عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Feb-2019

"الدستور" تسلط الضوء على الظاهرة: "السحر والشعوذه".. بيع الوهم والخرافات لضعاف النفوس

 

ارباح فاحشة حققها تجار ومتخصصون في المتاجرة بالأعشاب
جرش  –  الدستور - حسني العتوم - السحر والشعوذة واستقراء الغيب او المستقبل والبحث عن المجهول عناوين تسيطر على عقول الكثيرين ، يجهدون انفسم وجيوبهم بحثا عن طرف خيط يرسم لهم الامل بما يحلمون به او يسطرونه في خيالاتهم .
 
ظاهرة الشعوذة أصبحت تفرض نفسها بقوة في المجتمع تلجأ إليها المرأة عندما تضيق بها الدنيا ، وتعجز عن إيجاد الحلول للخلاص من مشاكلها مع الرجل ، أو من ضعف ميولاته العاطفية ، أو عندما تسعى إلى تطويعه حتى يستجيب لجميع رغباتها ، ويلجأ إليها الرجل لفك "طلاسم" السحر ، ولإبعاد شبح العجز الجنسي ، أو للدفاع عن حق ضاع منه ، أو للانتصار على واقع يرى أن حله السحري يوجد فيها.
 
تحاول الانفراد ببعض القاصدين لهذه الاماكن  تسأله لماذا انت هنا ؟ ما الذي تتوقعه من هذا الفتاح او الفتاحة، يجيبك وحاله كأن هموم الدنيا ركبت بين كتفيه واثقلت ناظريه ، انه الالم ، فتبادره ولمَ لم تذهب الى الطبيب فيقول لها: لقد ذهبت مرارا وتكرارا ولكن مشكلتي لم تحل .
 
ومما يزيد من تداعي نفر كبير من الناس لمراجعة هذه الثلة من المشعوذين او الفتاحين ، اقاويل قروية توهم البعض بانه مصاب بالمس او انه مسحور ، فيهرول الى هؤلاء الفتاحين عل الحل لمشكلته عندهم، وما ان يقع بين يدي فتاح او مشعوذ حتى تبدأ قصص تبدأ ولكن لا تعرف النهاية.
 
كثيرون هم الذين يعانون ربما من امراض نفسية واخرون تقسو عليهم ظروف الحياة وينال البعض من الناس الكثير من الهموم ولعل اكبرها الفراغ والبحث الدائم عن عمل يوفر اساسيات الحياة ، والمستقبل امامهم غامض فيلجأون الى الفتاحين ليقرأوا لهم المستقبل وما يحمله من مفاجآت 
 
والوجهة في اذهان هذه الشريحة تكون الى الفتاحين والسحرة في واحدة من الاساليب والطرق التي يشغل فيها نفر انفسهم بعد ان امتهنوا الشعوذة لكسب المال واللعب بعقول البسطاء من الناس ظنا من الاخيرين بان الفتاح او المشعوذ قادر على فك الالغاز وحل المعضلات او اعادة المودة بين المتخاصمين او التفريق بين الاهل والاحبة .
 
ولعل بعض العطارين هم الاكثر معرفة بمن يراجعونهم لطلب بعض المواد التي يوهمون الناس بها وخاصة البخور.
 
 يقول صاحب محل عطارة عبدالله ابو الكشك  ان عدد المشعوذين في محافظة جرش يفوق الثمانين رجلا وسيدة، مبديا  استغرابه من طلب بعض المواطنين لهذه المواد الغريبة معتبرها مواد شاذة تقود المتعاطي لها الى طريق مسدود واللهاث المستمر وراء المشعوذين لتستنزف في نهاية المطاف اموالهم واوقاتهم وسعادتهم.
 
واشار الى انه يعرف المشعوذ من خلال طلبه لبعض المواد الغريبة مثلما يعرف المراجع الذي يطلب مواد بالاف الدنانير كغذاء الملكات بكميات كبيرة وكذلك الزعفران  وهنا يتوقف صاحبنا ليقول انه يقوم بتوعية هؤلاء الناس من مخاطر الفتاحين والمشعوذين .
 
واستعرض عددا من المواد التي يطلبها المواطنون من محال العطارة والتي عادة ما يطلبها منهم المشعوذون ومن ابرز هذه المواد الكراكع الميته وجلود الضباع والذئاب والعكاكس واذان الحمير وتراب القبور الدارسة وزبل الحمام وريشة دجاجة سوداء ومرارة عنزة سوداء او تيس او ديك وبراز كلب او فار وعقرباء سوداء او فك بعير وغيرها من المواد الغريبة والعجيبة.
 
