عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Feb-2019

سوق المباركية في الكويت.. معلم تراثي مفعم بعبق التاريخ
 
الكويت -الدستور - رغم تطور الأسواق في الكويت وامتدادها العمراني وتصميماتها الحديثة فإن سوق المباركية الواقع في منطقة القبلة في قلب العاصمة له طابعه الخاص وأصبح مقصدا أساسيا للمواطنين والوافدين والسياح باختلاف الشرائح العمرية أو المجتمعية ومن شتى الجنسيات.
ويعد هذا السوق التراثي الشعبي الأشهر والأقدم في الكويت فقد كان ولا يزال يحافظ على مكانته التراثية والشعبية والسياحية والتجارية إذ يأتيه الزوار والمستهلكون وغيرهم من كل حدب وصوب حتى أصبح أحد معالم الكويت الشهيرة.
وتاريخيا نشأ هذا السوق قبل أكثر من 120 عاما بجهود التجار الكويتيين الذين كانوا يجلبون بضائعهم من العراق وإفريقيا والهند أثناء السفر إلى تلك البلدان بحرا.
وكان السوق قديما عبارة عن أكشاك وسمي باسمه هذا نسبة إلى حاكم الكويت الشيخ مبارك الصباح -المعروف بمبارك الكبير- لأنه أول من بنى (كشكا) في المباركية عام 1897 بعد سنة من توليه الحكم واعتبر "الكشك" ديوانا لإدارة الشؤون العامة والاستماع إلى آراء ومشكلات الناس ثم أصبح أول محكمة في الكويت وكانت تحيط بالكشك مجموعة من الأسواق.
ويمتاز هذا السوق ومحلاته بالطابع التراثي الكويتي القديم لكنه في الوقت نفسه يسعى إلى استقطاب جيل الشباب عبر مزج الطابع التراثي بالحديث إذ انتشرت في الآونة الأخيرة المقاهي والمطاعم الجديدة التي تقدم الأطباق العصرية كما خصص السوق مساحات لإقامة المعارض الشبابية التي تواكب الجيل الحالي ليصبح حاضنا للمشروعات الشبابية.
ويتماشى سوق المباركية مع جميع الفصول والفضل في ذلك يعود إلى الجانب المعماري المتميز بالأسقف الخشبية التي تغطيه وممراته للوقاية من الحرارة صيفا والبرد شتاء، ونرى في فصل الصيف انتشار أجهزة التبريد الداخلية والخارجية في هذا السوق كي يستطيع الزائر التمتع بالجلوس في المطاعم والمقاهي ذات المقاعد الخارجية.
أما في الشتاء فنرى أجهزة التدفئة في حين تضع بعض المطاعم والمقاهي سترة أو قطعة من القماش على مقاعد المطعم حتى يرتديها الزائر في حال شعوره بالبرد أثناء تناوله الطعام.
وبالطبع يلبي السوق احتياجات الأسرة كافة خصوصا مع تنوع محلاته التجارية ما بين الملابس وأخرى لاحتياجات المنزل ولوازم البر والسفر ومحلات الصرافة وأخرى للعطارة والتحف إلى جانب المطاعم والمقاهي المتنوعة علاوة على سوق لبيع الأسماك والخضراوات والفاكهة والتمور والعسل والمخللات والحلويات وغيرها.
وبالنسبة للرجال يعتبر سوق المباركية الوجهة الأولى لشراء احتياجاتهم من الملابس كأقمشة الدشاديش والغتر والعقل والبشوت والأحذية كذلك الكماليات مثل المسابيح والمحافظ والأقلام الرجالية وما إلى ذلك.
أما النساء فتتنوع المحلات الخاصة بهن مثل الملابس والعباءات ومستحضرات التجميل والأحذية والحقائب والخامات النسائية ومحلات الذهب والأكسسوارات وجميع الاحتياجات الأخرى،  ولم يغفل السوق عن الأطفال بل تتخلله محلات لألبسة الأطفال وأخرى للألعاب كما خصص مساحات واسعة للملاهي المجانية وضعت ليلعبوا فيها بكل أمان.
في موازاة ذلك تنتشر محلات العطور في السوق ويضم تقريبا جميع المحلات المعروفة الخاصة ببيع العطور على اختلاف أنواعها وتعد الأفضل لجلب البخور ودهن العود والعطورات العربية.
وعلاوة على ذلك فإن لسوق المباركية نصيبا كبيرا من احتفالات الكويت الوطنية أو حتى المشاركة فيما تحييه الكويت من مناسبات للأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي أو مناسبات أخرى.
فعلى وجه خاص يتشح السوق في احتفالات الأعياد الوطنية بالزينة وأعلام الكويت وتصدح في أروقته الأغاني الوطنية إلى جانب البضائع الخاصة باحتفالات هذه المناسبة وإقامة مسابقات ومعارض وتقديم الجوائز.
