عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Mar-2019

ألعاب إلكترونية عنيفة..أفكار سوداوية إجرامية.. بين الأيادي

 

عمان –الدستور - منى جمال نعلاوي - في خضم هذا العالم الرقمي المتسارع، ومع تطور الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومع انتشار مشاهد العنف والحروب على شاشات أجهزتنا في بيوتنا، أصبحت ألعاب الفيديو وبعض الألعاب الالكترونية التي تعتمد على الحركات العنيفة وأسلوب الاثارة في محتواها، والتي يقبل عليها شريحة شبابية كبيرة جدا ولايستهان بها في المجتمع، أصبحت تأخذ الحيز الأكبر من تفكيرهم وسلوكهم وميولهم وتوجهاتهم، ورغم انتشار هذه التكنولوجبا في مجتمعاتنا الا أننا كمجتمع وأفراد مازلنا لاندرك معنى مقولة «إن التكنولوجيا سلاح ذو حدين يخدم مستخدمه أينما يوجهه».
وأصبح الخطر الأكبر يكمن في اتخاذ تلك الشريحة من الشاب، بأفكارهم العدوانية العدائية تجاه فكر أو عقيدة معينة كوسيلة في يد بعض الجماعات المتطرفة، تستخدمهم في تنفيذ استراتيجياتها في تدمير الانسانية ونشر الارهاب بين الشعوب، مستلهمين أساليبهم العدوانية في تنفيذ اجرامهم من تلك الألعاب الالكترونية التي تعتمد أسلوب الاثارة والعنف في مضمونها، ولعل أكبر الشواهد على ذلك، أكثر مشاهد موت الانسانية وأعظمها دموية على الاطلاق، في مجزرة مسجدي نيوزيلاندا، التي استفاق عليها العالم أجمع قبل أيام، فعلى طريقة ألعاب الفيديو نفذ مرتكب هذه المذبحة جريمته، موثقا بشاعة فعله الاجرامي الارهابي بعدسات كاميرا ثبتها على رأسه، تماما كطريقة ألعاب الفيديو التي تعتمد الاثارة في مضمونها، فقد بث منفذ العملية وهو شخص في أواخر العشرينيات من عمره تسجيلا مصورا عبر تطبيق « facebook live « يوثق فيه العملية من بدايتها الى نهايتها، وقام باصدار بيان عبر الانترنت يظهر فيه نيته المسبقة لارتكاب هذه الجريمة بحق المسلمين والمهاجرين في أوروبا واصفا اياهم بالمحتلين.
وليكون ما حدث عبرة تقي مما قد يحدث مستقبلا، طرحت التساؤلات العديدة والتي تحتاج الى اجابات شافية وافية، حول مدى ارتباط الالعاب الالكترونية العنيفة وألعاب الفيديو المنتشرة بالميول الاجرامية والارهابية لدى بعض الأفراد.
هل للألعاب الالكترونية العنيفة أثر سلبي على الشخص المهووس بها.؟
يجيب دكتور الارشاد النفسي والتربوي « عمار عبد الحي التميمي « قائلا : « نحن لاننفي أو نؤكد علاقة الادمان والهوس بألعاب الفيديو والألعاب الالكترونية المباشرة بأي فعل جرمي أو ارهابي، ولكننا لاننكر حقيقة كون هذه الألعاب التي تعتمد على العنف تتضمن نوعا من المشاعر والانفعالات المكبوتة، فنتيجة التعامل المستمر والتماهي معها تتولد مشاعر دفينة لدى الشخص تحتاج الى تفريغ، خصوصا في بعض الحالات التي قد يصل فيها الانسان الى طريق مسدود؛ ما يدفعه الى اتباع مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالي يمكن أن يقدم على عمل اجرامي، قد يعتبره من باب البطولة أو الشهرة، معتمدا على احساسه اليائس، وافتقاده لقيمة الحياة،لأنه يعلم تماما أن ما يفعله يودي به اما للقتل أو السجن.
 والنتيجة؛ أنه فعلا قد يكون للألعاب الالكترونية العنيفة أثر سلبي من الناحية النفسية «.
فد تخضع الألعاب الالكترونية لمعايير الافادة أو الافساد..
يتطرق « التميمي « في حديثه الى جانب مهم فيقول» ان كل شيء في هذه الحياة يخضع لمعايير منها السلبي والايجابي، فلا نستطيع أن نجزم أن هذه الألعاب برمتها ذات تأثير سلبي فقط، ولا نستطيع أيضا اتهامها بأنها افسدت جيلا بأكمله، وبنفس الوقت لا نستطيع أن نقول إنها أفادت هذا النشء من شباب وأطفال بشكل مطلق، اذن؛ يبقى الحاسم في الأمر هو كيفية استخدام هذه الوسائل التكنولوجية، فبالنهاية هي لها ايجابيات كثيرة، منها سهولة الوصول الى المعلومة، وهذا عامل محفز للدماغ والتفكير لجميع فئات المجتمع «، ويتابع التميمي مشيرا الى أن الانسان رغم أنه وحدة متكاملة بأفكاره ومشاعره وسلوكه، الا أنه يمر بأطوار نمائية مختلفة، فلكل مرحلة عمرية خصائصها الجسدية والنفسية والاجتماعية، ولكل مرحلة متطلباتها المختلفة.
النمذجة.. هي أحد أهم أساليب التربية..!
