عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Oct-2025

مجرد تبصير بالأهوال هناك*حسني عايش

 الغد

ما يجري داخل أميركا من تدمير حياتي لما يوصفون بالمهاجرين غير الشرعيين ويبلغون نحو ثلاثة عشر مليوناً، تشيب له الولدان، ويهتز له الزمان: نعلم بداية أن جميع سكان أميركا- ما عدا الهنود الحمر والأفارقة الذين سيقوا إليها بالقرصنة- مهاجرون، ومعظمهم أوروبيون قاموا بإبادة شبه شاملة للهنود الحمر على مدى القرون إلى اليوم. معنى ذلك أن الفرق بين الأجيال في أميركا هو فرق بالغاطس الزمني بينهما، فالرئيس ترامب وعصبته وأعضاء الحكومات الأميركية كافة مهاجرون وصلوا أميركا في وقت سابق للوقت الذي وصل فيه ما يسمون الآن بالمهاجرين غير الشرعيين، فما الذي يجعل لأؤلئك الحق في طرد هؤلاء من أميركا؟ هل هو غير الزمن، أم أنه القوة والعنصرية والأنانية التي تَكره الملونين؟ 
 
 
كانت الإدارات الأميركية تعلم عن هؤلاء ولكنها كانت تغض الطرف عنهم لأنهم يخدمون الاقتصاد الأميركي في الزراعة والخدمات وحتى في الصناعة. كما كانوا مستهلكين مطلوبين من الشركات الأميركية التي حولت المواطنين والناس كافة في أميركا والعالم إلى مستهلكين متزايدين. 
ولكن الرئيس الألماني الأصل الذي يمثل وعصبته البيض العنصريين يكرهون الملونين كافة. مع أنه طالماً استخدمهم في إنشاء مشاريعه العمرانية وإن كانوا غير شرعيين. كان يأكل حقوقهم وكما يفعل في الطرف الآخر في كل صفقة. 
يوجد في عقل الرئيس الحاكم بأمر الصهيونية وإسرائيل «وشة» في هذا الموضوع أو ذاك: يريد أن يفعلها وليكن ما يكون. ها هو يهز أميركا ويزلزل العالم بعجرفته وأوامره التنفيذية وقانون الموازنة والتعريفات الجمركية. ويوقف الناس على رجل واحدة، والكل غارق في الفوضى وعدم اليقين، وحتى في أسوأ الاحتمالات التي قد تطيح بالنظام المالي المستقر.
لعلّ هذا الرئيس أشبه بالإمبراطور العاري في القصة الدنماركية الذي قيل له أنه يوجد خياط ماهر في البلاد، فذهب إليه لتفصيل أجمل بدلة له. ولكن الخياط لعب بعقله وجعله يعتقد كلما قاسها عليه أنها تستحق التقدير، مع أنه لم تكن هناك بدلة تقاس، ولم يكن يدرك أن الخياط يلعب بعقله. وعندما لبسها أخيراً هلل المنافقون وكبروا بأناقتها مع أنه كان عارياً. كان يخرج إلى شرفة القصر ويخطب بالناس الذين صدقوه أنه يلبسها إلى أن صرخ طفل: الامبراطور عار، فعندها أدرك الناس ذلك وصاروا يطبلون ثم انفضوا من حوله. 
إن العالم الجديد أيها الرئيس ملك لأهله الأصليين ومفتوح للناس في العالم أجمع، فبأي حق أو سلطة بغير العنف، تقوم بطرد ملايين المهاجرين من أميركا؟ ماذا لو جاء رئيس سابق ولكن مثلك في العقلية في تلك الفترة التي هاجر أبوك فيها إلى أميركا؟ إذن لتعرض للطرد. 
تفيد إدارة الضرائب في أميركا أنه يوجد في سجلاتها سبعة ملايين مهاجر بلا تجنيس ملتزمون بدفع الضرائب المترتبة عليهم، وكل له رقم ضريبي ويستطيع بموجبه شراء بيت أو سيارة أو عقار أو إنشاء بزنس وحسابات بنكية ومع هذا يُطردون أولاً بأول وكل واحد يتأخر عن موعد الترحيل يغرم بألف دولار عن كل يوم، وهو لذلك إما أنه يضطر لبيع ممتلكاته بسعر التراب، أو التخلي عنها أو تصادر. 
يقول مواطن أميركي إنه يعرف أربع عائلات على بعد ميلين من بيته ولكنها ليست مكتسبة للجنسية الأميركية بَعد، فإقامتها حسب ترامب غير مشروعة، ولكنها تمتلك عدة منازل، وأراضي وشركات وشراكات في أعمال كثيرة لكن تعليمات أوباما جعلتهم يتمتعون بالشرعية، فرد عليه مواطن ترامبي: إذا كنت تعرف أين تعيش هذه العائلات فلتدفع الغرامات، وليتم الاستيلاء على ممتلكاتها لأنها لم تحصل على ترخيص. يجب حبس أفرادها بانتظار ترحيلها. هذا مجرد مثال على حالة الرعب الطاغية على هؤلاء الناس. 
إن أوامر الرئيس التنفيذية إرهاب دولة يجبر الملايين على ضبضبة أملاكهم على جناح السرعة لئلا يدفعوا الغرامات الباهظة، أو يفقدوها بالتسفير.
إن عقله محتل بالصهيونية وإسرائيل وقلبه يكاد ينفجر بالكراهية للمهاجرين الملونين والفلسطينيين مع أن زوجته طارئة على المجتمع الأميركي. إذا لم يفشل هذا الرئيس وعصبته فيما يدعيان من جعل أميركا عظيمة ثانية، فإن الشعب الأميركي سينقلب عليه، وربما يغتاله لأن مشروعه خالٍ من الإنسانية والأخلاق. 
إسرائيل نسخة طبق الأصل من أميركا بالنشأة والتكوين والعقلية وبضرورة إبادة الهنود الحمر الفلسطينيين.