 واضاف اما انواع البخور الذي تطلب لهذه الغاية فهو بخور الجان الازرق والارضي والعلوي وملوك الجان السبعة والبخور الزجاجي والطقش المغربي والمعمداني وزبالة العطارين وغيرها من انواع البخور الغريبة ايضا والتي لاتحمل شيئا من المعاني الا اسمائها.
 
وقال اننا ننظر الى الباحثين عن هذه المواد بعين العطف لانه اصبح امام الدجال والمشعوذ مسلوب الارادة ومستسلم لرغبات وطلبات المشعوذين رغم النصائح التي نوجهها الى هذه الفئة التي تتعلق عادة "بقشة" في سبيل الوصول الى حل لمشاكلها.
 
وقال هناك فرق هائل  بين اعمال الشعوذة والطب العربي او الطب البديل مبينا ان الطب العربي علم عظيم وقد اشتهر فضله وذكره وثبت في الشرع اصله وشهد بفضله الكتاب والسنة اما اعمال الشعوذة فهي اعمال لا شان لها الا ان تسلب ارادة المتعاطي لها وتجعله كالظمآن يلهث خلف السراب ولا قوة الا بالله العظيم .
 
ويقبع وراء كل ممارسات "الشعوذة" و"السحر" فئة من التجار الأكثر استفادة من هذه الممارسات ، وهم العطارون ( العشابون) والمتخصصون في المتاجرة بالأعشاب ، الذين بلغ بعضهم درجة الثراء ، بسبب بيعه لـ "مخ الضباع" أو أجزاء من حيوانات ميتة ، بدعوى أنها تجلب الشفاء ، وتقدم حلولا عاجلة للمرضى ، بالإضافة إلى الذين يبيعون الأعشاب لصناعة "السحر".
 
من جانبهم يؤكد الاطباء  إن اللجوء إلى الشعوذة للتدواي من بعض الأمراض سواء كانت عضوية أو نفسية يرتبط بانعدام الوعي وبتجذر الفكر الخرافي في المجتمع الذي مازال يؤمن بهذه الظاهرة كممارسة متبعة منذ آلاف السنين.
 
واكدوا أن هناك العديد من المواطنين تؤرقهم قلة الصبر والحيلة للشفاء من بعض الأمراض ، فيختارون ، بعد اللجوء إلى الوسائل العلمية الحديثة ، الارتماء في براثن الشعوذة لإيجاد الحل مهما كانت الطريقة أو الوسيلة .
 
وعزوا هذا التوجه إلى سيطرة الهواجس والوساوس على نفسية الشخص ، الذي لا يجد بعدها سبيلا إلا سلك هذه الطريق ، بعد أن تضيق به الأرض ،  "ففي كثير من الأحايين يعتقد البعض أنه أكل شيئا أو أنه مسحور ، لذا فإنه يلجأ مباشرة إلى هذه الأساليب الخرافية متوهما بأنها ستساعده على الشفاء مما تعرض له.
 
و قالوا  عندما يتوصل الشخص إلى الاقتناع بعدم نجاعة التداوي بطرق الشعوذة ، يقصد الطبيب المختص حسب المرض الذي يعاني منه ، سواء كان عضويا أو نفسيا ، لكي يشرع في العلاج بطرق علمية".
 
وتشير بعض الدراسات الى ان الشعوذة تحولت إلى جزء من الثقافة الشعبية ، وبدأت تفرض نفسها حتى في الأوساط الاجتماعية الثرية ، بعدما كانت حكرا على الفئات الفقيرة ، وانتقلت من مرحلة الاستقبال ، أي انتظار المشعوذ للزبائن في بيته ، إلى مرحلة الاستقطاب ، من خلال السعي لجلب الزبائن ، عبر استعمال وسائل الاتصال الحديثة.
 
وتشير بعض الدراسات الى أنَّ 250 ألف دجَّال على الاقل يمارسون أنشطة الشعوذة في عموم الدول العربية ، وأنَّ العرب ينفقون زهاء خمسة مليارات دولار سنويًّا في هذا المجال ، وأن نصف نساء العرب يعتقدن بفعل الخرافات والخزعبلات ويترددن على المشعوذين سراً وعلانية.
 
وتؤكد الإحصائيات أنه يوجد في العالم العربي عرَّافّ أو مشعوذّ لكل ألف نسمة في عالمنا العربي.
 
وخلاصة القول ان الفراغ وسيطرة الاعتقادات البعيدة عن الدين والقيم النبيلة تدفع بالكثيرين للانجرار وراء مزاعم وحلول سحرية ما يستدعي تنظيم حلقات نقاشية واسعة في المدن والقرى لاسيما النائية منها ، ولعل الابرز في تعظيم هذا الدور يكمن في الائمة والوعاظ وخطباء المساجد لتوعية الناس من مخاطر هذه الخزعبلات