لندن ـ «القدس العربي»: هيمنت «الهدنة الإنسانية» ومدتها أربعة أيام فقط والتي تم التوصل إليها بوساطة قطرية في غزة على اهتمام شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي من محيطه إلى خليجه، وتحولت إلى حديث النشطاء والمغردين والمدونين في كل مكان، حيث جاءت بعد 48 يوماً من الحرب الضروس والمجازر الدموية التي استهدفت غزة والتي لم تؤدِ إلى أي انهيار في القطاع.
وجاءت الهدنة متضمنة صفقة جزئية لتبادل الأسرى والمحتجزين بين حركة حماس وبين إسرائيل، حيث يتم إطلاق 50 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 150 أسيراً فلسطينياً، وهو ما كانت قد عرضته حركة حماس في اليوم الأول للحرب، فيما كان الإسرائيليون يرفضونه بشكل قاطع وبات، وهو ما دفع الكثيرين إلى اعتبار أن هذه الصفقة تُمثل انتصاراً لحماس في الحرب، أو أنها بداية الانتصار وبداية تحقيق الأهداف التي يريدها الفلسطينيون.
ودخل اتفاق الهدنة المؤقتة والتبادل الجزئي للأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، حيز التنفيذ صباح يوم الجمعة الماضية بعد 49 يوماً من الحرب المفتوحة التي تضمنت عدواناً إسرائيلياً غير مسبوق على المدنيين في غزة طال الأطفال والنساء والمستشفيات.
وكانت وزارة الخارجية القطرية أعلنت التوصل للاتفاق بعد جهود بمشاركة كل من مصر والولايات المتحدة، ويقضي الاتفاق المعني بإفراج الاحتلال عن 150 أسيرا فلسطينيا من النساء والأطفال مقابل إفراج حماس عن 50 إسرائيليا من النساء والأطفال محتجزين بغزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وهذا الاتفاق هو أول وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس منذ بدء هذه الحرب، فيما يأمل الكثير من الفلسطينيين إلى أن يتحول هذا الاتفاق إلى هدنة دائمة تُنهي الحرب وتُعيد الحياة تدريجياً إلى القطاع، كما يأملون التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى شامل ينتهي بإطلاق سراح كافة المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
«#غزة_تنتصر»
وفور الإعلان عن التوصل إلى الهدنة انتشرت الوسوم «#الهدنة_الإنسانية» و«#غزة_تنتصر» وغيرهما على شبكات التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تحولت الهدنة وتفاصيلها إلى موضوع للجدل والحديث على مختلف المنصات، فيما ذهب الكثيرون إلى الاحتفاء بوقف القتال وتقديم الشكر والثناء لدولة قطر على المجهود الذي بذلته من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق.
وغرد رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر معلقاً على شبكة «إكس» (تويتر سابقاً): «في البداية أود أن أشيد بالجهود الكبيرة التي بذلتها دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الأمير المفدى، من أجل وقف نزيف الدم في قطاع غزة. وأود ان أؤكد هنا أن هذا الإنجاز المثمر هو إنجاز لكل دول مجلس التعاون الخليجي وليس لدولة قطر وحدها. كما أؤكد كذلك ان أي إنجاز تحققه أي من دول المجلس، سواء كان في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو العلمية والطبية أو الاجتماعية والعسكرية والترفيهية، هو إنجاز لكل دول المجلس. فدول مجلس التعاون منظومة واحدة يجب ألا تتنافس فيما بينها، بل هي تكمل بعضها البعض حتى يصبح المجلس الأساس القوي الذي تنبني عليه كل المبادرات وتنطلق من دوره المحوري الجامع، وهذا هو ما سيجعل العالم ينظر إلينا باعتبارنا كتلة واحدة لها وزنها. وهكذا فإن أي إنجاز ينبغي اعتباره إنجازا لكل دول المجلس والخسارة خسارة للجميع».
أما الكاتب الصحافي جاسم إبراهيم فخرو، فعلق على اتفاق الهدنة قائلاً: «في حين يتحدثون عن هدنة إنسانية مدتها أربعة ايام ولم تكمل تفاصيلها بعد؟ استثمر الصهاينة الوقت في إقامة المجازر البشعة القاسية اللانسانية التي لا توصف لأرواح أبرياء ذنبهم الوحيد انهم أبناء وبنات الأرض.. وحصادهم الدموي بالمئات يومياً ويزيد عن أرواح لأعوام قادمة. يا الهي ما أصعب وأقسى الحال.. اللهم ارحم شهداء فلسطين وغزة الأبرياء واشف جرحاهم واجبر بخواطر الأحياء منهم المتعلقة بك سبحانك وانصرهم على أعدائك وأعدائهم».
