنية، وقد استشارها الموظفون الحاليون حول ما إذا كان ينبغي عليهم القيام بذلك الآن.
وقالت إن هذه المذكرات تبدو وكأنها منتشرة على "نطاق أوسع" أكثر من غيرها، حيث تجذب أشخاصا لا يعملون في هذا المجال تحديدا.
وتعتقد وينستانلي أن الاصوات المعارضة ساهمت في حدوث تحولات كبيرة في اللغة الأميركية بالإضافة إلى التركيز على رسائلها، منذ الأيام التي أعقبت هجوم حماس مباشرة عندما تعهد الرئيس بايدن بتقديم دعم ثابت للاحتلال الإسرائيلي في خطاب عاطفي.
وبسبب الدمار في غزة والغضب المتزايد في العالم العربي، أصبح خطاب الإدارة بشأن حماية المدنيين أكثر إلحاحا. 
وقال بلينكن مؤخرا: "لقد قتل عدد كبير جدا من الفلسطينيين" في غزة، وهو وغيره من كبار المسؤولين يتعاملون الآن مع المساعدة الإنسانية ليس باعتبارها ضرورة أخلاقية فحسب، بل وضرورة إستراتيجية أيضا.
ويسلط بلينكن الضوء على هذا الأمر عند لقائه بالموظفين المحبطين في جلسات الاستماع، وفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر. ويوضح أن "الولايات المتحدة الأميركية، وليس أي دولة أخرى، هي التي تمكنت من التوصل إلى اتفاق لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوفير هدنات إنسانية قصيرة".
ويدرك وزير الخارجية الغضب الذي يشعر به موظفو إدارته وقد حرص على معالجته، فقد كتب بعد عودته من رحلته الأخيرة إلى الشرق الأوسط، في رسالة بالبريد الإلكتروني "نحن نستمع لكم". "ما تشاركونه معنا يندرج في سياستنا ورسائلنا". ولكنها لم تغير التوجهات السياسية الأساسية، وعلى ما يبدو، لم يكن لها تأثير كبير على عدوان الاحتلال.
وأصبحت إدارة بايدن أكثر صراحة في التعبير عن خلافاتها المتزايدة مع الاحتلال، فقد تطرق بلينكن عمدا إلى مسألة الحكم الفلسطيني والدولة الفلسطينية في غزة بعد انتهاء العملية العسكرية للاحتلال وهو ما ترفضه الحكومة اليمينية الصهيونية.
ويجري الرئيس الاميركي اتصالات هاتفية متكررة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويواصل كبار المسؤولين زياراتهم المستمرة للمنطقة، ويضغطون على الاحتلال للالتزام بقوانين الحرب.
لكن ليس هناك ما يشير إلى أن إدارة بايدن تفكر باستخدام ورقة ضغطها الرئيسية عبر وضع شروط على مساعدتها العسكرية الضخمة للاحتلال، والتي زادت بشكل أكبر بعد هجوم حماس.
وأشار بايدن هذا الأسبوع إلى أن الولايات المتحدة لم تمنح الاحتلال موعدا نهائيا لإنهاء حملتها العسكرية، مضيفا أن ذلك سينتهي عندما "تفقد حماس قدراتها".
خلاصة القول هي أن الولايات المتحدة والاحتلال لديهما نفس الهدف، وفقا لميلر، المستشار السابق في وزارة الخارجية.
وكلاهما يريدان تدمير قدرة حماس العسكرية، حتى لا تتمكن من شن هجوم آخر على غرار الذي حدث في السابع من تشرين أول (أكتوبر) إلى الأبد.
وقال لو أخذنا هذا الهدف بعين الاعتبار، فإن وقف إطلاق النار الكامل الذي ينهي الأعمال العدائية سعيا لتحقيق السلام ليس له معنى من الناحية العملية أو السياسية.
وقال ميلر إن ذلك لا يؤدي إلا إلى تأخير الحرب، "لأنك لن تحصل على النهاية المتفق عليها لهذه الحرب".
إذا، ما الذي سيجبر الرئيس بايدن على تغيير موقفه؟ على الأرجح ليست المعارضة الداخلية، على الرغم من كل هذه التوترات، إلا أن المعارضة في الإدارة لم تبلغ مرحلة التمرد بعد، وقد استقال مسؤول واحد فقط في وزارة الخارجية علنا.
ويشير ميلر إلى أن الأمر سيتطلب على الأرجح حدثا خارجيا، مثل إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس دون قيد أو شرط، أو عملية للاحتلال واحدة تؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوف الفلسطينيين، على الرغم أن الحد المطلوب في هذا الشأن قد تم رفعه إلى حد كبير.
وهناك أيضا مخاطر سياسية على بايدن، فالجمهوريون والديمقراطيون التقليديون يتضامنون مع الاحتلال، لكن المخاوف داخل التيار الأصغر سنا والأكثر يسارية في الحزب الديمقراطي آخذة في التزايد.
وقد أرسل موظفو حملته الانتخابية السابقون رسالتهم الخاصة إلى الرئيس يطالبونه فيها بالدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وكانت غوين شرودر، التي عملت في فريق بايدن الرقمي خلال انتخابات 2020، واحدة من الموقعين على الرسالة.
وقالت إن "رد إسرائيل غير المتناسب" في غزة، يظهر أن حياة الفلسطينيين "أقل قيمة من حياة حلفائنا الإسرائيليين"، مضيفة: "أنا لا أشعر بالخجل لانتخاب بايدن، لكنني أعيش صراعا كل يوم؛ أهذه هي الإدارة التي حاربت بشدة في سبيلها؟".
ومن السابق لأوانه الحديث عن كيفية تأثير هذه المشاعر على حملة بايدن لإعادة انتخابه العام المقبل، لكن من المؤكد أنه يسير على حبل رفيع.-(وكالات)