عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jun-2019

الجمهور ”مش عاوز کده“! - حنان کامل الشیخ
الغد- من الصحة الأخلاقیة والنفسیة أن یرفض المجتمع، مسلسل ”جن“ لما رشح عن إعلاناتھ من مشاھد وألفاظ لا تتناسب مع الأعراف والآداب العامة. وفكرة أن الدراما ھي مرآة المجتمع والشارع، وبأن دفن رؤوسنا في التراب لن یقدم في المنظومة الأخلاقیة المتراجعة ولن یؤخر، فكرة التوائیة دبقة
مقززة ومحتالة!
فحتى لو كنت أعلم علم الیقین بأن بنات وأبناء في الوطن، یتعاطون المخدرات، على سبیل المثال،
أو یمارسون أفعالا معیبة ویتلفظون بشتائم نابیة، فھذا لا یبرر على الإطلاق، أن أقبل بأن أروج للمخدرات وتلك الأفعال والألفاظ، عبر وسائل إعلامیة وثقافیة تتحدث بلغتي وبلھجتي، إلا إذا كانت
تلك المنتجات تقدم أمثلة مفترضة للشر والضیاع.
وحینھا یجب أن تحترم طریقة العرض والتقدیم، المتلقي في بیتھ وبین أبنائھ، ولو كان مخیرا في
المشاھدة أو عدمھا. لكن على الأقل علیھا أن تحترم الصورة الذھنیة للمشاھد العربي من المحیط
إلى الخلیج، للبیئة الأردنیة وأعرافھا وتقالیدھا السمحة الطیبة، وارتباط ھذا جمیعھ بالمناخ الثقافي
والتراث والتاریخ الدیني والسیاحي.
ردة فعل غالبیة الجمھور الأردني على المسلسل، لیست استعراضیة كما یحب البعض أن یقولبھا،
على اعتبار أن ھناك ما ھو أكثر سوءا وخزیا یحدث في عوالم لم یطلع علیھا ھذا الجمھور في الحقیقة. ردة فعل الأردنیین مبنیة على معرفة واطلاع لا یخطران على بال مروجي العمل، لأن الناس ھنا وبعد انتشار وسائل التواصل واقتراب المجتمعات من بعضھا بعضا، لیسوا غائبین ولا مغیبین عما یحدث في عموم المجتمع، سواء على الصعید الاجتماعي أو الاقتصادي أو الحقوقي أو السلوكي وغیره. ومن یتھافت الیوم للدفاع عن نقل ”الحقیقة“ حتى لو كانت مرة إلى الجمھور، لا یفعل ذلك للأسف الشدید لیقول إن ھذا النموذج سیئ وعلینا أن نحذر منھ. بل إنھ یمضي للدفاع عن نفسھ كمقدم لصورة عادیة في المجتمع الأردني، علینا أن نتعامل مع وجوده برحابة صدر، مثلما نتعامل مع قضایا الفساد وتراجع الأخلاق بین الناس وانتشار الجریمة.
من ناحیة أخرى، وجدنا المعترضین أنفسھم، ساخطین جدا على أخبار تتعلق بانتھاك الإنسانیة
والحق في العیش؛ واحد یتعلق بطفل تعرض لإساءات جسدیة ونفسیة جسیمة، وآخر یخص قضیة
مقتل فتاة عشرینیة على ید شقیقھا، لشكوك تتعلق بسمعتھا.
المجتمع ذاتھ الرافض لكل أصناف التشویھ والشذوذ الإنساني، من حقھ أن یقول كلمتھ حین یقترب
الخطر من حدود بیتھ وسقوف توقعاتھ. ولیس لأننا نحب أن نصدر عن الأردن أخبارا ترویجیة ”ملونة“ إلى العالم الذي یمول دھانات قوس قزح، یبرر لنا أن نعري جسد الوطن قطعة قطعة، مرة بید حقوقیة ومرة بید ثقافیة. وشكرا!