عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jun-2022

الطراونة يكتب: قراءة في نص المادة (11) من قانون التنفيذ المعدل

 

 
عمون - 
د. مهند صالح الطراونة
28-06-2022 02:33 PM
 
في عجالة مختصرة هلا قلبنا النظر في الأحكام القانونية التي رتبتها المادة (11) من قانون التنفيذ المعدل ، وخاصة تلك التي تتعلق في إشكالية الموازنة بين المراكز القانونية للدائن والمدين إعمالاً للتعديلات الجديدة وماهي ضمانات الدائن فيها ، وقبل ذلك وددت الإشارة إلى مسألة الصياغة التشريعية، وهي مسألة في غاية الأهمية حري بنا بحثها والالتفات إلى ضرورة ضبطها وإحكامها في جميع التشريعات ولإبداء الرأي والتحليل نعرض للتعديلات التي طرأت على المادة متقدمة الذكر وبعض الملاحظات التي تعتري الصياغة القانونية فيها ثم نتبعها بأهم الضمانات القانونية التي يمكن أن تعيد التوازن لنا بين الدائن والمدين
 
حقيقة التعديلات وصياغتها
 
تنص المادة (11) من "القانون المعدل لقانون التنفيذ لسنة 2022 على تعديل المادة (23) من القانون الأصلي بحيث يتم إضافة عبارة (والمحجور عليه للسفه والغفلة) على البند الثالث من الفقرة (أ) بحيث يصبح نص البند بعد التعديل كالآتي: الأشخاص المستثنون من الحبس أ/3: "المدين الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره والمعتوه والمجنون والمحجور عليه للسفه والغفلة "، واضح من النص المعدل أنه أضاف شريحة جديدة على الأشخاص المستثنون من الحبس وهم المحجور عليهم للسفه والغفلة وقد أحسن المشرع برأي في هذه الإضافة حيث إنها جاءت متوافقة مع أحكام القانون المدني ولا تناهض أي مبدأ دستوريا.
 
كذلك نصت المادة( 11 ) على إلغاء نص البند (4) من الفقرة (أ) منها والاستعاضة عنه بالنص الآتي: (المدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس والمدين المعسر وفقاً لأحكام قانون الإعسار والمدين المحجور عليه وفقاً لأحكام القانون المدني) ،ومع تقديري للمشرع الكريم والجهد الذي بذله في صياغة مشروع القانون إلا أن المشرع أغفل عن تجاوز بعض الملاحظات في الصياغة القانونية و التي لها علاقة بإحكام وضبط الصياغة في مشاريع القوانين ملما للصياغة القانونية من أهمية كبرى يتسنى من خلالها للمخاطب في القاعدة القانونية فهم أحكامها وطبيعة التعديلات التي طرأت عليها، ونعرض هنا مثالاً على ضرورة إحكام صياغة المادة المتقدم ذكرها وقد تكررت هذه الملاحظات في معظم مواد القانون ومن ذلك : " يُستبدل بنص البند (4) الفقرة (أ) من المادة (23) من قانون التنفيذ رقم (25) لسنة 2007 وتعديلاته، النص الآتي:(المدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس والمدين المعسر وفقاً لأحكام قانون الإعسار والمدين المحجور عليه وفقاً لأحكام القانون المدني) " ،وتجدر الإشارة إلى أنه بمقارنة النص الوارد بمشروع القانون المعدل لقانون التنفيذ بالنص القائم للمادة (23)، نجد أن النص الوارد بمشروع القانون قد وسع من دائرة الأشخاص المستثنون من الحبس بحيث شمل المدين المعسر وفقاً لأحكام قانون الإعسار والمدين المحجور عليه وفقاً لأحكام القانون المدني، بعد أن كان المدين المفلس أثناء الإفلاس والمدين طالب الصلح هي الفئات المستثناة من الحبس فقط بموجب النص الأصلي
 
