عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Apr-2024

المجموعة القصصية «عاشقة الأمـل الضائــع» لأروى عريـقـات

 الغد-محمد المشايخ

 على غير عادة كاتبات القصة، تبدأ القاصة أروى عريقات مسيرتها الإبداعية مستقلة، ودونما أي تأثر بما أنجزه السابقون، وتؤكد قصصها أنها متخصصة بآلام وأوجاع وآمال الجيل الجديد من الجنسين، وإن كانت تنتصر للمرأة في حالاتها السلبية، ولا سيما عندما تكون مُعوّقة أو مريضة أو يتيمة أو أرملة أو مطلقة أو عاشقة من طرف واحد.
والمشكلة التي واجهت الكاتبة، في أثناء فضحها لأسرار البيوت العربية، أن نساءها مثقفات، ومبدعات، ورغم حرصهن على تلقي التعليم العالي، والعمل في وظائف مرموقة، إلا أن أي علاقة لهن مع الجنس الآخر، غالبا ما انتهت بالفشل، نتيجة النيران الصديقة التي تعرضن لها من ذلك الجنس، وإن اضطررن للاستسلام وللهزيمة، فقد حافظن على كرامتهن مُصانة، وعلى عزّة أنفسهن غير مهانة، ومن كانت لا تعجبها الحياة مع الرجل، فقد كانت تستأنف حياتها بعيدا عنه.
تستمد أروى عريقات أحداث قصصها من الحياة، وتبدع شخصيات، وتلصق بها أقدارها، لتكون تجاربها عبرة لمن يعتبر، وبذلت القاصة جهدا كبيرا لتكون شخصياتها من النوع المنطقي النامي، إلا أن علاقتهن بالآخر، حالت – غالبا - دون تحقيق ذلك النمو.
إن الحوادث المتسلسلة في القصص الواقعية المنشورة في هذه المجموعة، تؤكد قدرة الكاتبة على تجاوز موضوع رواية حوادث متسلسلة تكون في مجموعها حكاية، لتغوص عبر خيالها المُحلق والمُجنّح، في أعماقها، ولتكشف عن السر الكامن وراءها، فتجربتها موضوعية اجتماعية، وهي من معاناتها ومن مشاهداتها وقراءاتها، ومن عرضها لما في داخل- ولما حول بطلاتها في الخارج- تخترع عالما مقنعا وله مبرراته التي تنتهي بمطالبة القاصة التي تحمل فكرا تقدميا تنويريا بالإصلاح الاجتماعي، وبإلغاء الفوارق بين الطبقات، والتأكيد على أن إمبراطوريات المال التي يمتلكها بعضهم لا تغني عن هداوة البال.
سارت القاصة في أثناء سردها لأحداث قصصها وتطويرها على مذاهب عدة منها الترجمة الذاتية، أي أنها كانت تكتب قصصها بضمير المتكلم، فتصبح هي مكان البطل أو البطلة، كما لجأت إلى تيار الوعي أو المونولوج الداخلي، ولا سيما أن معظم قصصها تنتمي إلى القصة السيكولوجية، فهي تدرس الشخصية وتعرضها عن طريق رسم قطاع داخلي لحياتها النفسية، والاجتماعية، ولما يدور في داخلها من آمال وأحزان، ومن تأملات وأفكار، حبكة قصص أروى عريقات متماسكة دائما، ولأن نساءها لم يكن يستسلمن للظروف، فقد أبقت نهايات معظم قصصها مفتوحة على كل الاحتمالات.
أروى عريقات، تنتمي لأسرة مبدعة، فوالدتها هي الشاعرة والمربية المتميزة ليلى عريقات،وشقيقها الشاعر والقاضي السابق عامر عريقات،وهي تضيف لإبداعهم، أنها صاحبة نـَـفـَـس قصصي طويل، يوحي بأنها كاتبة رواية، أو أنها ستكتبها، وأنها قادرة على كتابة الدراما الإذاعية والتلفزيونيةـ، وأن لها قاموسها اللغوي النسوي بامتياز، والإطناب والإطالة في السرد لديها لا يتعارضان مع مقولة خير الكلام ما قال ودل، وهي صاحبة أسلوب جذاب ومُشوّق، وبعيد عن البهرجة والتكلف، وهي مبدعة في كتابة عدة قصص داخل القصة الواحدة، كما أن معرفتها بالبلاغة العربية، جعلتها تلجأ إلى التشخيص والتجسيد، الذي يحيل الجمادات إلى كائنات حية، وأدخلت في قصصها ما يوحي بقدرتها على إحداث التداخل بين الأجناس الأدبية والفنية،ومن ذلك إيرادها بعض الأمثال في قصصها:(جزاء سنمار)، وحتى الأغاني:(هـُوّ صحيح الهوى غلاب؟ معرفش أنا).