عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Mar-2023

الحقيقة الغائبة والحق في معرفتها*بسمة العواملة

 الدستور

لطاما كان البحث عن الحقيقة في خضم ما يشهده العالم اليوم من حروب مطلبا ملحا، وخاصة في ظل الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والتجاوزات التي يشهدها القانون الدولي الإنساني في شتى بقاع العالم، ونتائج وويلات هذه الحروب ما تزال ماثلة امامنا سواء اكان منها بإختفاء بعض الأشخاص في ظروف غامضة دون التوصل الى معرفة مصيرهم او اماكن تواجدهم، كذلك مصير الأطفال المخطوفين او الذين تم اخفاءهم اثناء الحروب والنزاعات عدا عن قضايا التعذيب و الإعدام التي تتم بدون محاكمة عادلة وإفلات الجناة من العقاب،
جميع هذه الإنتهاكات واكثر لا بل أن بعض هذه الإنتهاكات والتي ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لم يتم محاكمة مرتكبيها حتى هذه اللحظة، وما زال ذوي الضحايا واقاربهم يطالبون بمعرفة مصير المفقودين وكشف الحقيقة من خلال إجراء التحقيقات لمعرفة الظروف التي حدثت فيها الإنتهاكات وأسبابها لإنصاف الضحايا من خلال جبر الضرر وإعادة المفقودين قسريا الى بلدانهم.
و نظرا لفظاعة هذه الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ورغبة المجتمع الدولي المتمثل بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في التصدي لهذه الإنتهاكات الجسيمة ومكاكمة مرتكبيها وضمان عدم افلاتهم من العقاب، اعلنت الأمم المتحدة الرابع والعشرين من آذار في كل عام يوما دوليا للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولإحترام كرامة الضحايا.
و يأتي الإحتفال بهذا اليوم لتسليط الضوء على أهمية الحق في معرفة الحقيقة ومن أن هذه الإنتهاكات لا يمكن أن تظل طويلا في الخفاء، ولإرتباط هذا الحق إرتباطا وثيقا بحقوق أخرى كالحق في الوصول الى المعلومة، الحق في الهوية، الحق في جبر الضرر، الحق في محاكمة عادلة والحق في الحصول على الإنصاف.
يمر هذا اليوم ولا تزال الانتهاكات الفظيعة تمر في كثير من بقاع العالم دون أي تحقيقات جادة كجرائم الخطف والقتل والتهجير والإعتداء على الأملاك والإبادة الجماعية وغيرها من الإنتهاكات، مما ساهم في تزايد ظاهرة الإفلات من العقاب، ولا تزال المطالبات تعلو مطالبة بإنفاذ القانون وإنصاف الضحايا ولعل الحق في كشف الحقيقة هو اول ما ينصف به الضحايا وذويهم.
و قد توصلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بإن هذا الحق هو حق غير قابل للتصرف، وعلى الدول كافة أن تعمل على توفير الحماية وإجراء التحقيقات الفعالة بشأن الإنتهاكات الخاصة بقوانين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
و أن أي عائلة فقدت أحد افرادها في ظروف غامضة الحق في معرفة مصيره وبذات الوقت فإن أي مجتمع ارتكبت فيه أحد هذه الإنتهاكات الجسيمة الحق في معرفة مرتكبيها دون تعتيم على الحقيقة او إنكار لها ومعاقبة مرتكبيها لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
يبقى أن نذكر بأن إختيار هذا اليوم جاء بهدف الإشادة بالذين كرسوا حياتهم لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وبذات التاريخ الذي تم فيه إغتيال رئيس الأساقفة أوسكار روميرو من السلفادور، والذي عاش مدافعا عن حقوق الفقراء واستنكر الإغتيالات والتعذيب وإنتهاكات حقوق الإنسان التي كانت ترتكب بحق الشعب السلفادوري تحت عين ومرأى الحكومة الأمريكية آنذاك.