عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jul-2019

طاقة الصلع الكهربائية* رمزي الغزوي
الدستور -
ترى القاعدة التسويقة الخطيرة أنه إذا لم يدفع الناس مقابلاً لاستخدامهم وسيلة اتصالية ما؛ فإنهم هم أنفسهم يكونون السلعة التي تباع وتشترى وتسوّق. أي بمعنى أكثر ألماً نحن سلعة رائجة لمواقع التواصل الكبرى، فيسبوك وأخواتها. إننا دجاجهم الذهبي البيّاض الفيّاض.
ليس فقط، أن الأخ الأكبر يراقبك ويحفظك سلوكك وبياناتك، وأن تحركاتك كلها معروفة لدى الجهات المعنية وغير المعنية. بل إن هذه المواقع تبيعنا بطريقة عجيبة غريبة. فإن كنت تحب الهندمة واللباس الجديد، فستجد أن إعلانات دور الازياء تنصب عليك، وتقتحم هاتفك وصفحتك ويومك. وإن كنت بأسنان يشوبها الصّفرة؛ فسيتصل بك عملاء مراكز التبييض؛ ليقدموا عروضهم. أما إن كنت أصلع؛ فعليك أن تلقّي عن رأسك عروض زراعة الشعر وبمواصفات لم تكن تخطر ببال أحلامك.
بدأ شعري يتساقط بغزارة في السنة الجامعية الثالثة. يومها بكيت طويلاً أمام المرآة، ولم أبق دواء أو وصفة إلا وجربتها، بما في ذلك نقع الرأس بكمية كبيرة من مطحون الثوم المجبول بزيت جوز الهند وحبة القزحة. ولولا الاعتياد لجعلني الصلع رجلا تعيساً. 
بعد ذلك، حين أخذ الشيب يغزو ما تبقى من شعري، عمدت إلى أن أزيد مساحة الصلع في رأسي تماشيا مع موضة الحلاقة على الصفر، فالصلع الكامل أهون من قول الشاعر: (إذا قلّ مال المرء أو شاب شعره/ فليس له في ودهنَّ نصيب).
منذ ثلاث سنوات، لا يكاد يمر يوم دون أن أتلقى عرضا أو اتصالا على واتساب أو ماسنجر من مراكز زراعة الشعر. ولا أخفيكم سرا أنني قررت أن أزرع مارساً أو مارسين من رأسي، مع التحوط لضرورة تعلم الصبغ وفنونه.
نعرف أن شركات اعلانية تستخدم بعض الشباب لترويج سلعها. فلربما ترى شابا يرتدي قميصا مرسوما عليه سندويشة شورما باذخة الحشو قاطرة المايونيز تحتها اسم لمطعم غير شهير. فهنا عليك أن تعرف أن هذا اعلان مدفوع الأجر والثواب.
جامعة فينيسيا ابتدكرت قبل أشهر طريقة لتوليد الكهرباء، جعلتني ألغي فكرة زراعة الشعر. فهي توصلت إلى أن ذوي الصلعات البارقة يمكنهم أن يولدوا كميات كهرباء مجدية اقتصاديا. فما عليك إلا أن تزرع شريحة إلكترونية تحت جلدة رأسك، وسيبدأ التيار بالتولد من صلعتك وأنت تجول تحت الشمس، مما يتيح لك أن تستخدم جزءا من المنتج، وتخزن الباقي، أو تبيعه. 
مع كل أسف اصطدمت أحلامي التصليعية يوم أول أمس بتصريح لوزيرة الطاقة،  يفيد بأن عليك أن تدفع لشركات الكهرباء مقابل تخزين الفائض المنتج لديك من الكهرباء. يعني عليك أن تدفع وأن تدفع وأن تدفع. ولهذا كتبت هذا المقال؛ كي يعرف الأخ الأكبر بقصتي، ويوعز لشركات زراعة بضرورة معاودة الاتصال بي من جديد.