عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Apr-2021

التعليم.. من الكتاتيب إلى التعلم المعرفي والرقمي

 الغد-آلاء مظهر

تدرجت القفزات والإنجازات التي حققها الأردن في مجال التربية والتعليم وعلى مدار مائة عام الماضية ليرتقي بمستوى العملية التعليمية بكافة أركانها.
فمن عدد محدود من المدارس، مرورا بإقرار قانون وزارة التربية والتعليم وإنشاء المركز الوطني لتطوير المناهج وانتهاء بتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم في آلاف المدارس، تراكمت الإنجازات التي حققها الأردن بقطاع التعليم والتي جعلت منه انموذجا وبيت خبرة في المنطقة والعالم.
وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمد الوحش قال إن التعليم في مرحلة شرق الأردن “كان بدائيا ويعتمد على الكتاتيب بصورة عامة، فكان عدد المدارس الحكومية الابتدائية قليلا مع مدرسة ثانوية واحدة بالسلط ثم انشئت مدرسة ثانوية في الكرك واربد”.
واضاف، عندما تأسست إمارة شرق الأردن “لم يكن التعليم بمستوى جيد ثم بدأ يتسارع التطور في التعليم حتى وصلنا لعهد جلالة الملك الحسين بن طلال حيث أصبح التعليم في عهده الرقم الأصعب وبتنا نصدر الكفاءات التعليمية للدول العربية الشقيقة التي اسهمت في تحقيق نهضة تعليمية في تلك الدول بما فيها دول الخليج العربي”.
وبين الوحش ان جلالة الراحل الملك الحسين دشن الجامعة الأردنية في العام 1962 لتكون باكورة التعليم العالي ومن ثم توالى بناء المدارس في كل محافظات والوية المملكة ليبلغ عددها الآن نحو 4 آلاف مدرسة حكومية عدا عن آلاف أخرى للقطاع الخاص، ومن ثم صدر في العام 1964 قانون لوزارة التربية والتعليم لينظم العملية التعليمية في الأردن.
ولفت الوحش إلى أنه في العام 1987 عقد أول مؤتمر للتطوير التربوي والذي هدف لتطوير التعليم نوعا وقطعنا شوطا بذلك، “لكننا بتنا مؤخرا نهتم بالكم على حساب الجودة، فمعلمونا اليوم بحاجة إلى تدريب على أساليب التعليم الحديثة التي تواكب التطور التكنولوجي والرقمي بالعالم”.
وأكد أن الأردن استطاع خلال الجائحة الحفاظ على استمرارية التعليم دون انقطاع، “فرغم المحاولات الجادة لايصال التعليم لكافة الطلبة، إلا أن هناك نحو 100 ألف طالب لم ينخرطوا بعملية التعليم عن بعد لأننا بحاجة إلى المزيد من تهيئة البيئات التعليمية وتدريب المعلمين على هذا النمط من التعليم”.
ولفت إلى ان الأساليب التعليمية القائمة حاليا تقليدية وتجاوزتها دول العالم، معربا عن أمله بأن نعود للسكة لنكون انموذجا في مجال التعليم التقني والتكنولوجي والمناهج.
وشدد على أهمية الموازاة بين طرفي المعادلة الكمي والنوعي وان لا يطغى طرف على آخر، فعلينا ان نسعى الى المئوية الثانية بكل طموح وأمل وإرادة لنحقق الأفضل بكافة الصعد بما فيها العملية التعليمية التعلمية.
بدوره، قال مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي سابقا الدكتور محمد أبو غزلة ان النظام التربوي في الأردن حظي بالرعاية الملكية السامية في مراحل تطورها كافة بوصفها محورا مهما في مسيرة التنمية الشاملة المنشودة.
