عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jan-2020

«ستيـــــلا».. هنا كتب الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي رائعة «الأطلال»

 

على بلد المحبوب ودينى زاد وجدى والبعد كاويني
ياحبيبى ده انا قلبى معاك طول ليلي سهران وياك
تتمنى عينى رؤياك أشــكي لك وأنت تواسيني
 
القاهرة  -الدستور - محمود كريشان - في قلب العاصمة المصرية «القاهرة» .. وتحديداً في وسط البلد، بمنتصف المنطقة الممتدة من ميدان التحرير إلى ميدان طلعت حرب، بمحاذاة مطعم فلفلة الشهير، تقع حانة «ستيلا» التراثية العريقة، والتي يعود تاريخ إنشائها إلى العام 1950م، من قبل شخص مصري من أصول يونانية.
هذه الحانة التي لا تزال تحتفظ بمقتنياتها التراثية منذ فجر التأسيس وحتى الآن، ومعظم الزبائن فيها هم من المثقفين واليساريين، دون أن يخلو المشهد من وجود الفنانين من عازفي العود والكمنجا الذين وما أن يحلو السهر في ساعات متأخرة من ليل القاهرة الجميل، حتى تبدأ معزوفاتهم تتصاعد لتعطر الحانة الصّغيرة بالغناء القشيب .. للشيخ إمام .. «جيفارا مات» .. و»البقرة النطاحة» ويمتد الغناء في ساعات التجلي إلى الغناء البحري .. «شكشك مرزوقة .. تعالي جنبي» إلى الفرقة القومية المصرية وفرقة رضا .. ولأجل الصبايا ..  ومصر مش قتالة .. ولأ .. والنبي ويا عبدة .!!.
وعلى صلة .. يُقال أنه وفي هذه الحانة قام الطبيب الشاعر ابراهيم ناجي بكتابة رائعة «أم كلثوم» الخالدة .. الأطلال، حيث إن الدكتور ناجي كان منكباً على «بنت العناقيد» هرباً من خذلان المحبوبة، وكان عرضة لانتقادات زملاء وندماء له، تارة يقولون له أنت طبيب فاشل، وشاعر ناجح .. والعكس صحيح، كما أورد شاعر فلسطين الكبير عبدالناصر صالح ..!!..
وقد جاء في القصيدة المغناة: (يا فؤادي لا تسل أين الهوى كان صرحا من خيال فهوى/اسقني واشرب على أطلاله واروعني طالما الدمع روى/ كيف ذاك الحب أمسى خبرا وحديثا من أحاديث الهوى/ لست أنساك وقد أغريتني بفم عذب المنادة رقيق ويد/ تمد نحوي كيد من خلال الموج مدت لغريق وبريق يظمأ/ الساري له أين في عينيك ذياك البريق ياحبيبا زرت يوما/ أيكه طائر الشوق أغنى ألمي لك إبطاء المذل المنعم ). في «ستيلا» .. الأضواء خافتة و»الصحبة حلوة» .. والغناء الجميل للثورة تزامناً مع أصوات المتظاهرين في مديان التحرير . والغناء يمتد ويصعد: بلادي .. بلادي .. بلادي .. لكي حبي وفؤادي .. «مصر» يا أم الوجود.
ستيلا .. حكايات مجبولة بالعشق العذري .. بالنشوة .. الآمال .. الهموم .. الذكريات .. و»بندق .. بندق» .. وعلى «بلد المحبوب» وديني .. وآلة التسجيل التراثية، تطلق العنان للكاسيت القديم الذي «اندثر» إلا «ستيلا» يُواصل مسيرة التحدي ومواجهة عصر الحداثة وأقراص الـ»C.D» .. و»عزيزة جلال» تشدو: «مستنياك .. تعبت .. تعبت من الأشواق» ..!!.
مفارقة جميلة مليئة بالصّعلكة والمساواة والاشتراكية، تجدها في هذه الحانة الشّهيرة «ستيلا» .. تجد الشاعر والسّياسي والمثقف .. الشيوعي والسّلفي .. وحتى بائع «المناديل» الهارب من ضنك العيش، إلى رحاب النسيان .. ولكن في «ستيلا» .. «ستيلا» .. كان يجب أن يكون أحد اكتشافات «شاعر الأردن» مصطفى وهبي التل «عرار» لكونه أشبه ما يكون بكوخ الندامى الذي أسّسه «عرار» في «عمّان» على الحرية والانعتاق من العبودية .. على اعتبار أن «ستيلا» كان ولا يزال .. الطريق إلى الحرّية.!!..و:
يا هنايا لما افرح بيك واتــهنى بقربك واناجيك
وعيني تبقى فى عينيك احكي لك وانت تراعيني
يامسافر على بحر النيل أنا ليّ فى مصر خليل
من حبه مابنام الليل على بــلد المحبوب