عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Jan-2021

سؤال المطعوم: نأخذه أم لا؟*حسين الرواشدة

 الدستور

نأخذه ام لا نأخذه؟
 
هذا السؤال المخجل يتردد اليوم على السنة اغلبية الأردنيين حول مطعوم « كورونا»، قلت : مخجل لسببين، أحدهما يتعلق بما وصلت إليه نقاشاتنا العامة من تراجعات، ومن سوء ترتيب أولويات، ‏ذلك أنه لا يخطر على بال احد أن يختلف الناس في مواجهة هكذا وباء، حملنا ما حملنا من خسائر، على « وصفة» مطروحة للوقاية منه، اما السبب الثاني فيتعلق بعمق الفجوة التي اتسعت بين الحكومات والمجتمع، لا اتحدث عن فجوة الثقة فقط، وانما عن فجوة تعطل قنوات الاتصال بين الطرفين، وعن محطات الارتباك التي وقع فيه الطرفان أيضا.
 
‏حالة « التمنع» والتشكيك التي افرزها المجتمع، أو أغلبيته، لا تبدو مقبولة على الإطلاق، فالعالم اليوم، ونحن جزء منه، يبحث عن مخرج من هذه الأزمة الصحية التي قلبت أحوال البشرية رأسا على عقب، والتعلق بأحبال المؤامرة وهواجسها المغشوشة في عهد السباق العلمي مدعاة للسخرية، ‏لكن هذه الحالة التي يستغرق فيها المجتمع تبدو مفهومة أو قابلة للتفسير في سياقات ما جرى على صعيد تعاملنا مع الوباء منذ البداية حين داهمنا في مطلع العام الماضي، فقد انصاع اغلبية الناس إلى مقررات الحكومات وصدّقوا تحذيراتها والتزموا بما صدر عنها من اغلاقات ومنع تجول ثم دفعوا ثمن ذلك كله، وبعدها اكتشفوا – او هكذا حصل – بأنهم ضحايا لارتباك عام، وان أخطاء المسؤولين هي التي افقدتهم الثقة بما يقولون ويفعلون..
 
‏لابد أن نخرج من هذه الدوامة، كيف؟ ليس لدي إجابة محددة لإقناع الناس بتسجيل أسمائهم على المنصات للحصول على المطعوم، لكن يمكن أن تبدأ الحكومات بشكل ما للإجابة عن أسئلة الناس بدون توتر واستفزاز، ‏وأول هذه الأسئلة تعدد المطاعيم و اختلافها، وموثوقية كل مطعوم، وكيف يتم توزيعها واختيار مطعوم لفئة دون أخرى، ثم الأهم الإجراءات التي اتبعت لشراء هذه المطاعيم، وغير ذلك من التفاصيل التي تقنع المترددين بأن القضية تتعلق بالامن الصحي للمجتمع، وبالتالي فهي أولوية وطنية وليست مجرد خيارات فردية.
 
‏لقد أخطأ بعض المسؤولين في تصريحاتهم حول عدم السماح للمواطنين بأن يسألوا عن نوع المطعوم الذي يصرف لهم، لأن ذلك فُهم في أطار « ما دخلك يا مواطن « وهذه العبارة التي تكررت للأسف على ألسنة بعض المسؤولين في ما مضى  اصبحت تستفز الأردنيين? وبالتالي فإن إيصال رسالة التطعيم لاقناع اغلبية الناس بها، تحتاج إلى حكمة اكثر وإخراج أفضل، و أدوات ذات مصداقية أيضا. 
 
‏لدي رجاء.. أن يتحرك الناس بدافع وعيهم وحرصهم على سلامة مجتمعهم الى اخذ المطعوم، وأن يغادروا طوابق التشكيك والخوف وربما المناكفة، ثم أن تتحرك الحكومة ومؤسساتها لإقناعهم « بالتي هي أحسن « لفعل ذلك، على اعتبار ان نجاحها في ذلك سيكون بمثابة اجتياز لامتحان الثقة على أساس بيان مواجهة الوباء بالمطعوم. هذه الثقة، بالذات، لا يمنحها النواب فقط، وانما الناس فقط.