عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jun-2019

نظرية الكراسي الدوارة - باسل ترجمان

 

الدستور - مرة اخرى تحاول إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاهدة تحقيق اختراق سياسي يتناسب مع فهمها الجديد لطبيعة العلاقات السياسية الدولية انطلاقا من مفهوم الصفقات التي أبدع الرئيس الأمريكي في إنجازها وحقق ثروة مالية خيالية قبل أن يصل لسدة الرئاسة في البيت الأبيض. 
المفهوم الذي نجح في الصفقات الاستثمارية والتجارية لم يحقق لحد اليوم نفس توقعات من قدمه كمعطى جديد في السياسة الدولية ويبدو ذلك جليا من فشل جل الصفقات التي حاول عقدها منذ وصوله للحكم قبل سنتين ونصف.
الإدارة الامريكية وبعد ان اتخذت كثيرا من الخطوات أحادية الجانب في تعاطيها كوسيط للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عرقلت فيها كل فرص التقدم نحو تحقيق حلول ممكنة بين الطرفين قفزت خطوة خارج النص التقليدي المتعارف عليه دوليا بخصوص آليات وسبل تحقيق السلام وتريد تمرير ما تسميه «صفقة القرن» والتي ورغم كل ما حكي عنها وسرب لوسائل الاعلام لم يملك احد الى اليوم حقيقة ما تتضمنه من قضايا تهم المنطقة.
البحث عن الرفاه الاقتصادي عنوان من العناوين التي تتحدث عنها الادارة الامريكية في تمهيدها للحديث عن الصفقة الجديدة ومؤتمر البحرين يعقد تحت هذه اليافطة دون ان يعرف احد حقيقة ما سيقدمه من مقترحات وحلول وربما عروض باتجاه حل مختلف المعنى للسلام في الشرق الاوسط. 
مؤتمر البحرين الاقتصادي الذي يعقد في ظل مقاطعة السلطة الفلسطينية له جراء قرارها بوقف كل الاتصالات وتجميد العلاقات مع واشنطن التي بادرت بخطوات عدائية ضد الفلسطينيين جعلت من إمكانية استمرار الحد الأدنى من التواصل السياسي بين الجانبين أمرا مستحيلا.
بالمقابل الدول العربية التي وجهت لها الدعوة للحضور وباستثناء لبنان والعراق أعلنت عن مشاركتها في خطوة يمكن توصيفها بالمشاركة الاحترازية والتي تسعى لتحقيق توازن بين السعي لفهم ما تفكر به الإدارة الأمريكية وكيفية التعاطي معه سياسيا وبين تخفيض مستوى المشاركة حتى لا يفهم انه تعاط إيجابي مع المشروع الأمريكي والدخول في صفقة لتنفيذه وبين عدم ترك المقاعد فارغة في المؤتمر لتكون إسرائيل «واللا حكومة» فيها برئاسة نتنياهو سيدة الموقف والساعية لتحقيق مكاسب كبيرة بدون مقابل في جملة الوعود التي ستطلقها إدارة الرئيس ترامب في المؤتمر والتي يبدو انها لن تختلف عن الوعود التي سبق ووعدت بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بخصوص عشرات القضايا التي تعهدت بها بدءا بالسلام ووصولا للتنمية والتعاون الاقتصادي وانتهاء بضمان الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب. 
جرد حساب صغير للسنوات الثلاثين الماضية من عمر الإدارات الأمريكية ووعودها السخية للدول العربية والدول المرتبطة مباشرة بملف عملية السلام في الشرق الأوسط يكشف أن ما ذهب أدراج الرياح اكبر بمئات المرات مما تحقق وان كل إدارة تذهب تحمل مشاريعها التي لم تحقق منها شيئا يذكر، وتأتي إدارة جديدة بمشاريع تضيع سنواتها في البحث عن تنفيذها قبل أن يضيع الوقت في جولات المبعوثين لإحياء عملية السلام التي فشلت بأن تبقى على قيد الحياة. 
مؤتمر البحرين يأتي في ظل عدم وجود حكومة في إسرائيل قادرة على الفعل او اتخاذ أي قرار سلما او حربا وفي انتظار الانتخابات القادمة في إسرائيل شهر سبتمبر أيلول القادم وانتظار النتائج ومن يشكل الحكومة القادمة وإسرائيل اليوم تعاني من غياب ملحوظ لرجال سياسة قادرين على إدارتها ووجود رجال أيديولوجيا عاجزين عن تحقيقها، كل ذلك يطرح تساؤلات مشروعة حول من هو الزعيم الإسرائيلي القادم وماذا يحمل من أفكار جديدة وقدرته على الفعل السياسي خارج جملة من النقاط التي صارت تهيمن على عقول طبقات الحكم فيها بين تحقيق سلام غير موجود والسير لدولة توراتية غير ممكنة.
وفي انتظار آخر الخريف القادم لنرى ما سيجري في إسرائيل  ستكون السنة القادمة سنة الاستعدادات للانتخابات الرئاسية القادمة في امريكا وستغرق واشنطن مرة أخرى في انتظار من يكون سيد البيت الأبيض الجديد وهذا اهم بكثير لكل الحالمين بالبقاء او الوصول للبيت الأبيض من السعي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وخسارة الانتخابات. 
مؤتمر البحرين الاقتصادي وفي انتظار ما سيخرج عنه لن يكون بعيدا في قرارته ومخرجاته عما سبقه من مبادرات أمريكية تفننت وتميزت بتقديم مقترحات مثيرة وجذابة لتحقيق كل شيء يمكن ان يساهم بتحقيق السلام، ولكن لم يتحقق منها شيء وبقي السلام أمنية يصعب الوصول لها في ظل غياب طبقة سياسية إسرائيلية تفرق بين الأيديولوجيا والنص التوارتي وبين السياسية وسعي العالم أجمع لضمان الأمن والسلام والاستقرار الدوليين. 
ملاحظة على الهامش: نختلف ونتفق مع الأشقاء في مملكة البحرين التي تستضيف المؤتمر لكنها لم تكن أبدا طرفا في احتلال الأراضي العربية وتشريد اللاجئين ومنع تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وبوصلة المواجهة لم ولن تتجه أبدا للمنامة بل يجب أن تكون باتجاه إسرائيل.