وقال التميمي « أنه لاشك في أن أحد أكثر الأساليب التربوية التي تؤثر على سلوك الانسان هو النماذج التي يشاهدها، وقد يكون النموذج حيا، اي عن طريق ما يتعلمه الشخص من والديه وأسرته والمحيطين به، أو قد يكون ما يسمى « بالنمذجة الرمزية « والتي تشاهد في وسائل الاعلام والألعاب التكنولوجية الشائعة، وبالتأكيد الألعاب التي تعزز العنف تعمل بعدة اتجاهات، فهي تثير دوافع لدى الشخص للتعبير عن انفعالاته بطرق معينة، ربما أحيانا باستخدامها لبعض الأغاني أو رموز معينة أو كلمات مثل « اقتل، اذبح «، وكل هذا يثير في الأشخاص انفعالات خاصة، قد..لا تعبر بالضرورة عن نقمة هؤلاء الأشخاص من مجتمع أو بيئة معينة، فاذن؛ هذه الألعاب قد يكون لها تأثير سلبي على جميع الأفراد باختلاف أعمارهم، وقد ذكرنا سابقا أن لكل مرحلة عمرية خصائص مختلفة واحتياجات معينة، فهناك مراحل عمرية معينة لابد من أن يبث لها نماذج ايجابية سواء بالكلام أو بالسلوك، فيعتبرها الشخص من المسلمات التي يقلدها كما رآها وسمعها، فبعض المؤسسات التعليمية والشخصيات التربوية أصبحت تلاحظ انتشار العنف الجسدي، وأيضا انتشار ما يعرف بـ» التمثيل الايمائي « باستخام سلاح معين بين طلاب المدارس، فالشخص الذي تتعزز لديه خبرات تربوية غير صحية في اسرته أو بيئته، قد يكون مستقبلا قنبلة موقوتة يعبر عن نوازعه بجرائم، وهذا لا يؤثر فقط على الجانب النفسي، وانما أيضا يؤثر على الجانب النمائي».
أسباب ادمان هذا الجيل على الألعاب الاكترونية..
يشير « التميمي « الى ضرورة وجود رقابة أسرية على هذه الألعاب، ومشاركة الآباء والأمهات الوجدانية لأبنائهم في اهتماماتهم؛ لأن قلة الوعي لدى الأبناء تعود أسبابها الى ضعف الأساسات التربوية والثقافية والرياضية التي تعنى بالأطفال والشباب، بالاضافة الى عدم وجود مؤسسات ترعى وتهتم بشؤون الطفل، وهذه هي اسباب ادمان هذا الجيل على هذه الألعاب، خاصة مع سهولة ومجانية استخدامها، فالدراسة، والنشاط الحركي، والعلاقات الاجتماعية، والجلوس مع الأسرة، هي ما يبني شخصية الفرد في المجتمع، وليس الجلوس لساعات طويلة مقيدا بهذه التكنولوجيا.
الألعاب الالكترونية هي دافع لاظهار غرائز عدوانية مكبوتة..
يقول الأستاذ الدكتور « حسين الخزاعي « أستاذ علم الاجتماع في جامعة العلوم التطبيقية « ان بعض أفراد المجتمع لديهم ميول عنيفة وغرائز عدوانية، ولكنها مكبوتة، والألعاب الالكترونية العنيفة تنمي لديهم هذه الميول وتقويها، وتجعلهم يظهرونها الى العلن بعد أن كانت دفينة بداخلهم، وتدفعهم لممارسة ميولهم العدوانية على المجتمع، فيحاولون تطبيق هذه السلوكيات العدائية على أرض الواقع، فنحن لا نستطيع أن نلغي تأثيرها الكبير على المجتمع، ولكنها لا تتجاوز في نسبة تأثيرها على الشخص 10% فقط، أما 90% الباقية فهي موجهة لأسباب أخرى؛ سواء كانت عنصرية، او لأسباب لها علاقة بفهم الشخص الخاطئ لمعتقدات معينة، وتبنيه أفكارا سوداوية يحاول ممارستها، فلا نستطيع أن نقول إن لهذه الألعاب الاكترونية التأثير السلبي الكلي على المجتمع، أو على شخص، فهي على مستوى العالم يستخدمها حوالي النصف مليار شخص.
وقاية خير من علاج..
يقول الخزاعي « بالنسبة لأولادنا يجب توجيههم للابتعاد عن هذه الألعاب العنيفة، عن طريق دفعهم للاستفادة من ألعاب أخرى لها علاقة بالتسامح، وألعاب أخرى تحفيزية وتشجيعية فكرية تنمي قدراتهم العقلية، وعلمهم وثقافتهم، فهي نصيحة لكل الآباء، أعطوا أبنائكم الكثير من أوقاتكم، لتثقيفهم وتوعيتهم بخطورة الممارسات العنيفة المشاهدة في بعض مانراه ونسمعه في وسائل الاعلام «.
حاور قبل أن تمنع..!
يؤكد « الخزاعي « على ضرورة منع تداول هذه الألعاب الالكترونية العنيفة، خاصة مع سهولة الوصول اليها، والأهم من منعها هو اعتماد أسلوب الحوار الأسري، وتوعية الأبناء بخطورة هذه الألعاب العنيفة، بالاضافة الى تعاون المؤسسات الاجتماعية العديدة مع الاسرة من اعلام، ومساجد، جامعات ومدارس.
والسؤال الذي يطرح في هذا المضمار؛ وبعد كل هذه المتغيرات الالكترونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبعد كل هذا العنف المشاهد حولنا، هل سنبقى على قيد الانسانية..!