وكتب الدكتور عصام البشير، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ووزير الأوقاف السوداني سابقاً: «هدنة إنسانية وقعت عليها المقاومة بأسنة الرماح، وفرضت شروطها على المحتل الغاصب، بعد أن بدأ سقف أهدافه العالي ينهار فوق رأسه، اللهم أعز جندك وانصر أولياءك ومكن لدينك في الأرض».
وعلق الناشط الفلسطيني المعروف أدهم أبو سلمية قائلاً: «غداً ستدخل أكثر من 200 شاحنة مساعدات إنسانية عبر معبر رفح. هذه المساعدات لن تدخل الا لأن المقاومة أخضعت الاحتلال وأجبرته على ذلك. على هذا العالم أن يعرف أنه لا فضل للسياسة المصرية بدخول هذه المساعدات لأهل غزة.. من سيغسل عنكم هذا العار؟».
وغرد الإعلامي المصري المعارض أسامة جاويش قائلاً: «عايز تعرف الفرق بين دور مصر وقطر في الوساطة؟ باختصار: في الوقت اللي العالم كله كان بيسمع المؤتمر الصحافي للمتحدث باسم الخارجية القطرية وهو بيعلن تفاصيل الهدنة وتوقيتها وبداية تبادل الأسرى، كان عبد الفتاح السيسي بيحاول ياخد لقطة جديدة وبيتكلم وسط حشد من أنصاره ومؤيديه في استاد القاهرة عن دور مصر العظيم في دعم أهل غزة وانه 80 في المئة من اجمالي المساعدات اللي دخلت كانت مصرية».
هزيمة عسكرية
وعلق الصحافي والكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة قائلاً: «عن حال العدو من جديد. لا تجد في تحليلاتهم سوى الحيْرة. أسئلة كثيرة ولا إجابات محسومة. بعضهم يطرح رأيا وأكثرهم لا يطرح غير أسئلة اليوم عن الصفقة وإمكانية تمديدها بضغط أمريكي، ولأجل تحرير أسرى آخرين. وعن معضلة الجنوب، والأسئلة التالية وتبعات كل خيار. نحن كابوس سيطاردهم حتى يكنسهم».
وأضاف الزعاترة في تغريدة ثانية: «هذه ليست حرباً ككل الحروب. هي مجازر مسعورة ضد أبرياء وممتلكات وحسب، السبب أنها مع «كيان» أُصيب بالسُّعار. «كيان» كان يعتقد أنه الأقوى في المنطقة والـ«أكثر نفيرا» في الكون، فإذا بفئة مؤمنة اعتقد أنه ركّعها بالحصار؛ توجّه له ضربة رهيبة أشعرته بقرب النهاية، لكن سُعاره لن يمنع نهايته».
وعلق الناشط أحمد يحيى: «الهدنة لم يوافق عليها العدو إلا بعد الهزيمة والانكسار أمام ضربات الاسود.. الهدنة معناها نهاية مجرم الحرب نتنياهو باذن الله».
وكتب المذيع في قناة «الجزيرة» أحمد منصور: «الأنظمة التي رهنت مستقبلها بإسرائيل تعيش أجواء الذل والانكسار والهزيمة، لم يجيدوا قراءة الواقع واستشراف المستقبل فأضلهم الله على علم، لقد ربطوا مصيرهم بإسرائيل رغم أن الإسرائيليين أنفسهم يتحدثون عن لعنة العقد الثامن ويعانون منذ خمس سنوات من الشقاق الداخلي والصراع وعدم الاستقرار وهاهي تتلقى هزيمة عسكرية وسياسية واقتصادية تاريخية وما يجري على إسرائيل سيجري عليهم (فاعتبروا يا أولي الأبصار)».
وعلق علي أبو رزق: «سبحان الذي جعل شعوباً كاملة تنتظر من شاب يسكن في مخيم لاجئين كلمة شكر أو عرفان على موقفها من القضية، وشعوب أخرى تتحرق غيظاً على حال الخذلان الذي تعيشه بسبب مواقف حكوماتها المخزية من القضية.. (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)».
أما محمد الأحمري فعلق قائلاً: «العملاء الرخاص المجانيون مطلوب منهم الآن لوم الفلسطينيين على المقاومة، وبدأ مسلسل اللوم الذي كلفوا به ينتشر كالعفن الممرض للعقول والضمائر.. ولأن الخذلان والهزيمة والعجز الذي أصابهم وتعودوه يشق عليهم أن يخرج من غزة الصغيرة من أذاق موجهيهم مر العذاب، وبعث الأمل في التحرير وقرّب موعده. من تعود الهزيمة والهوان يكره الجهاد والتحرير لأنه يكشف دونيته وتبعيته».
