عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Jun-2025

وجه جديد للشرق الأوسط؟!*جميل النمري

 الراي 

في لحظة زهو قال نتنياهو ان ما تفعله اسرائيل لن يغير وجه الشرق الأوسط فحسب بل وجه العالم.
 
وجه العالم؟! هذا كثير! أما وجه الشرق الأوسط فقد بدأ يتغير بالفعل مع ضرب حزب الله وتغيير النظام في سوريا ثم العدوان على ايران، لكن الى اين؟! لا نتنياهو ولا امريكا ولا اي طرف آخر يستطيع أن يهندس المخرجات وفق هواه حتى لو كان الطرف الأقوى في صنع المدخلات. ولطالما مد التاريخ لسانه في وجه القوة العاتية المنتصرة. وغبار المعركة لا يلبث ان ينجلي عن مستجدات جيوسياسية وتطورات للعلاقات والمصالح تصنع مسارا ليس في الحسبان.
 
لنبدأ من النجاحات الأولية الصاعقة التي ادارت رأس نتنياهو لدرجة رفع السقف لهدف العدوان من تدمير قدرات ايران النووية الى اسقاط النظام نفسه. وهذا أوقع نتنياهو مجرم حرب غزة في نفس الخطأ أي ربط صورة النصر الكامل بالقضاء الكامل على الخصم وهو هدف لم يكن واقعيا حتى من وجهة نظر ترامب الذي جاء تدخله في الواقع لتحديد خط نهاية الحرب ومنع نتنياهو من التحكم بمسارها واخضاع الولايات المتحدة لأجندته الخاصّة. لذلك بادر (هو) ومباشرة بضرب المنشآت النووية وأعلن (هو) وشدّد على أنه تم القضاء على القدرات النووية كليا ونهائيا ثم أ?ر (هو) الطرفين بوقف القتال.
 
لمسات ترامب الغرائبية اضفت طرافة سيريالية على المشهد الذي اراد ان يكون فيه بطل الحرب وبطل السلام وسيد الموقف في كل الايام وآخرها قفلة الختام بشكر طهران على ردّها الضعيف بقصف قاعدة العديد في قطر وابلاغه سلفا بالامر لافراغ القاعدة وعدم وقوع خسائر بشرية وحتى مادّية وتهنئة الجميع واعلان وقف اطلاق النار.
 
النتيجة ان كل طرف إدّعى ما يشاء. والحقيقة لا يمكن الحديث عن منتصر ومهزوم فقد عادت الأمورالى نقطة الصفر مع مستجدات في تموضع جميع الاطراف وارتدادات محتملة على الداخلين الاسرائيلي والايراني يصعب التكهن بها، وسنرى لاحقا مفاعيلها
 
من حيث تسجيل النقاط في المنازلة فقد كان التفوق مطلقا للمعتدي وما زالت اسرئيل تمثل تجمع كل القدرات الأمريكية والغربية في نقطة واحدة لكن درجة الاختراق الاستخباري فاقت الخيال وسيكون لذلك تداعيات لاحقة داخل ايران. وما منع تحقيق نتائج حاسمة على غرار ما حصل للعرب في حرب حزيران هو عدم وجود حدود مباشرة بين الطرفين وهذه اول حرب تدور فقط بالاسلحة الجوية على بعد الفي ميل ولم يكن استمرارها سيصنع جديدا مختلفا عما تحقق في اثي عشر يوما غير المزيد من الخسائر المادية بالنوع والكم والتناسب الذي حصل لكل طرف دون نتيجية حاسمة ?ياسيا.
 
عليه تعود الأمور الى المربع الأول والمطروح على الطاولة العودة الى المفاوضات حول البرنامج النووي. ونقطة قوة ايران ان التهديد العسكري تم استهلاكه وانتهى وليست مضطرة لتقديم اي تنازل. لكن العقوبات ما زالت موجودة ولن تلغى دون مفاوضات تفضي الى اتفاق. وسيتضح للرأي العام الاسرائيلي ان نتنياهو كسب اشعال حرب بلا طائل تماما مثل ادامة الحرب على غزة بلا طائل ولذلك تداعيات على وضعه ووضع الحكومة وتفاقم الصراع الداخلي.
 
أمّا ايران فتعود الى سؤال وجودي سيطرح نفسه لما تريد السلاح النووي؟! وبما يفيدها؟! وهل تستطيع ان تمنع اسرائيل كل مرة من تكرار عدوانها قبل الوصول اليه حتى لو نجت بكمية اليورانيوم المخصب واجهزة الطرد المركزي التي تنتجه. لقد تم تقطيع اذرع ايران ثم الاعتداء عليها نفسها وما كانت تستطيع استخدام قنبلة نووية حتى لو امتلكتها وبفارق القدرات الاستخبارية والجوية فستكون قنبلة طهران قد اجهضت بينما يمكن امطارها بعشرات القنابل التي تمحو كل المدن الايرانية.
 
عناصر القوة اليوم تقع خارج السلاح النووي وايران تستطيع ان تتعاون في تلبية كل المتطلبات والشروط لحصر الطاقة النووية في الاستخدمات السلمية. وتوجيه قدراتها للتنمية والتطوير. ولنكن واقعيين مصلحة ايران نظاما وشعبا ان تغادر العقلية القديمة وان تلتفت الى الداخل لرفاه شعبها وان تصبح دولة عادية لا تبني اذرعا وميليشيات في احشاء دول اخرى بل تبني علاقات طيبة غير صراعية مع الجوار العربي وهذا يفيد الفلسطينيين اكثر من » محور المقاومة » الذي انتهى على كل حال.
 
ما بعد الحرب سينفتح مسارا جديدا لجميع دول الاقليم لرعاية مصالحها وبحث مساحات النعاون الاقليمي بإستثناء اسرائيل التي ستبقى في المدى المنظور على نهج اليمين المتطرف والسكرة بفائض القوة الراهن. وقد قامت الدول العربية بأخذ الموقف الصحيح والواضح فأستنكرت بكل قوة وحسم العدوان الاسرائيلي وتضامنت مع طهران التي ستجد نفسها حتما امام ضرورة المراجعة العميقة لسياسات النظام وربما بنيته القديمة وسوف تطرح نفسها بقوة قضية بناء نظام امن اقليمي يضم ايران وتركيا والجوار العربي تقف اسرائيل على بابه منبوذة مرفوضة ما دامت دولة اح?لال وعنصرية وعدوان.