عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jan-2020

سقطوا من أجل الكتلة - ناحوم برنياع

 

يديعوت أحرونوت
 
في مبنى القسطل في تل أبيب، الذي هو اليوم مبنى موقع “واللا”، كان ينزل ذات مرة، بشرف، الحزب الديني الوطني. وكان للمبنى رواق رائع؛ مدرج واسع يصعد منه الى الطابق الثاني. في الانتخابات في 1981 تراجعت قوة المفدال من 12 الى 6 مقاعد. الرواق، الذي كان في بداية المساء يمتلئ بالناس، فرغ مع حلول منتصف الليل. لم يسبق أن كانت الهزيمة يتيمة هكذا ابدا. الوحيد من بين قادة الحزب الذي لم يذهب الى بيته كانت زبولون هامر. جلسنا معا على الدرس، مثل التلميذين في الثانوية بعد امتحان عصيب، وتحدثنا عن المستقبل. كانت بانتظار هامر سنوات من النشاط الوزاري، ولكن المفدال، كحزب تاريخي، انهى دوره في تلك الليلة. تبدل الزعماء؛ تبدلت الاسماء؛ تبدلت الشعارات: في كل مرة ارتفعت موجة قصيرة من النشوى، وبعدها، بالضرورة، سقوط في حفرة اعمق فأعمق، يائسة أكثر فأكثر. اما الحفرة الحالية، فهي اكثرها اغراقا: حفرة كهانا.
لقد بدأت المعركة حول جولة الانتخابات الثالثة رسميا هذا الاسبوع. فقد بدأت بأنغام النهاية. ثلاثة احزاب تاريخية يفترض أن تنزل هذا الاسبوع عن خشبة المسرح: المفدال، العمل وميرتس. ثلاثتها توجد معنا، بأسماء مختلفة منذ قرابة مائة سنة. هبوعيل همزراحي، أم المفدال، ولد في 1922؛ مباي، ام العمل، ولد في 1930؛ هشومير هتسعير، أم ميرتس، ولد في 1946.
نبدأ بالمفدال: وفقا للاستطلاعات، فإن الارتباط بين البيت اليهودي، الحزب الحالي للحزب، بالكهانيين لا يجتاز نسبة الحسم. يوجد جناحان آخران في الصهيونية الدينية، جناح اصولي ديني برئاسة سموتريتش وجناح ارثوذكسي خفيف برئاسة بينيت. الجناحان يسيران الآن معا. ظاهرا، الارتباط الطبيعي هو بين سموتريتش والكهانيين: هؤلاء واولئك يرقصون على ذات الدم؛ ظاهرا، الارتباط الطبيعي هو بين بينيت ورافي بيرتس، طيار في سلاح الجو، من تصرف في عهد فك الارتباط برسمية، بخلاف بن غبير وسموتريتش. ولكن في الصهيونية الدينية لا شيء غير طبيعي: شر لهم معا، خطير لهم وحيدين.
لناخبيهم يوجد حزب ديني – وطني لانتخابه: الليكود. قادة المستوطنين باتوا هناك منذ زمن بعيد؛ فهم عرفوا اين توجد القوة.
العمل هو حزب حكم: هذه هي جيناته، هو اكسجينه. اذا لم يكن في الحكومة فإنه ملزم بأن يصدق بأنه يعود الى هناك. لقد تبدل زعماء العمل مثلما يبدل المرء جرابه. وهبط التمثيل في الكنيست الى ستة. ولكن السعي الى القوة، الى التأثير، الى الملكية على كل ما يحصل في الدولة، بقي كما هو. حتى عندما لم يعرف حزب العمل ما الذي يريد عمله، اراد دوما ان يعمل.
بيني غانتس وأزرق أبيض اخذوا من العمل روحه. هكذا، بلا انذار مسبق. أزرق أبيض يتحدث ليكود ب ولكنه يسمع مباي أ: بالنسبة لمعظم ناخبي العمل يكفي هذا. ليس لدى عمير بيرتس واورلي ليفي أبقسيس ما يعرضاه عليهم. حزب اجتماعي؟ العمل لم يكن في اي مرة حزبا اجتماعيا، لا بالمعنى الذي يقصده بيرتس وليفي أبقسيس. والامل في أن تجعل الشعارات الاجتماعية مئات آلاف الناخبين من بلدات المحيط يجتازون الخطوط من اليمين الى اليسار تبددت في صناديق الاقتراع.
لماذا لا تغلقون البسطة، سألت مؤخرا شخصية في قيادة الحزب. “كي يكون احد ما يجمع الحطام بعد أن يتفكك أزرق أبيض”، كان الجواب. قدرت الصدق؛ قدرت الحاجة أقل. ميرتس لم يفقد أجندته: عندما يعيش المرء في معارضة خالدة من السهل عليه أن يحافظ على جدول أعماله. ولكن الناخبين تعبوا من خلود الجلوس في المعارضة، من السلامة السياسية، من عشرات سنوات المراوحة المسؤولة في المكان. ميرتس يبعث على التثاؤب. خطيئة لا تغتفر عند الحديث عن حزب راديكالي وفي عصر الشبكات الاجتماعية. لقد مرت سنوات جيل منذ ان كانت شولاميت الوني تستفز في كل تصريح لها الاصوليين (ليبرمان يفعل هذا اليوم)، ويوسي سريد الشاب بخطاباته الحادة يستفز رؤساء الوزراء وحاييم اورون يصلح قرارات لجنة المالية في الكنيست.
عندما تجتمع الساحة السياسية في كتلتين صلبتين، ويكون الولاء للكتلة اكثر مما يكون الولاء للذات وللتراث، فلا معنى لما يفعله احد الاحزاب في الكتلة. يمكن للصغار أن يتنازعوا فيما بينهم، ولكنهم جميعهم جنود بيبي (او ضد بيبي). هذا يدل على القوة الهائلة لنتنياهو: قوة التأييد له؛ قوة المعارضة له. كل موضوع آخر، ايران، الفلسطينيين، الاقتصاد، الامن، الدين والدولة، المجتمع، يذوف امام النوازع التي ينقذها شخص واحد. لم يسبق أن كان مثل هذا الامر في 71 سنة ديمقراطية اسرائيلية.
من الطبيعي بعد سنوات طويلة جدا تفقد الاحزاب قوة حياتها. خسارة فقط أنها تفقد نفسها للكتلة.