وعلق الصحافي أحمد الشلفي: «ماذا يعني أن هناك هدنة بعد 48 يوماً من قصف وحشي بالطائرات على سكان غزة قتل ما لا يقل عن 15 ألف مدني 70 في المئة منهم من الأطفال والنساء بحسب الأمم المتحدة؟ ماذا يعني أن إسرائيل وأمريكا وافقتا على هدنة لمدة أربعة أيام رغم عشرات التصريحات أن الحرب لن تنتهي قبل إزالة حماس ومحوها من الوجود؟.. بميزان الحرب يعني أن القوة الغاشمة إسرائيل ومن وراءها أكبر قوة في العالم أمريكا التي ترسل كل يوم تقريبا مساعدات عسكرية لتل أبيب فشلوا عسكريا في حسم المعركة رغم فارق القوة لصالح الاحتلال وفشلوا سياسيا ودبلوماسيا في تسويق مشروعهم الإجرامي والاستمرارفي قتل النساء والأطفال.. نتائج هذه الحرب كارثية وإجرامية لكنها لا تستطيع اليوم ولا غداً سلب حق المقاومة من أصحاب الأرض وملاكها وان استخدم الاحتلال كل أنواع التوحش لقتل وإخراج أهل الأرض منها فلن يجني سوى مقاومة أكثر».
وأضاف الشلفي: «لحل هذه المعضلة على هذا العالم أن يفهم الفرق بين المقاومة والإرهاب أولا، أو أن عليه أن يعطي الفلسطينيين حقوقهم لكننا قد عرفنا منذ زمن أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.. قوة الحق حق الفلسطينيين في أرضهم».
وكتب الدكتور مروان الغافوري معلقاً: «ثمّة من يفهم مسألتي النصر والهزيمة فهماً كميّاً، على طريقة مشجعي كرة القدم: ثلاثة/ صفر تعني فوزاً مؤكداً لمن سجل الأهداف الثلاثة وهزيمة مدوية لصاحب الصفر.. التاريخ، الأمة، الحرية، الهوية، الوجود.. مسائل غير رقمية. هناك حروب لا يمكن أن تعد معاركاً، وآثار تملك قيمتها من معناها لا من حجمها. فقد واجه الجزائريون جيش فرنسا بـ«القفة». وحين ضجت فرنسا متهمة الجزائريين بالإرهاب، قائلة إنهم ينقلون المتفجرات في القفف، أجابهم بن مهيدي: هاتوا لنا طائراتكم وخذوا القفة. أي: نناضل بما نملك».
وكتب الناشط أنس حبيب: «الناس بتستهين وبتقلل من دعم الدول العربية للمقاومة وبينكرو دورهم في الهدنة وفتح المعبر.. عايز بس اقولهم لولا الدعم العسكري والدبلوماسي والاعلامي الاماراتي، ولولا النفط السعودي، ولولا المجال الجوي والقواعد العسكرية الأردنية التي سمحت بعبور طائرات السلاح الأمريكية إلى جيش الاحتلال، ولولا إحكام إغلاق معبر رفح من البواب السيسي… لما ارتفع عدد الشهداء في غزة إلى 15 ألفاً».
وكتب حسام يحيى: «صور قوافل العائدين إلى مناطقهم وبيوتهم المدمرة رغم أنها هدنة قصيرة، تثبت أن واضعي مخططات التهجير لا يفقهون شيئاً ولا يعقلون، وتؤكد عنواناً قديماً جديداً عن شعب الجبارين».
وغرد البرلماني الكويتي ناصر الدويلة قائلاً: «يقول الوزير الإسرائيلي المتطرف بن غفير عن اتفاق الهدنة: لقد حصلت حماس على كل ما تريد، حيث أرادت التخلص من النساء والأطفال في المرحلة الأولى، لأنهم تسببوا في ضغط دولي عليها، وأرادت الوقود، وأرادت إطلاق سراح الإرهابيين، وأرادت تعليق عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي، وحتى حظر الهجمات الجوية حصلت».
وكتب سلطان العجلوني: «كل من يدخل أرض غزة دون إذن المقاومة هو سلطة احتلال وسوف يتم التعامل معه كاحتلال أيا كانت جنسيته أو قوميته أو دينه أو طائفته أو اسم أمه ولون عيونه.. والطامع يبلغ الخانع، ملاحظة: على الحالمين الواهمين إكمال سباتهم في مكان آخر وعدم إزعاجنا بشخيرهم».