الدستور
سفير أجنبي؛ طبعا الأمريكي بالنسبة للأردني أجنبي، وهذا واحد من مقاييس ومعايير لتصنيفات كلاسيكية، لما قبل العولمة، وثورة الاتصالات والتكنولوجيا ..ولا أنسى التواصل، الذي هو حسب بعض التعريفات الحديثة اسلوب تفاعلي يمزج بين الادوات والبرمجيات والنشاط البشري.. المهم ان هذا السفير الأجنبي، «مربي لحية» ولا أعتقد بأن أحدا سأله عن لحيته، كيف رباها، وهل حلقها منذ طفولته، يجب ان نعرف عن لحيته شيئا، لا سيما إن كانت مدرجة ضمن موسوعة جينيس.. وكل هذا ليس مهما بالطبع، لأن الأهم يكمن في تساؤلات يطلقها بعضنا، وأعتقد بأنها ذات طابع تقليدي بدورها، حيث يسبقها سؤال كعنوان المقالة، يعني «بدنا نفهم أولاً»، هل ممنوع على سفراء الدول التحرك في الدولة المضيفة؟ ثم، وعلى ضوء الإجابة التي لا اعرفها حتى الآن، يصبح التساؤل عن تحركاته في مكانه او في غير مكانه.
اريد افتراض إجابة عن السؤال وهي بسيطة جدا (لا يوجد قوانين تمنع، ولا قيود، على حركة السفراء في الدول المضيفة)، وفي هذه الحالة تصبح كل التساؤلات حول «تحركات» السفير «أبو لحية» في غير مكانها، وجدير بالسائلين إعادة صياغتها، وتوجيهها لمن يوجهون «دعوات خاصة» للسفير نفسه، فهم من يجب أن نسألهم، ولا غضاضة لو ابتدأنا بسؤال حولهم، يشبه سؤالنا عن «قانونية» تحركات اي سفير، يعني نقول أولا: هل لا يحق للمواطنين والمؤسسات والكيانات الاجتماعية والخاصة، توجيه دعوى لسفير ما؟ يعني هل الأردني مقيد في اختيار ضيوفه الشخصيين؟!.
إن كان لا قيود على تحركات سفراء الدول، فما الذي نخشاه من تواصلهم مع الناس؟ أعني في زمن ثورة الاتصالات والتكنولوجيا.. والتواصل.
قبل العولمة وثورة الاتصالات وجموح التكنولوجيا، ووجود الذكاء الاصطناعي، كان مثل هذه الأسئلة ذا بعد أمني، وربما سيادي، أعني التعامل مع الأجانب بشكل عام، وثمة قصص كثيرة حدثت في تلك العصور، وتم الكشف خلالها عن جواسيس او شبكات تجسس، وربما عصابات، تغلغلت بالخداع في المجتمعات المضيفة، وهذا امر، في زمننا، لم تعد بحاجة إليه الدول الراغبة بمعرفة معلومة عن مجتمع ما، فتطبيق «تواصل اجتماعي» مثل فيسبوك، يجمع معلومات عن شخص بعينه، او جهة ما، أكثر مما يفعله او تفعله شبكة من جواسيس تهتم بهذا الشخص او بجيران دار خالته.. وبهذا المعنى تصبح كل الغايات «الخطيرة» على مجتمع «مغلق» في غير مكانها وزمانها.
من الذي يقنع السفير او يطلب منه التوجه لمناسبة ما، هو الجدير بأن نعرف عنه، والشخص الذي يوجه دعوة للسفير نفسه بأن يشاركه مناسبة ما، هو الذي نسأل عنه لو كان لنا علاقة بخصوصياته وشؤونه..
لا أنكر أن ثمة أسئلة أخرى، دعائية سياسية، قد تكون مهمة، في حال الغفوة او النوم الإعلامي والثقافي، كان يقوم سفير ما بنشاطات لتجميل صورة بلاده، وهذا من جهة بلاده ومن جهته، عمل رسمي وربما وطني، فهذه واحدة من غايات وجود السفراء في الدول، وذلك على الرغم من أن دولة كأمريكا او الصين، معروفتان بالنسبة لكل مواطن في الكوكب، ويدرك هذا المواطن بل قل يعرف صورة «وجه أمريكا» وصفاته، ووجه الصين، للدقة يعرف وجه أمريكا أكثر..
أما نحن في الأردن، ربما أصبحنا نعرف أسماء ووظائف ومهام مسؤولين أمريكيين في بلادهم، أكثر من عدد ما نعرف من أسماء ووظائف ومهام مسؤولين أردنيين، والبركة كما قلنا في «وسائل الإعلام»..
وتحياتي للسفير الأجنبي، ولكل السفراء.. وهذه تحية مبنية على مصالح بطبيعة الحال، فأنا أفكر بالهجرة بصراحة.