وأضاف، بدأت ملامح النظام التربوي الأردني بالظهور منذ عهد الملك المؤسس؛ إذ تم وضع أول نظام لوزارة المعارف العام 1939، وتلاه اهتمام البرامج الوزارية للحكومات المتعاقبة بنشر المعارف كما في دستور العام 1940 ودستور 1946، ثم جاء قانون المعارف رقم 20 العام 1955، ثم قانون التربية والتعليم رقم 16 العام 1964 الذي استمدت فلسفة التربية والتعليم أصولها منه، تلاه قانون التربية والتعليم رقم 27 العام 1988 ويتم الآن العمل في ضوء قانون التربية والتعليم رقم (3) لسنة 1994 وتعديلاته الذي يتضمن تفصيلات كاملة تتعلق بفلسفة التربية وأهدافها المتمثلة بالأسس الفكرية والوطنية والقومية والإنسانية والاجتماعية واستمرارا لما بذله الآباء والأجداد.
وأكد ان النقلات والقفزات الكمية في مجال التعليم التي حققت منذ عهد الإمارة في الأعوام العشرة الاولى منذ تأسيس الإمارة العام 1921 وحتى الآن تتمثل بزيادة عدد المدارس الحكومية والخاصة التي كانت تبلغ في البدايات 53 مدرسة معظمها مستأجر في حين وصلت الآن إلى 6460 مدرسة تملك الدولة
78 % من مبانيها.
وأضاف، ان التطور شمل ايضا أعداد الطلبة حيث كان عددهم في الأعوام العشرة الأولى من تأسيس الدولة 4415 طالبا، في حين أصبح الآن أكثر من مليوني طالب وطالبة، وكان عدد المعلمين والاداريين 204 معظم غير أردنيين، وأصبح الآن 174925 معلما وإداريا في القطاعين العام والخاص وجميعهم من الجنسية الأردنية.
وأشار أبو غزلة إلى موازنة قطاع التعليم التي كانت 22350 دينارا وأصبحت 101.141.45000 دينار، وكانت الأمية تزيد على 80 % أما الآن فهي بحدود 5 % .
ووفق أبو غزلة نجد أن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني منذ توليه سلطاته الدستورية استمرت على النهج الهاشمي واسهمت رؤيته بتمكين المملكة من امتلاك موارد بشرية مؤهلة قوامها التميز والإبداع، وأدوات اقتصاد المعرفة وذات قدرة تنافسية عالية قادرة على الريادة والاستجابة لمتطلبات التنمية المستدامة حاضرا ومستقبلا.
ووضع جلالته التعليم على خريطة العالم كأولوية في التنمية البشرية وشهد القطاع التربوي مبادرات ملكية متعددة وخطط تطويرية بهدف الارتقاء بنوعية التعليم وتحقيق القدرة التنافسية العالية.
وبين أن التعليم احتل في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني مع دخولنا المئوية مكانة مرموقة على المستوى العالمي من حيث توفير فرص التّعليم للجميع، التي توفر أساساً متيناً يمكن الانطلاق منه إلى تحويل مهارات موارده البشرية تدريجياً نحو اقتصاد المعرفة؛ ،وشرع الأردن في عهد جلالته في الانتقال من عهد الألفية الإنمائية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والهدف الرابع منها وذلك لضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.
وشهد النظام التربوي مبادرات ملكية متعددة وخططا تطويرية بهدف الارتقاء بنوعية التعليم وتحقيق القدرة التنافسية العالية، ومنها خطة تطوير التعليم للاقتصاد المعرفي.
واوضح أبو غزلة ان الأردن حقق انجازات تعليمية ملموسة أبرزها ارتفاع نسبة الالتحاق بالتعلم في مراحل التعليم العام المختلفة، وإزالة التفاوت بين الجنسين في نسب الالتحاق وتعميم التعليم الأساسي والتوسع في رياض الأطفال، وتظهر الإحصائيات حجم ونوع الإنجاز الذي تم في محور التّعليم والتعلم، الذي يتضمَّن مسارات التّعليم والتعلُّم المهني، وتطوير المناهج والكتب المدرسيّة والذي توج بمركز وطني لتطوير المناهج وتطوير امتحان الثانويّة العامّة، وتدريب المعلِّمين، وتكنولوجيا التّعليم والمعلومات والاتّصال وتغطية المدارس تقنيا بنسبة 87 % ، وأيضا ما تحقق في الأبنية المدرسيّة والتجهيزات، وإعادة توزيع الأبنية المدرسيّة (المدارس المركزيّة) بالإضافة إلى التطوير في الإدارة التربوية والتشريعات المنظمة للعمل الذي يتضمَّن التوجّه نحو اللامركزيّة، وبُنية السلَّم التّعليمي، وتطوير معايير المُساءلة، ومعايير جودة التّعليم.