ووفق المدير العام لبلدية الكويت المهندس أحمد المنفوحي فإن منطقة أسواق المباركية التراثية تحظى بمكانة خاصة في نفوس أهل الكويت والمقيمين فيها وكذلك زوارها من جميع الجنسيات إذ تعد من أشهر معالم البلاد،مضيفا أن السوق التراثية ومحلاتها التي تتنفس عبق الماضي تمزج في تصميماتها الرائعة ما بين التراث بأصالته والمعاصرة بحداثتها إثر عمليات التطوير التي أجريت خلال السنوات الماضية ما جعلها مقصدا سياحيا.
وحازت البلدية باعتبارها الجهة المسؤولة عن تطوير هذه المنطقة على جائزة مجلس التعاون الخليجي للعمل البلدي في دورتها الثانية في تشرين الثاني الماضي محققة المركز الأول عن مشروع أسواق المباركية من الأمانة العامة لمجلس التعاون.
وكلفت بلدية الكويت وفق رئيس فريق تطوير أسواق الكويت العاصمة المهندس حسن الكندري منذ تأسيسها في 13 نيسان عام 1930 بالعديد من المهام الخاصة بالأسواق العامة ومنها (المباركية) لا سيما حراستها ومراقبتها والحفاظ على نظافتها.
ويحتفظ سوق المباركية بطابع هندسي جميل ومميز من حيث طبيعة المحلات والدكاكين وأسقفها من الخشب (الجندل) و(الباسجيل) بأشكال هندسية متناسقة ،وشهد عمليات تطوير بناء على دراسات متخصصة ،شملت السوق المغطى بالكامل والذي لا يتأثر بتقلبات الطقس ساحة الصفاة وإنشاء مشروع سوق الخضار واللحم والسمك فضلا عن تجديد سوق الزل (السجاد) والبشوت (العباءات).
وشملت عملية التطوير التي قامت بها بلدية الكويت ممثلة في جهازها الفني من جهة والقطاع الخاص من جهة أخرى وضع مظلات خشبية ذات طابع تراثي قديم فضلا عن تصميم وإنشاء ممرات خاصة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ،واهتم البلدية بالطابع الجمالي والهندسي للسوق إذ وضعت لوحات إرشادية بمسميات الأسواق القديمة في المنطقة إضافة إلى الزراعات التجميلية وتوفير جميع الخدمات التي يحتاجها رواده،اضافة الى توفير أنظمة تبريد للسوق اسهمت بزيادة أعداد زواره.
ووفق مراقب المباني التاريخية في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس عبدالله البيشي فإن المجلس يعد الجهة المعنية بتطبيق المرسوم الأميري المعني بالحفاظ على الآثار والتراث المعماري في البلاد،وأنه تم العمل على الحفاظ على منطقة أسواق المباركية لأصالة المكان وكذلك الحفاظ على الممرات القديمة (السكيك) وتعريف الجمهور بمسمياتها.
وتحاكي المباركية وفق الباحث في التراث الكويتي حسين القطان في تصميمها الأسواق الكويتية القديمة تتفرع منها أسواق السمك واللحم والحلوى والبشوت والجملة والتجزئة في منطقة واحدة ويأتي في نهايتها سوق الغربللي الذي يحتضن كشك (الشيخ مبارك).
ولفت إلى أن دكاكين السوق المتقابلة فهي مرتفعة عن سطح الأرض حيث كان الباعة يعرضون بضاعتهم جالسين ليتمكن المستهلك من الشراء بسهولة.
وتعد اسواق المباركية بحسب مهدي البحراني وهو صاحب أحد المحلات التجارية في المنطقة قبلة لزوار الكويت ما يجعلها تشهد حركة متميزة تسهم بتنشيط حركة السياحة بالبلاد،مضيفا أن  اسواقها تعد من أفضل الأسواق في المنطقة إذ تتميز بتنوع بضائعها وتمركزها في منطقة واحدة ما يوفر الوقت على المستهلك الذي يشتري حاجته من هذه الأسواق دون عناء التنقل من مكان إلى آخر.
وقال الزائر أحمد بهزاد من مملكة البحرين إنه يحرص على المجيء إلى منطقة أسواق المباركية التراثية عند كل زيارة يقوم بها إلى الكويت لا سيما أنها تعد من أبرز وأشهر معالم البلاد،لافتا  أن جنبات المنطقة التي تحتضن العديد من المحلات والمقاهي الشعبية والاستراحات والمطاعم التي تقدم المأكولات والمشروبات الشعبية اللذيذة تجسد تاريخ الكويت العريق.
وأعرب الزائر سلمان الفجري من سلطنة عمان عن بالغ إعجابه بهذه المنطقة التي تشكل أسواقها التراثية تحفة معمارية شعبية ترمز إلى حياة أهل الكويت في الماضي.
وقال الفجري إنه يشعر في كل زيارة يقوم بها إلى السوق وكأنه يعانق التراث الكويتي ، مضيفا أنه يشكل أيضا نقطة للالتقاء بمختلف الجنسيات والفئات العمرية ويمتاز بتنوع البضائع المعروضة وانخفاض الأسعار.