الدستور
«مساحة ‹إسرائيل› صغيرة؛ طالما فكرت كيف يمكن توسيعها.» – ترامب
رغم مرور أكثر من عام على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المستمر في غزة، لم يتخذ الغرب موقفاً حازماً وحقيقياً لوقف هذه الجرائم. بل إنه يتغاضى عن حصار مخيم جباليا ومجازره، ويمد الكيان بالدعم في عدوانه على لبنان واستهدافه لإيران.
كما يعتقد الكثيرون، فإن الدولة التي تزود الكيان بالسلاح والمال، وتدافع عنه في المحافل الدولية، وتعرقل القرارات الأممية التي تدينه، قادرة باتصال هاتفي واحد على إيقاف هذا الإجرام. ألم تكن هي المهندسة الفعلية للضربة الأخيرة ضد إيران؟
لكنها لا تريد ذلك.
ربما يكون أحد أسباب استمرار هذا العدوان هو وجود هدف خفي ومصلحة في تحقيق ما يُسمى بـ»إسرائيل الكبرى». فخريطة هذا المشروع تُعرض علناً على مواقع المستوطنين، وتروج لها الأحزاب الصهيونية، وتُطبع على ملابس جنودهم، ويتباهى بها وزراؤهم في مناسباتهم السياسية.
إن دور الكيان الصهيوني يتمثل في السعي لتحقيق هذا الهدف؛ فهو مخلب القط الذي سينفذ الخطة، ليحصل في النهاية على مكافأة الغرب.
لقد خططوا لهذا الهدف منذ سنوات طويلة، وقد يُنفذ على مراحل. فجاءهم «الطوفان» كفرصة ذهبية، بعد أن غرسوا بذوره من حصار وجوع وذل، ليصبح ذريعة لأهدافهم، كما حدث في 22 يوليو 1979، حين أعدم الرئيس الراحل صدام حسين، بعد ستة أيام من توليه الحكم، رفاقه بتهمة التآمر لتعزيز قبضته على السلطة. أو كما استغل هتلر في 27 مارس 1933 حريق الرايخستاغ، البرلمان الألماني، كذريعة لمطاردة الشيوعيين وظهور الفاشية.
رد الكيان بوحشية أعادنا إلى عصور الحروب التترية والصليبية، وسط دعم إعلامي غربي، وإمدادات بالسلاح، ومساندة في المحافل الدولية، تحت ذريعة أن «إسرائيل» تدافع عن نفسها وأن حربها هذه حرب وجودية!
بصراحة، لا أعرف ما هي المناطق الجديدة التي يسعى الغرب لضمها إلى الكيان. يتحدثون عن «النيل إلى الفرات» كهدف نهائي، لكنني لا أعتقد أن ذلك ممكن في هذه المرحلة أو ضمن الحدود التي يتحدثون عنها. قد تكون هناك أجزاء من دول مختلفة مستهدفة، لكن الواضح في هذه المرحلة هو تركيزهم على غزة وجنوب لبنان والضفة الغربية.
والهدف من هذا ليس حباً بالصهاينة، بل سعياً لتحقيق مصالحهم الخاصة عبر تفتيت العالم العربي وإضعافه ونهب موارده.
لن تتحقق هذه الخطة في يوم أو عام؛ بل قد تمتد لسنوات طويلة. تذكر ان الحديث بدأ عن سايكس بيكو عام 1915، وتم تنفيذها تدريجياً منذ عام 1920، وتبلورت بوضوح في عام 1948.
وهذه الخطط لا يضعها الصهاينة ولا الساسة الغربيون، فهم أدوات بيد من يدير المشهد من خلف الكواليس، بعيداً عن الأضواء. تتقاطع مصالح هؤلاء مع مصالح الصهاينة، مما يجعلهم شركاء في تحقيق أهدافهم المشتركة.
هؤلاء هم من أشعلوا حرب الخليج الثانية، ونهبوا ذهب العراق ونفطه، وباعوا السلاح للأطراف المتصارعة. ومن نتائج تلك الحرب جاءت موجات «الربيع العربي»، وصولاً إلى «طوفان الأقصى» اليوم.
ويُطلق العنان للصهاينة في تنفيذ هذه المخططات، وقد يبدو أحياناً أنهم في خلاف مع الغرب، مما يوحي باستقلالية كاملة لا يستطيع الغرب السيطرة عليها. لكن الحقيقة أن هذا الظهور المستقل مقصود؛ إذ يرغب المخططون في توجيه الكراهية نحو الصهاينة، ليظلوا كياناً مارقاً، خارجاً عن محيطه، وغير قادر على البقاء دون دعم الغرب.
أما هم، فكلما لوّثوا أيديهم بدمائنا وتفاقمت مشاعر الكراهية ضدهم، يظهر رئيس جديد ويقدم اعتذاره للعالمين العربي والإسلامي. قد يكون اسمه أوباما، أو أي اسم آخر!
هل بالغت؟