وأكد انه في ظل تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد، التي صبت بثقلها على كاهل قطاع التعليم في المملكة والعاملين فيه، إلا أن التوجيه الملكي لضمان استمرار التعليم لم يتوقف، واستجابت الوزارة واستمرت في بناء الخطط في التعليم عن بعد لضمان توفير التعليم لجميع الطلبة، فقد بذلت وزارة التربية جهودا كبيرة للاستفادة من المواد المتاحة لدى الوزارة والقطاع الخاص لتطوير منصة (درسك)، وقناتين تلفزيونيتين مخصصتين لتقديم دروس على الإنترنت تغطي الموضوعات الأساسية التي يشتمل عليها المنهج الدراسي، وتم استخدام القناة التلفزيونية الرياضية الأردنية لإذاعة برامج تعليمية مصممة خصيصا لطلاب “التوجيهي”.
كما طورت منصة لتدريب المعلمين لتقديم دورات تدريبية حول أدوات التعليم عن بعد، والتعلم المتمازج، وتكنولوجيا التعليم، فضلا عن تعديلها لأسس النجاح والرسوب، بما يناسب التعليم عند بعد، وطورت الادلة للتطبيق للمعلمين والطلبة وأولياء الأمور كشركاء أساسيين في العملية التعليمية.
من جانبه، أكد الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات أن قطاع التعليم حقق العديد من التطورات الكمية والنوعية، ففي مجال التطور الكمي أوضح عبيدات انه تم الانتقال من عدد محدود من المدارس لا يتجاوز عشرة العام 1921 إلى نحو 7 آلاف مدرسة حكومية وخاصة في العام 2021 ويتبع ذلك تطور واسع في إعداد المعلمين والعاملين في العملية التربوية. وأضاف، ان هذا التطور الكمي يعد طبيعيا جدا حيث يتكفل الزمن بذلك ولكن في الأردن كان هناك طفرات تعكس ارادة فرص التعليم و التوسع فيه.
واستعرض عبيدات ابرز التطورات الكمية والنوعية التي حققها النظام التعليمي منذ تأسيس الدولة وحتى الآن والمتمثلة بإقرار قانون للتربية والتعليم ينظم العمل التربوي ويحدد الأسس التربوية القانونية في قبول الطلبة واختيار المعلمين وتنظيم المناهج، تشكيل مجلس تربية وطني يشارك ويصيغ السياسات التربوية وخاصة بمجال المناهج الدراسية.
وبين عبيدات أن هذه الإجراءات أدت إلى نظام تربوي بمعلمين مؤهلين وسمعة إيجابية للأردن ونظامه التعليمي حيث أسهم المعلمون الأردنيون في بناء الأنظمة التربوية العربية.
وأكد ان كليات المجتمع ادخلت الحداثة بأوسع أبوابها وادخلت تخصصات جديدة نقلتنا إلى العصر التكنولوجي وكذلك الجامعات التي غطت جغرافية الأردن مساهمة في تحقيق أهداف خطط التعليمية التي نقلت الأردن إلى أطراف العصر الصناعي والرقمي.
وتمثلت أبرز التطورات الحديثة في التربية وفق عبيدات بإنشاء كل من المركز الوطني للمناهج، وأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، مشيرا إلى أن الأردن قطع شوطا مهما في مسيرته التربوية وما يزال أمامنا الكثير من المهام مثل تطوير التعلم عن بعد وإلغاء الفوارق بين البيئات التعليمية ومهننة التعليم وتكافؤ الفرص وصون كرامة المعلم وحقوق الطالب فهذه كلها هي أهدافنا القادمة مع التركيز على تعليم التفكير والارتقاء بعقل طلبتنا ليكون قادرا على العمل في المجتمع الرقمي.