عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Feb-2019

الأیادي المرتجفة! - حنان کامل الشیخ
 
الغد- علینا أن نعترف بأن فرصا بالعشرات بل وبالمئات، ذھبت أدراج الریاح بسبب أن مفاتیح أشرعتھا كانت أو ھي الآن في عھدة أشخاص، غیر قادرین على اتخاذ القرار.
الخوف من المساءلة والتھرب من المسؤولیة، ضیعا على البلد والمؤسسات والأفراد والأحلام والعھود بادرات كثیرة كان من الممكن استثمارھا بشكل إیجابي وبناء. ھذا الخوف مرده لیس فقط فوبیا الفساد التي انتشرت مؤخرا، وجعلت من أصحاب القرارات، والمتحكمین في سیر عملیات المشاریع، مترددین متقوقعین مرعوبین من الإقدام على الخطوة المقبلة. حتى لو كانت أوراقھا سلیمة مائة بالمائة.
لیس ھذا فقط كما یبدو. بل إن انتشار ثقافة ”امشي الحیط الحیط“، والارتكان لمنفذ أن الذي لا
یعمل بالضرورة لا یخطئ، للأسف الشدید أصبحت مفاھیم ملاصقة للموظفین والمسؤولین وأصحاب القرار، في شتى المجالات الوظیفیة والإداریة والعملیة، حتى تلك التي لا یتطلب فیھا اتخاذ قرار بسیط إلى تعقیدات وإجراءات معطلة.
لیس سھلا على من یجلس على كرسي الوظیفة الیوم، أن یتجاوز معوقات التقدم ومعرقلات البناء، خصوصا لو كان مدركا ما الذي یحدث في الجھة الأخرى خلف الجدار، من تھویل وتخویف وتھدید یطال كل حركة یقوم بھا، وكل قرار یفكر بصوت عال أن یمشي فیھ. ھذا الخوف سببتھ بالتأكید جحافل المستذئبین الالكترونیة، المنتظرة بشغف وتربص أي غلطة تحدث في الممر الذي یقع فیھ مكتب الموظف أو المسؤول، لتنھال علیھ بالسوط والكرباج، وتكیل لھ التھم الجاھزة بالفساد واستغلال الوظیفة.
ینسحب ھذا الوضع على كثیر من الشركات والھیئات الخاصة أیضا، مما یجعل الأمر غیر مفھوم بالمرة، بالنسبة لقطاع متحرر نوعا ما من الضغوطات الإداریة والبیرقراطیة. فحتى قطاع الخدمات بات یسیر بشكل آلي تجاه أھداف محددة منذ سنوات طویلة فائتة. وكثیر من المبادرات والأفكار التي یركض بھا شباب ھذا الیوم، تصطدم فعلیا بكنھ القرارات، ولؤم التشریعات والقوانین الناظمة للعمل في ھذا القطاع.
مباركة جدا الجھود التي تبذلھا الدولة في اتجاه اقتلاع جذور الفساد، والتخلص من فروعھ المتشعبة. ومقدرة كثیرا بعض حملات المراقبة الالكترونیة ولیس جمیعھا، بعد أن اختلط الحابل بالنابل، الساعیة إلى بتر أسس المحسوبیات والشخصنة.
لكن وبالتوازي مع ھذا الحراك الطیب الشریف، یجدر بالدولة والقائمین على قراراتھا، من كبیرھا إلى صغیرھا، مرورا بالقطاعات والمؤسسات شبھ الرسمیة إلى الشركات الخاصة، الشد على الأیادي المرتجفة المجمدة للتحرك قدما إلى الأمام، وتعلیم الموظف المسؤول بأن الأخطاء واردة وھي لا تشبھ بعضھا ولا توضع في المیزان نفسھ.
قلیل من الأخطاء غیر المقصودة ولا الكارثیة والتي تعلم وتدرب، ولكن تدیر عجلة العمل والتقدم، ھي مرحلة طبیعیة من مراحل العمل المنتج، ضمن حدود دولة تعد بتخطي مراحل الركود إلى مستقبل واعد.