عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jan-2019

أميركا تحاول كسب المزيد من علاقتها مع العراق

 الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 10/1/2019
يعتقد الرئيس دونالد ترامب أن أميركا تتعرض للاستنزاف. وقال أمام جمع في العام الماضي، مُبالغاً بعض الشيء: “لقد أنفقنا 7 ترليونات دولار -تريليون بحرف “ت”- 7 ترليونات دولار في الشرق الأوسط. أتعرفون ماذا أخذنا مقابلها؟ لا شيء”. ولتصحيح هذا الوضع الذي تصوَّر أنه خاطئ، فضل السيد ترامب منذ وقت طويل الاستيلاء على نفط العراق. ولكن، بعد أن ألمح إلى الفكرة مع رئيس الوزراء العراقي (الذي اعترض)، حذره مستشاروه. وقال هـ. ر. ماكماستر، مستشار الأمن القومي في ذلك الحين، وفقاً للتقارير: “إننا لا نستطيع أن نفعل هذا ولا ينبغي أن تتحدثَ عنه”. ومع ذلك، ربما يحصل السيد ترامب الآن على ما يريده من العراق بوسائل أخرى.
عندما أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات على إيران في العام الماضي، أعطت بعض الدول وقتاً إضافياً حتى توقف شراء النفط الإيراني قبل أن تفقد إمكانية الوصول إلى السوق الأميركية. وقد أعطيت معظمها إعفاءات لمدة 90 يوماً. وفي تشرين الثاني (نوفمبر)، مُنح العراق، الذي يتقاسم حدوداً طويلة مع إيران، نصف هذا الوقت لقطع واردات الكهرباء والغاز. وعندما تفاوض من أجل التمديد، اندفعت الشركات الأميركية نحو إبرام العقود مع العراق. وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قاد ريك بيري، وزير الطاقة، أكبر وفد تجاري أميركي إلى العراق منذ أكثر من عقد. ويقول أحد رجال النفط: “كان ذلك مقايضة شيء في مقابل شيء: أنتم ستمنحوننا الأولوية، وسوف نعطيكم استثناء”.
ويبدو أن هذه الاستراتيجية تعمل. فقد أبرمت شركة جنرال إلكتريك، وهي شركة أميركية، عقداً كبيراً لتحديث شبكة الكهرباء العراقية المتداعية، التي كانت قد خصصت لشركة سيمنز الألمانية. كما وقعت شركات أميركية صفقات لتزويد العراق بالحبوب والدواجن والصادرات الإيرانية المهمة. وتجنبت شركتا النفط العملاقتان الأميركيتان؛ شيفرون وإكسون، إزعاج تقديم المناقصات بالتفاوض مباشرة مع وزارة النفط العراقية للحصول على تنازلات كبيرة. وكانت حكومة عراقية سابقة قد قررت تأجيل اتخاذ قرار بشأن طلب شركة إكسون المساعدة على تعزيز قدرة العراق على تصدير النفط وبناء محطة لتحلية المياه. والآن، يقال إن هذا المشروع أصبح أولوية.
الآن، أصبح العراق أكثر استقراراً وأمناً وغنى مما كان عليه في أي وقت منذ غزو الولايات المتحدة في العام 2003. وبعد أن ساعد على دحر جهادي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، يعتقد ترامب أن البلد مدين بشيء لأميركا مقابل نجاحه. لكنه ليس منخرطاً مع العراق بشكل كبير أبعد من ذلك. وعندما طار إلى هناك في كاون الأول (ديسمبر)، تمنى ترامب لقواته عيد ميلاد سعيد، وتفاخر بمنحهم زيادة في الرواتب، ثم غادر -من دون رؤية قادة العراق. وقد عُقد اجتماع مع عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي الجديد، بعد أن أصر ترامب على أن يأتي عبد المهدي إلى القاعدة الأميركية في الصحراء غرب بغداد.
جعل انسحاب ترامب من سورية بعض العراقيين يفكرون بأنهم ربما يكونون التالين الذين يشهدون القوات العراقية وهي تغادر. وفي التاسع من كانون الثاني (يناير) حاول مايك بومبيو، وزير خارجية أميركا، طمأنتهم. وفي اجتماع مع السيد عبد المهدي (في مكتب رئيس الوزراء)، ناقش استمرار تعاون أميركا مع قوات الأمن العراقية. كما أكد “استقلال العراق في مجال الطاقة”، وفقاً لبيان صدر عن الاجتماع. ويفسر المسؤولون في العراق مثل هذا الحديث بأنه محاولة لجعل البلد يتوقف عن شراء الغاز من إيران، والبدء في توظيف الشركات الأميركية لتطوير حقول الغاز العراقية.
إذا كانت نية الولايات المتحدة هي إبعاد العراق عن إيران، فإنها ستواجه وقتاً عصيباً. فالجاران ينسجمان معاً، في معظم الأحيان، ويتبادلان الكثير من التجارة. ويعتمد العراق على إيران في الغذاء والقوة معاً. وعندما قطعت إيران الكهرباء عن العراق في الصيف الماضي، بسبب عجزه عن الدفع، ارتفعت حرارة جنوب العراق كثيراً وتسببت في قيام الاحتجاجات التي أدت إلى إسقاط الحكومة. ولن تكون الشركات الأميركية قادرة على تعويض الإمدادات القادمة من إيران على المدى القصير. كما تساعد القوات الإيرانية على الحفاظ على أمن العراق من “داعش”، الذي يعاود الظهور في بعض المناطق.
يعكس التشاحن بين الكتل السياسية الكبيرة في العراق -كتلة الفتح ذات الميول الإيرانية وكتلة سائرون المناهضة لإيران- الصدام الدائر بين أميركا وإيران حول تشكيل حكومة السيد عبد المهدي. وما تزال مناصب وزير الدفاع والداخلية والعدل شاغرة. وسوف تتسبب عودة إلى عدم الاستقرار في العراق بتعريض العقود الأميركية للخطر. لكن ترامب يبدو سعيداً بما يكفي في الوقت الحالي. وفي كانون الأول (ديسمبر) أعطى العراق 90 يوماً إضافياً من المهلة قبل الامتثال للعقوبات الأميركية على طهران.
 
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Crude deals over oil: America is trying to get more out of its relationship with Iraq