أيضا نصت المادة( 11 )على " إضافة البندين (6) و (7) إلى الفقرة (أ) منها بالنصين التاليين :( 6- الزوجين معاً أو إذا كان زوج المدين متوفى أو نزيل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل إذا كان لهما ابن يقل عمره عن (15) سنة أو من ذوي الإعاقة. 7- المدين المريض بمرض لا يرجى شفاؤه ولا يتحمل معه الحبس استنادا إلى تقرير لجنة طبية رسمية" ،ومع التقدير لو كانت صياغة هذه الفقرة كالتالي لكانت أكثر إتساقا من ناحية الصياغة القانونية :(يُضاف بندين جديدين برقمين (7)و(8) إلى الفقرة (أ) من المادة (23) من قانون التنفيذ رقم (25) لسنة 2007 وتعديلاته، النص (7) ...، وتجدر الإشارة أن المشرع في هذه الفقرة وسع من حالات عدم حبس المدين لتشمل الأزواج معاً أو كان زوج المدين متوفى أو نزيل إذا كان لهما ابن يقل عمره عن (15) سنة أو من ذوي الإعاقة، أو حالة المرض الذي لا يرجى شفاؤه ولا يتحمل الحبس).
 
ومن الأمثلة التي يمكن أن تساق على حسن صياغة القانون ماورد في المادة (11) في "إلغاء نص الفقرة (ب) منها والاستعاضة عنه بالنص التالي: ب: لا يجوز حبس المدين (1- إذا كان المحكوم به ديناً بين الأزواج أو الأصول أو الفروع مالم يكن الدين نفقة محكوماً بها. 2-إذا كان الدين موثقاً بـتأمين عيني 3- إذا قل مجموع الدين المنفذ أو المبلغ المحكوم به عن خمسة آلاف دينار4-إذا ثبت وجود أموال للمدين كافية لأداء الدين وقابلة للحجز عليها" ، ومع التقدير لو كانت صياغة مقدمة الفقرة كالتالي لكانت أكثر ضبطا: "يُستبدل بنص الفقرة (ب) من المادة (23) من قانون التنفيذ رقم (25) لسنة 2007 وتعديلاته، النص الآتي: ...) وهنا نلاحظ أن المشرع في هذه الفقرة قد وسع من حالات عدم حبس المدين لتشمل الأزواج والأصول والفروع مالم يكن الدين نفقة محكوماً بها، وإذا كان الدين موثقاً بـتأمين عيني، أو الدين المنفذ أو المحكوم به عن خمسة آلاف دينار.
 
ومن حسن الطالع الإشارة هنا إلى فئات التعديل التي تتضمنها مشاريع القوانين حيث تنقسم إلى ثلاث فئات إما التعديل بالإضافة إضافة كلمة مثلاً أو فقرة أو مادة دون حذف أو تغيير أي لفظ أو كلمة واردة بالقانون النافذ ، أو تعديل بالحذف أو الإلغاء كحذف كلمة أو عبارة أو حكم جديد ،أو تعديل بالاستبدال وذلك باستبدال صياغة جديدة بالصياغة القائمة ، وعند استعراض التعديلات التي طرأت على نص المادة (11) نلاحظ أن المشرع لم يقتصر على نوع واحد من التعديلات بل ضم التعديلات الثلاث إلا أنه أغفل عن ترتيبها حيث يقع لزاما ومن باب إحكام الصياغة القانونية ترتيب الفقرات بحيث تكون فقرة التعديل بالإضافة الأولى ثم تليها فقرة التعديل بالاستبدال وأخيرا يأتي التبديل بالحذف أو الإلغاء .
 
أهم ضمانات المدين
 
لعل الإشكالية الدستورية الأبرز في موضوع التعديلات هو موضوع عدم حبس المدين وخاصة في الإلتزامات التعاقدية الأمر الذي أدى إلى اختلال التوازن في الحقوق بين الدائن والمدين لصالح المدين ، و أتفق مع الكثير من الزملاء أن في ظل عدم وجود ضمانات كافية للدائن فإن ذلك يؤدي إلى إهدارا مبدأ المساواة بين المواطنين ومخالفة صريحة لنص المادة السادسة من الدستور الاردني
 
وتجدر الإشارة أن من أهم المبررات التي دفعت المشرع إلى تعديل قانون التنفيذ ما سببته جائحة كورونا من خسائر فادحة للعديد من القطاعات الاقتصادية والأفراد وتعثر الكثير منهم عن الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية وما ترتب على ذلك من آثار اقتصادية وإجتماعية على كافة المتعاملين ، وتعثر العديد منهم عن سداد ديونهم ، وعليه لابد من إيجاد آلية تساهم في إعادة التوازن في العلاقة بين الدائن والمدين وهي علاقة جدلية وموازنة دقيقة لكن يمكن التخفيف من حدتها تجنبا لاي مخالفة دستورية قد تعتري القانون وتجتنبا لأية أثار إجتماعية غير محمودة قد تترتب على مسألة تنفيذ القانون ، ومن الضمانات التي يمكن أن تعيد دفة هذه العلاقة إلى توازنها ضرورة الاهتمام فيها ضمن هذه الآلية ، العمل على إيجاد ألية نسرع فيها استيفاء الدائن لحقوقه.
 
