عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Nov-2019

اليهود هم نفس اليهود - جدعون ليفي

 

هآرتس
 
باري لندو كان خلال سنوات مخرجا كبيرا لبرنامج “60 دقيقة” في قناة “سي.بي.اس” الأميركية. وعمل إلى جانب المراسل الأسطوري مايك فالاس، مؤلف الكتل والذي يعيش في باريس ولندن. وقد زار مؤخرا إسرائيل مع زوجته الفرنسية اليزابيث بعد عشرين سنة على آخر زيارة له هنا. ولكن مشكلة مع مؤسسة “يد واسم” شوشت على زيارتهما وتسببت بالحزن الكبير لهما. “زوجتي كاثوليكية وأنا يهودي. لقد اعتقدنا أن شرف الصالح من بين الأمم، يمنح للأغيار الذين عرضوا حياتهم للخطر من إجل إنقاذ اليهود أثناء الكارثة. لقد كنا مخطئين”، كتب لي.
واليكم القصة. جد وجدة زوجته كان اعضاء في المقاومة الفرنسية وانقذوا نحو ألف شخص هربوا من المعسكرات في ألمانيا ومن مناطق الاحتلال الالمانية. الجد انطوان ماس كان رئيس مجلس قرية مايسنتال في شمال شرق فرنسا. وفي قبو مصنع الزجاج الذي أداره منح المأوى لمئات الأشخاص الذين هربوا من النازيين. عدد منهم كانوا من اليهود. مايسنتال كانت تحت سيطرة المانيا. وماس وأبناء عائلته عرضوا حياتهم للخطر في عملية الانقاذ التي قاموا بها. بعد الحرب منحه الرئيس الفرنسي شارل ديغول وسام شرف. والآن اعتقدت حفيدته بأنه يستحق ايضا لقب “صالح من بين أمم العالم”.
جيسيكا كوهين، من قسم الصالحين من بين أمم العالم في “يد واسم” والتي توجهت اليها الحفيدة برفقة وثائق ورسائل من الناجين ردت بأنه لا شك أن ماس كان رجلا شجاعا، وكان مدفوعا بمشاعر إنسانية وفتح أبوابه لأشخاص في ضائقة. ولا شك أيضا بأنه من بين الذين أنقذهم كان اشخاص يهود، لكن ذلك غير كاف بالنسبة للمؤسسة. “نحن لا يمكننا الاثبات بأن نشاطاته استهدفت انقاذ اليهود”، كتبت كوهين واضافت “إن تعريف صالح من بين أمم العالم يتعلق فقط بالاشخاص الذين عرضوا حياتهم للخطر من اجل انقاذ اليهود لكونهم يهودا”.
أبناء الزوجين لندو كانوا مصدومين. “أن تعرض حياتك للخطر من اجل اليهود لكونهم بشر دون علاقة بالدين، هذا غير كاف بالنسبة لمؤسسة يد واسم. اذا لم تقم بإنقاذهم لكونهم يهودا فلا تقم بإزعاجنا”، كتب لندو، “بصفتي يهوديا لم أصب فقط بالصدمة، بل خجلت من ذلك. هناك شيء ما مظلم ومهين في هذه المقاربة. هذا هو نفس الإرث الذي يقول “نحن الشعب المختار، وأنتم لا”، الذي يحرك سياسة اسرائيل ورؤية يهود كثيرين في العالم”.
الزوجان لندو غادرا البلاد. وأنطوان ماس لن يحظى باللقب المأمول في نظر حفيدته. ومع ذلك، يصعب تجاهل استنتاجات لندو القاسية. لقد اعتدنا منذ زمن على ظاهرة أن الكارثة هي لنا فقط ولا يوجد مثيل لها أو لنا. ولكن عندما يتم اختبار انقاذ اليهود على خلفية القومية، الضيق والمثير للغضب، فهل انقاذهم فقط لكونهم يهودا أم بشرا وكأن هذا يغير في الأمر شيئا، لا يمكن أن لا نندهش بسبب الدور الذي أخذته على عاتقها “يد واسم”.
الى جانب نشاط المؤسسة المهم والمثير للانطباع في الحفاظ على ذكرى الكارثة وتوثيقها، لم يتم الاستخفاف به على مر السنين، فان هذه المؤسسة الفاخرة ترتكب خطأ التطرف القومي والتعالي اليهودي والاسرائيلي. “يد واسم” كان يمكن أن تكون منارة عالمية للضمير. واستنادا الى مكانتها العالمية كان يمكن أن تتصرف كمؤسسة عالمية وليس مؤسسة ضيقة. أن ترفع صوتها ضد الجرائم الانسانية في العالمية حتى لو كانوا ضحاياها من غير اليهود. وأن تصرخ ضد ما يفعلونه بالأقليات المضطهدة مهما كانوا.
العالم كان سيصغي ليد واسم. لا يجب التقليل من ذكرى الكارثة من اجل اظهار الاهتمام بمصير الشعوب الاخرى غير الشعب اليهودي.
وهناك خطوة جريئة اخرى، التي هي بالتأكيد كبيرة على “يد واسم” ومن يؤيدونها: الاحتجاج ايضا على ما ترتكبه الدولة اليهودية ضد ابناء شعب آخر. لا توجد طريقة أسمى من اجل التذكير بالكارثة. ولا يوجد استنتاج أسمى من عدم تكرارها. حتى عندما يدور الحديث عن ألم شعوب اخرى، وبالتأكيد عندما يدور الحديث عن جرائم ضد القانون الدولي وضد الانسانية تقوم اسرائيل بارتكابها. ولكن من أجل ذلك لا يوجد ليد واسم الشجاعة ولن تكون لها في أي يوم.