عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Feb-2019

«إسرائيل» ما بين الفكرة والدولة القومية الحلقة الرابعة والخمسون - عبدالحميد الهمشري

 

غايات ودوافع الاستيطان في محافظة الخليل/  ج 1 
 
الدستور -إذن وفق ما ذكرنا في جزأي  الحلقة السابقة حول السيطرة على المرتفعات والمياه  لصالح المستوطنين  اليهود في محافظة الخليل ، فإنه وفي الوقت الذي يصل فيه معدل استهلاك الفرد الصهيوني للمياه للأغراض البيتية والبلدية إلى حوالي 280 لترًا في اليوم، فإن معدل استهلاك المواطن الفلسطيني للأغراض نفسها يصل إلى حوالي 65 لترًا فقط ، علماً أن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن المعدل الطبيعي هو 100 لتر يوميًّا، وعليه فإن جذور أزمة المياه في الضفة الغربية عموماً وفي الخليل تحديداً، تعود إلى التوزيع غير العادل للموارد المائية المشتركة بين «إسرائيل» والفلسطينيين، بل النهب الصهيوني لهذه الموارد، فأحد هذه الموارد حوض الجبل المكون من عدة مستودعات من المياه الجوفية التي تتقاطع في المنطقة الحدودية بين «إسرائيل» والضفة الغربية. ورغم أن هذا المورد هو مصدر المياه الأساس الذي يستعمله سكان الضفة الغربية اليوم، إلا أن «إسرائيل» تستغل حوالي 80% منه، بينما يستغل الفلسطينيون الـ 20% الباقية ، وللعلم فإنه وفقاً لتفاهمات أوسلو لا يسمح للسلطة الفلسطينية بحفر آبار مياه جديدة دون أخذ موافقة الدولة االعبرية، ولا حتى في مناطق A التي  تُديرها السلطة الفلسطينية،  كما أن سياسة تزويد المياه التي تتبعها شركة تزويد المياه الإسرائيلية «مكوروت» في الضفة الغربية كانت دائماً تعتمد على التمييز الفاضح  وعلى خلفية قومية بين الفلسطينيين والمستوطنين. وفي الوقت الذي تعاني فيه معظم البلدات الفلسطينية المعتمِدة فقط على شركة «مكوروت» من النقص الدائم في المياه، فإن المستوطنات تحصل على كميات من المياه تتيح لمستوطنيها استهلاك المياه للأغراض البيتية والبلدية دون حدود، كما هو دارج في البلدات الواقعة داخل الكيان العبري ، علاوة على ذلك ففي الحالات التي تكون فيها البلدات الفلسطينية والمستوطنات مربوطة بخط المياه نفسه، فإن شركة «مكوروت» تقوم بتقليل كمية المياه التي تصل إلى البلدات الفلسطينية في فصل الصيف من أجل الوفاء بالاستهلاك الزائد للمياه في المستوطنات ، وعلى الصعيد الاقتصادي أيضاً يسعى الاحتلال للسيطرة على الأسواق الفلسطينية المحلية وجعْلها تابعة للاقتصاد الصهيوني. 
*كاتب وباحث في  الشأن الفلسطيني