وكذلك حماية المنفذ ضده من زيادة مديوناته و حماية الدائنين المحتملين من التعامل مع مدين متعثر في السداد، وممكن الاستعانة في مكاتب المحامين و منفذين خاصين ومأموري تنفيذ ، وكذلك خصخصة الخدمات المساندة للتنفيذ ، ويمكن وضع نظام جديد للإفصاح يُمكن من التنفيذ ويلزم المنفذ ضده في اليوم التالي من تاريخ إعلانه أو علمه بأي إجراء من إجراءات التنفيذ وتحديد مدة معينة للإفصاح وبشكل سري عن أمواله في حدود ما يغطي قيمة الدين محل السند التنفيذي ، فإذا كانت أمواله لا تغطي قيمة السند التنفيذي، فيجب أن يفصح إفصاحاً كاملاً عن كافة أمواله سواء كانت لديه أم لدى الغير ، كما يلتزم بالإفصاح عن الأموال التي ترد إليه مستقبلاً ، وفي حال الإفصاح يجب على المنفذ ضده أن يفصح عن كافة الأموال التي كانت لديه منذ تاريخ رفع الدعوى التي يتم التنفيذ بموجبها أو تاريخ إنشاء السند التنفيذي.
 
ومن ذلك أيضا يمكن تسهيل الإجراءات والاستعانة في مكاتب المحامين لسرعة إجراءات التنفيذ، من خلال إسناد بعض الأعمال المساندة لإجراءات التنفيذ إلى القطاع الخاص وذلك بإشراف ورقابة قاضي محكمة التنفيذ، حماية الدائنين والمدينين وذلك بتحديد أموال لا يجوز الحجز عليها ومنها عدم جواز الحجز أو التنفيذ على الدعم الحكومي والاعانات الاجتماعية المقدمة للمنفذ ضده، فضلاً عن تحديد الحد الأدنى من المبالغ التي لا يجوز التنفيذ عليها في حسابات المنفذ ضده، كذلك يمكن مراقبة السجل الائتماني للمنفذ ضده، وذلك بالتأشير على سجل المنفذ ضده الائتماني- لمدة معينة يحددها النظام -إذا لم تكف أمواله لسداد الدين محل السند التنفيذي وذلك بأمر يصدر من قاضي محكمة التنفيذ، حماية للدائنين المحتملين مستقبلاً ولعدم زيادة مديونات المنفذ ضده، على ألا يُرفع التأشير إلا في حالة التسوية أو بانقضاء المدة، ضع آليه خاصة للتنفيذ على الشركات و يراعى فيها ألا تؤدي إجراءات التنفيذ إلى عرقلة عملها، وذلك تماشياً مع سياسة الانفتاح الاقتصادي مع إعطاء قاضي محكمة التنفيذ صلاحية وقف نظر ملف التنفيذ إذا تبين أنه قد تم افتتاح إجراءات إعادة التنظيم والإفلاس على شركة تجارية منفذ ضدها، الأخذ بتجربة بعض التشريعات المقارنة وبعض الدول في خصخصة الخدمات المساندة للتنفيذ، وذلك من خلال إسناد القيام بإجراءات التنفيذ إلى المرخص لهم سواءً كانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين مما يؤدي إلى خلق فرص عمل واعدة في القطاع الخاص، وربط القطاع الحكومي والقطاع الخاص في فرص العمل، وكذلك إيجاد نظام للسجل الائتماني لكافة الأفراد والمؤسسات التي تسعى للحصول على الائتمان، وذلك لما يتطلبه حسن تنفيذ القانون من أن يكون هناك انضباط مالي في سوق التعاملات.
 
بقي أن نقول أن في استحداث آليه قانونية مساندة لقانون تنفيذ جديد متكامل تقتضي وقتاً لإنفاذه ، ذلك لأن التغييرات التي طرأت على قانون التنفيذ القائم كانت مهمة وجوهرية وذات أثر كبير على حقوق الناس وأن عملية الموازنة بين حقوق الدائن والمدين ستكون في غاية الدقة والتعقيد في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وتحتاج مراجعة وإعادة حسابات بين فترة وأخرى