«إن كأس العالم ليس مجرد حدثٍ رياضي مهم، بل يحمل في طياته أهمية سياسية وثقافية أكبر»، مارتن جاكسيوس، صحفي بريطاني.

 

الشيخ حمد بن جاسم والد الأمير تميم حاكم قطر

 

خَلُص إلى فكرة عبقرية تقوم على «القوة الناعمة»؛ أي إدماج قطر بشكل كبير في المجتمع الدولي.

 

بدأت استراتيجية القوة الناعمة بتطوير حقل غاز الشمال؛ فحقق لقطر إمكانيات مالية ضخمة وُظِّفَت لتنفيذ هذه الاستراتيجية، فأسست قناة الجزيرة ذراعها الإعلامي، والتي تُصنَّف كواحدة من أهم القنوات الإخبارية في العالم، وأُنشِئت العديد من المتاحف والجامعات العالمية على أرضها، ثم أصبحت مركزًا رئيسيًّا للنقل الجوي، فغدت الخطوط القطرية كأفضل شركة طيران في العالم، ووضعت كلمة قطر على قميص برشلونة، واشترت نادي «باريس سان جيرمان»، وكان مقصودًا شراء هذه النادي العريق في فرنسا.

 

ومن استثماراتها المنتشرة في دول العالم وتنوع عملائها في الغاز انخرطت قطر في عدد كبير من القضايا الإقليمية والدولية، واحتضنت عددًا كبيرًا من مؤتمرات المصالحة، حتى أن الولايات المتحدة أشادت بمساعدة قطر حين انسحبت من أفغانستان العام الماضي.

 

وكان تتويج هذه الاستراتيجية هو إقامة بطولة كأس العالم على أرضها.

 

ورغم أنها من أكثر النسخ جدلاً، فإنني على يقين بأنها ستكون من أنجح البطولات، فمنظمات كمنظمات حقوق الشاذين ومتغيري الهويات الجنسية نشطت قبيل البطولة وسيزيد نشاطها خلالها، وتشاغب منظمات حقوق العمال على ظروف العمال في قطر، حتى ولو أن قطر قطعت شوطًا كبيرًا في تغيير نظام الكفالة، وتحديد الحد الأدنى من الأجور، وتحسين ظروف وحقوق العمال، وهي أكثر الدول تفضيلاً للعمال.

 

لم تتعرض أي دولة منظمة لكأس العالم للتشويه كما تتعرض قطر، وبدأت الهجمة مبكرًا منذ أن حصلت على حقوق الاستضافة في العام 2010، فقد قرأت خبرًا صحفيًّا عن نتائج دراسة قام بها مارك أوين جونز خبير مواقع التواصل الاجتماعية الذي قام برصد جميع الأخبار في كبريات الصحف البريطانية منذ عام 2010 وحتى 2022، التي تتحدث عن قطر؛ حيث ظهرت 1735 قصة إخبارية عن قطر، 40% منها كان عن كأس العالم، ثلث أخبار كأس العالم كانت محايدة، و5% منها فقط إيجابية، وباقي الأخبار كانت سلبية.

 

ومن الطبيعي في جميع كؤوس العالم أن نرى قضايا جدلية؛ ففي كأس العالم في جنوب إفريقيا كان الجدل عن حجم الجرائم الكبيرة، وفي البرازيل تصدرت سوء البنية التحتية الأخبار، وفي كوريا واليابان عن تناول بعض الكوريين الكلاب كطعام مفضل.

 

لذلك لا تستغرب حجم الأخبار السلبية التي ستتعرض لها قطر، ولكن ستبقى الحقيقية الأكيدة؛ بأن قطر قد حققت حلمها بأن تكون لها بصمتها في العالم، وكان لها هذا.

 

نبارك لقطر ولجميع العرب هذه البطولة العالمية.