عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Apr-2019

في سوریة یبنون دولة من الأنقاض - تسفي برئیل
 
ھآرتس
بشرى الانتصار على داعش في سوریة لا یمكن أن تكون مكتملة بدون توزیع الغنائم. ھذه المرة كان من نصیب الاكراد الذین حاربوا في الباغوز أن یأخذوا جزءا من الغنائم. تقاریر وصور نشرت في مواقع الإنترنت السوریة تحدثت عن شاحنات وسیارات صغیرة تم فیھا تجمیع اثاث وادوات منزلیة، وحتى عن نوافذ وابواب تحمل على شاحنات كبیرة وتشق طریقھا نحو القواعد الكردیة. حجم النھب لیس كبیرا مثل النھب العام الذي حدث بعد حرب العراق في 2003 .في حینھ شوھد المواطنون وھم یحملون على ظھورھم أو على العربات مواد فنیة تم اخراجھا من المتحف وبیعت في ارجاء العالم. ایضا في حینھ حصل الاكراد على غنائم جیدة عندما تم اخلاء مواقف السیارات الفخمة لصدام حسین. وخلال أیام شوھد مقاتلو البشمرغا وھم یركبون سیارات الدفع الرباعي الجدیدة في شوارع المدن الكردیة.
ھذه المرة لم یخلف مقاتلو داعش أي ممتلكات ثمینة. وإن كان البحث عن كنوز من الاموال النقدیة التي دفنت كما یبدو بین انقاض البیوت استمر بكامل الزخم. مكسب كبیر غیر متوقع للمقاتلین الاكراد من الحرب ضد داعش. الآن سیكون علیھم أن یحسموا حول مسألة ھل سیتصالحوا مع النظام السوري الذي یھدد بالمواجھة معھم اذا لم یلقوا سلاحھم ویعیدوا ”المناطق التي احتلوھا“ أو یواصلوا القتال ضد القوات التركیة التي احتلت عفرین وینوون المواصلة شرقا لتطھیر المنطقة الكردیة السوریة، الأمر الذي یعتبر حسب تعبیر الاتراك ”مناطق ارھابیة“.
في المدن والبلدات التي انتقلت الى سیطرة النظام، احتلت المافیا المحلیة السیطرة على مصادر
الدخل المتاحة بین الانقاض. فرع جدید فتح للمنافسة ھو تجمیع الحدید والفولاذ لغرض الاستخدام والتصنیع. منذ بدایة الحرب قبل ثماني سنوات ارتفع سعر الحدید في الدولة بمئات النسب المئویة. مصانع الصب ومصانع الحدید اغلقت، استیراد الحدید قید والنقص في مواد البناء خلق سوقا سوداء نشیطة، التي فیھا یشارك ضباط وجنود سوریین الى جانب عصابات محلیة تتعاون معھم.
احدى الظواھر البارزة ھي أن ضباط كبار قسموا فیما بینھم مناطق النفوذ على معالجة الانقاض، وھم ایضا الذین یجمعون الارباح من كل قطعة خردة یعثر علیھا من یشغلونھم.
ترتیبات الاخلاء والجمع والوزن والتسویق تعمل على الارض، ”أصحاب الامتیازات“ یبیعون للجمیع، وتقریبا لا یوجد مكان لدخول جھات جدیدة الى ھذه السوق. ھذه الخردة توفر مصدر دخل جید، لكن كمیة الحدید وبقایا النوافذ والابواب بعیدة عن أن تلبي حاجات اعادة اعمار سوریة. التقدیر المقبول ھو أن الدولة بحاجة الى مئات ملیارات الدولارات وملایین الاطنان من مواد البناء لاعادة الحیاة الى سابق عھدھا.
مستقبل اعادة اعمار الدولة وتوزیع عبء تمویلھ تم بحثھ في بروكسل قبل ثلاثة اسابیع في مؤتمر للدول المانحة والدول المجاورة لسوریا. بین المشاركین كان ممثلو الاتحاد الاوروبي ورؤساء منظمات المساعدة ومندوبون عن الامم المتحدة. المؤتمر الذي تم فیھ تحقیق تفاھمات اوضح الى أي درجة ھي كبیرة الفجوة بین الاطراف.
الاتحاد الأوروبي یشترط استعداده للمساعدة بأن یقوم نظام مستقر ومتفق علیھ وتمثیلي في سوریا بحیث یمكنھ الاشراف على الأموال التي ستصل. ھذا في الحقیقة ھو شرط محق، لكن الخلاف الرئیسي حولھ ھو ماذا سیكون مصدر الصلاحیة لھذا النظام. الاتحاد الأوروبي والولایات المتحدة (التي اعلنت في السابق أنھا لا تنوي المساعدة في إعادة الاعمار) یطالبون بأن عملیة تشكیل النظام الجدید ستتم حسب الاتفاقات التي تم التوصل الیھا في مؤتمر جنیف في 2012 وحسب قرار مجلس الأمن من العام 2015 .ھذا القرار ینص ضمن أمور اخرى على اجراءات نقل السلطة ویشیر الى جدول زمني (الذي انتھت صلاحیتھ منذ زمن)، ویطالب باجراء انتخابات حرة تضمن تمثیل مناسب لجمیع شرائح السكان.
في المقابل، روسیا وتركیا وإیران، تعمل حسب ما ھو معروف باسم ”عملیة الاستانة“، التي بحسبھا ھذه الدول ھي التي ستحدد فیما بینھا كیف ستظھر صورة النظام الجدید. عندما اقترحت روسیا صیغة الدستور، سیطلب من النظام تطبیھ. ھاتان العملیتان غیر متناقضتین بصورة جوھریة، لكن في حین أن عملیة جنیف تنقل الى أیدي الأمم المتحدة والدول الغربیة الرعایة لعملیة تأسیس النظام الجدید فان عملیة الاستانة توجد تحت سیطرة روسیا.
الخصومة السیاسیة بین الطرفین ھي التي تفشل في الوقت الحالي جھود اعادة الاعمار، حیث أن
الاتحاد الاوروبي والولایات المتحدة غیر مسرورین من منح روسیا وایران الأحقیة على وجود الدولة، والمكاسب التي ستنبع منھا بواسطة الاموال التي سیتم التبرع بھا من الغرب. روسیا في الحقیقة مستعدة للمساعدة في اعادة الاعمال، لكن ھناك شك اذا كانت ھي أو إیران على استعداد لتجنید الأموال الكبیرة المطلوبة لتمویل إعادة الإعمار.
إلى حین حسم مسألة اعادة الأعمار مطلوب مساعدة كبیرة لملایین اللاجئین والمھجرین الذین یعیشون في سوریة وفي الدول المجاورة، وكذلك حول ذلك لا یوجد اتفاق كامل. في مؤتمر عقد في بروكسل تعھدت الدول المانحة بتجنید 7 ملیارات دولار (2 ملیار دولار أقل مما تریده الامم المتحدة)، وكذلك تم الاتفاق على توزیع الأموال حسب الدول. ولكن الادعاء الرئیسي ضد طریقة التوزیع ھو أن جزء كبیر من المنح لا یصل الى أیدي المحتاجین. یبدو أنھ لیس فقط من یجمعون الخردة یتمتعون بنتائج الحرب، بل ایضا منظمات المساعدة تحظى بنسبة غیر قلیلة من الغنائم.